سؤال لقطاع الشمال
الحكومة السودانية جددت الأسبوع الماضي على لسان بروف غندور جاهزيتها واستعدادها لخوض جولة مفاوضات جديدة بشأن قضايا المنطقتين -جنوب كردفان والنيل الأزرق- والمفاوضات المعنية طرفها الثاني هو قطاع الشمال الذي ترتدي قياداته (كاب الجبهة الثورية).. أيضا..
هذا التصريح يأتي برغم كل تراكمات الأحداث والمواجهات والنشاطات العسكرية للجبهة الثورية باعتبار أن الحكومة لو اعترفت بالقطاع فإنها لا تعترف بالجبهة لكنها استطاعت التمييز وتحييد مشاعرها نوعا ما بإعلانها لهذا التصريح..
الحكومة حسب تصريحاتها متمسكة بأن يكون التفاوض محددا حول قضايا المنطقتين وقادة قطاع الشمال على موقفهم القديم بأن يشمل التفاوض كل قضايا السودان.. هذه هي عقبة حمار الشيخ (نطاق التفاوض) ولا شيء سواه.. بمعنى أن الحكومة لو وافقت على شرط شمول نطاق التفاوض قضايا دارفور والشرق وبقية قضايا السودان فإن السادة قطاع الشمال سيكونون متحدثين باسم كل السودان ومفاوضين باسمنا جميعا بلا استثناء وبتفويض يمنحه هذا القطاع لنفسه دون إذن ولا تخويل شعبي أو جماهيري من أحد في بلد به مليون قضية ومليار مشكلة وعدد غير محدود من الأحزاب التي تنتجها الساحة كل صباح جديد..
ولنسأل عقار والحلو وعرمان سؤالا موضوعيا هل من العدالة أو الديمقراطية التحدث باسم كل أهل السودان بدون تفويض وبتجاوز لكل مكونات الساحة السياسية المعارضة نفسها حين ينحصر الحل باعتقادكم في إطار أطروحتكم وما ترونه أنتم فقط كقطاع شمال أو جبهة ثورية بحيث يكون ما يتم الاتفاق عليه هو الروشتة الدوائية التي سيتبنى عرمان وعقار والحلو مع الحكومة فرضا أن نتجرعها نحن وتتجرعها كل مكونات الساحة السياسية وجماهيرها مثل الأطفال..!
ليس عدلا أن يكون شرطكم إما التفاوض على هذا النطاق نطاق السودان أو إبقاء الأمر على حاله.. ليس عدلا حتى ولو قررت قيادات القطاع تضمين وفدها بممثلين لبعض قوى التحالف فليس هذا هو المنطق والعدل يا عقار ويا عرمان ويا حلو..
وماذا كان يضير لو اغتنموا فرصة الحوار الذي يتم برعاية الآلية الرفيعة وثامبو امبيكي ليتم التوصل لحلول في قضايا المنطقتين ثم يتركوا بقية القضايا لطاولة أخرى فيكون موقفهم أكثر نبلا واحتراما بالنسبة لمواطن جبال النوبة والنيل الأزرق الذي يعاني أكثر من غيره بسبب تعليق مصير قضيته بقضايا السودان كله وقضايا مناطق أخرى لا تزال مجموعات أخرى تتبناها بشكل محدد على مستوى نطاقها ومستوى الأجندة المطروحة..
لا يضير في شيء لو تم التفاوض حول المنطقتين وبعده واصل (المناضلون) الكرام نضالهم للبحث عن طاولات أخرى لبقية القضايا مع الآخرين في الساحة والذين ليس بمقدوركم إلغاؤهم..
ثم إن فكرة الإلغاء؛ إلغاء الآخر نفسها فكرة لا تنسجم مع لسان الديمقراطية والإصلاح والتصحيح والثورة والمصطلحات الليبرالية المتداولة..
لماذا قبلتم من قبل بنيفاشا التي كانت محددة بالأساس لحل مشكلة الجنوب وتداعيات جغرافيتها القريبة.. لماذا انخرطتم فيها وتجاوبتم معها وقبلتم مناصبكم ومواقعكم على أساسها وهي لم تقدم معالجة حاسمة لقضايا التحول الديمقراطي في السودان ولم تضعها شرطا من الشروط ولم تكن تتضمن شرط تنازل النظام عن السلطة.. هل لديكم إجابة عن هذا السؤال وأنتم اليوم تتبنون هذه الشروط وحتى لو تضمنت معانيها فقد تم إقحامها (كتحلية) لحل مشكلة الجنوب وحتى قضايا المنطقتين سبب تعقيدها هو البنود الهلامية في اتفاقية الانفصال.. (ما حك جلدك مثل ظفرك).. قضايا السودان أكبر منكم وحواء السودان والدة وحواء المعارضة أيضا والدة آخرين غيركم اتركوا لهم معكم مجالا يا عباقرة ويا أبطال ويا مناضلين..!
مفاوضات المنطقتين لا منطق في تعطيلها إلا النزعة الشمولية المتأصلة في نفوس من يدعون أنهم ديمقراطيون وأنهم ضد شمولية نظام الإنقاذ..!!
[/JUSTIFY]جنة الشوك – صحيفة اليوم التالي