تصفية الحركة.. طريقان!!
أزقة شوارع سوبا الأراضي الضيقة وغير المعبدة، والمتقاطعة فى بعض المناطق بعشوائية، وفى بعض الأحيان تقود لطرق مسدودة، ولكنها مع ذلك استضافت جزءاً من احتفالات الحركة الشعبية بالذكرى الـ (26) لتأسيسها، شعرت ان خارطة الحركة حكم عليها ان تسير وفقا لمخطط سوبا الأراضي!!، الأمر الذى يجعل مسيرتها شاقة وربما اكثر من أي وقت مضى من تاريخها.
الجانب الاخر للاحتفالية كان بامبدة، ولكن شوارعها المسفلتة والمتشابهة، جعلتنا نتوه بعض الوقت، سخر منا بعض شباب الحي، ولكن اخبرناهم ان مخطط خليل لغزو الخرطوم كان واحدا من اسباب فشله الشوارع التى لاتحمل اية اشارات، غادرناهم والشمس قد غربت، وبجانب الطريق جلس اثنان استفسرناهم عن مقر الحركة، او مكان ندوة الحركة، بديا «ساهمين» فقال احدهم الذى اقترب بحذر، واشار الى ان ثمة ميدان على بعد شارعين، وان عزاءً فى الزواية الاخرى من الشارع، صمت قليلا وقال إن (منسقية للدفاع الشعبي تقع فى نهاية الشارع)!!. وبين ازقة سوبا المتعرجة، وعدم وضوح صورة الحركة فى اذهان الكثير من العامة حتى بعد مضي اربعة اعوام من وصولها للحكم، مثلما لم يتضح لنا بيسر مكان ندوة امبدة، بدا ان ما ينتظر الحركة اكبر مما قد تجاوزته، وصادفته ايام العمل المسلح.
الحركة كانت تدرك التحديات والمطبات التى تعترض مسيرتها، وقد استفادت من تراكم خبراتها فى الخروج بشكل اقوى امام كل امتحان فما لا يقتلها كان يقويها.
فالحركة وخلال احتفالها بذكرى تأسيسها سعت لبدء حملتها الانتخابية قبل موعدها، عبر استعراض عضلاتها التنظيمية بإقامة (26) فعالية فى محليات الخرطوم المختلفة، وعلى تعبير ياسر عرمان نائب الامين العام جعلت لكل عام احتفالاً خاصاً بمكان منفصل. ورغم رمزية التصرف من الحركة الا انها دشنت حملتها الانتخابية بولاية الخرطوم قبل موعدها فى شهر يونيو القادم.
وبالرغم من ان الحركة كانت تجدد ارسال الاشارات حول مخطط لتصفيتها وتقسيمها، وتفتيت مؤسساتها السياسية، التشريعية، والتنفيذية. عبر اغراء مجموعة مما وصفتهم بالانتهازيين لخلق تشويش حول صورة ومواقف الحركة، بجانب إحداث شرخ فى صفوفها.
كل هذه الفرضيات وجدت طريقها الى اسماع الناس بشكل او اخر، لكن الامر غير المتوقع هو ما كشف عنه ياسر عرمان فى احتفائية القضارف الأخيرة عن ان ثمة مخطط خطير يجري تدبيره للحركة، وقال إن هنالك قوى تعمل على إعداد و تدريب أشخاص فى حجر العسل ثم نقلهم الى الخرطوم فى مقبل الايام لتخريب عمل الحركة الشعبية كما حدث لحزب الأمة من قبل فى دار حزبه، وأضاف الرجل: الحركة لاحظت بعض التحركات لتجميع مجموعة مجندين سابقين لا علاقة لهم بالحركة من جهات بعينها، فى سياق عمل عام منظم لمهاجمة الحركة سياسيا وإعلاميا، ويزيد عرمان ان هذا العمل محكوم عليه بالفشل.
ويبدو من المصادفات الغريبة إنه فى الوقت الذي يشهد تقاربا سياسيا بين الحركة وحزب الأمة، ربما يتوج بتحالف انتخابي اذا سارت الأمور بشكل جيد، فان السيناريو المعد لضرب الحركة -بحسب قياداتها- استخدم فى السابق لضرب الامة. بيد ان عرمان يشير الى ثمة فرق بين حال الحركة والأمة، ويضيف ان هناك اختلافاً فى الظروف وطبيعة اتفاقية السلام.
وان كان من الصعب الحصول على كل تفاصيل العملية، واعداد الذين يجري تدريبهم بمنطقة حجر العسل، لكن من المتوقع ان تشكل العمليات التى قد تنفذها مثل هذه المجموعات – فى حال وجودها- خطورة على وضعية الحركة الشعبية.
ويمكن القول إن بمقدور تلك المجموعات احتلال دور الحركة، او حتى الاعتداء على بعض قيادات الحركة. الا انه من الواضح ان الحركة سعت لارسال اشارات بعينها تفهم كنهها هي والطرف الاخر فقط، ويبدو ان الاشارات ستتواصل في سياق لكل حادث حديث.
ويرى مراقبون ان الحركة كثيرا ما رددت الحديث عن مخططات تخريبية تسعى لضربها بصورة عامة، وقطاع الشمال بصورة خاصة لحصر الحركة فى الجنوب، وتعطيل مشاريعها للتحالفات والتنسيق خاصة مع مقدم الانتخابات، ويضيفون ان ذلك نتاج بعض الصراعات السياسية والفكرية بين الحركة ومناوئيها. وبحسب ذات المراقبين فان على الحركة الا تتكهفن.
ويتوقع الزين عثمان المحلل السياسي الا يحدث تاثير يذكر على نشاط الحركة، ويضيف ان دورها ستظل مفتوحة و انشطتها متصلة، ويزيد ان نجاح المخطط رهين بتعطيل الحركة، وينبه فى ذات الوقت الى ان الحركة هى التى كشفت عن المخطط وليست أية جهة اخرى، كما يشير الى ان الحملة التى دشنتها الحركة مؤخرا بخصوص ضبط العضوية وتنظيمها، يمكن ان تأتي لتلافي حدوث المخطط، بجانب التأهب للانتخابات.
ويلفت عرمان الى وجود ترتيبات شاملة لحماية الحركة وقياداتها، ويقول ايضا إن الحركة تسعى لعمل سياسي نظيف وديمقراطي، وانها تعمل على خلق علاقات سياسية مع الجميع سواء فى مقعد الحكم اوالمعارضة فى سبيل حياة سياسية تقوم على اساس المصالحة و التوافق.
تحذيرات عرمان عن المخطط الخطير، كانت تستند على معلومات بشكل او اخر، فلا يوجد دخان من غير نار، واذا صح فإنه بمثابة فصل جديد من التصعيد ضد الحركة، يمكن ان يقود الى مسارين لا ثالث لهما فاما حفز وحشد مناصري الحركة للفوز فى الانتخابات، واما كان تاثيره سلبي ومحبط.
محمد عبد العزيز :الراي العام