سعد الدين إبراهيم

علوبة درويش (2 – 1)


[JUSTIFY]
علوبة درويش (2-1)

في بدايات الصبا كانوا يطلقون عليه لقب(التُخة) وتعني البدين الأجوف ربما اللقب الساخر ضريبة يدفعها إحجامه دائماً عن اللعب غير الآمن وقد انهزم في معارك لأنه لم يكن يرغب في العراك، فيباغته خصمه فيطيح به أرضاً، لعل صوت ارتطامه بالأرض (تخ) نتج عنه اللقب.الآن تحول اللقب بقدرة قادر الى(الفنجري) ولنقفز بعلوبة درويش من الصبا الى يوم أن خرج ويوم أن جاء.

ü يوم الخروج:

زحمة في السفارة.. خروج مرير.. حقيبة صغيرة فيها ملابسه وحقيبة أكبر فيها لوازمه (ويكة… شرموط ناشف.. منين.. شطة) خرج ولم يكن في وداعه أحد.. هم بضع معارف يخرجون الى مدينة غريبة هناك. لم تكن نغمة الاغتراب رائجة لا يطرقها إلا مغامر. خرج حزيناً لم يحقق أي حلم حتى حلمه الصغير في أن يكون رساماً.. يعرض لوحاته دون خجل ويقيم معارضه دون ازدراء.. صحيح لم يدرس الفن التشكيلي لكنه يتمتع بالموهبة. لم يجد اعترافاً بلوحاته إلا مجاملة من صديق أو مطايبة من شقيق.. خرج يحمل أحلامه الصغيرة والكبيرة معاً.

ü يوم العودة:

عاد ذات يوم موكب من العربات تحمل أطناناً من الحاجيات ويهدي الى ناس الحلة (من طرف) من هو «علوبة درويش» هذا.. كل يحكي على هواه. ثروة كبيرة وضخمة طرحت الأسئلة المكابرة. لم ينتظر الناس الإجابات.. خمنوا.. أشاعوا.. إنها (جِنِّية) تخاويه.. إنه سفلي.. إنها فرصة عمر.. إنه غسيل أموال بل هو مصباح (علاء الدين) أصبح اسم علوبة درويش اغنية يشدو بها الجميع.. اصطف الجوعى.. المرضى الحزانى.. أصطف المصلحيون.. السماسرة.. الدَّجالون.. النَّمامون الأدعياء . وضمنهم بضع أخيار.. جاءوا من كل فج واصطفوا زرافات ووحداناً.

ü أيام الله السبعة:

السبت: اشترى (علوبة درويش) دكان اليماني وصراية الهندي وبقالة(نيكولاس). اشترى الروضة.. المستشفى.. نادي الحي والتكية.. اشترى الجمعية الخيرية واللجنة الشعبية والمؤتمر الجامع.

ü الأحد: أقام معرض رسوماته الأول وافتتحه عميد كلية الرسامين مشيداً برحابة فضاءات موهبة (علوبة) التي تفضي الى إبداع تقليدي لكن بسيقان حداثية قادرة على الركض في (فسيفساء) اللون ورامحة في (قرميد) الفكرة التي تبدو روتينية ولكنها ذات طابع مدهش.

ü الاثنين: في صفقة كبيرة اشترى(علوبة درويش) حوش الأفندي.. هذا الحوش به ميدان كبير خمسة أفدنة من الأرض.. عاش فيه الأفندي وأولاده.. زرع معظمه أشجاراً مثمرات وبنى فيه بيتاً ريفياً جميلاً على الطراز الإنجليزي.. جار الزمن بعائلة الأفندي فلم يبق سوى ابنته «ماريا» وولداها «سامي وطلعت» وهما يحلمان بهجرة نهائية الى أمريكا أو المملكة المتحدة.

وظل هذا حلمها ودأبها على تحقيقه.. عرف علوبة بذلك فساومها وأمهما التي لا حيلة لها في اتخاذ القرار سوى الإذعان لرغبة الولدين خاصة وقد قررا أن عملهما وزادهما ودراستيهما العليا لن تتم إلا في المهجر.. لم يقترح المال الجزيل فقط بل هيأ لهما الهجرة أينما يريدان.. عملة صعبة وتهوين أمر شاق فباعوا الحوش بفرح غامر.. أقام الحي أمسية حافلة حضرها أئمة الطرب في الحي والأحياء المجاورة حتى مغني الحي وشاعره دبجا أغنية بهذه المناسبة تقول: علوبة ود درويش يا عيني أنا.. قدحك يكفي جيوش يا عيني أنا.. ماك البقول مافيش يا عيني أنا.. جبت الغموس والعيش يا عيني أنا..!

الجمعة القادمة نواصل يوميات الثلاثاء والأربعاء والخميس وخبر الشيخ أبو البنات.
[/JUSTIFY]

الصباح..رباح – آخر لحظة
[EMAIL]akhirlahzasd@yahoo.com[/EMAIL]