المستشفى الكبير.. للعدالة وجوه كثيرة..!! عقودات طائرة وخصم من البديل النقدي وفصل تعسفي..!!
قالت ادارة مستشفى الخرطوم التعليمى انها «تريد أن تحقق العدالة وسط العاملين» عندما سألتها «الصحافة» إثر احتجاج وسط العمال أثاره خصمها 7% من البديل النقدى لعام 2009م سبقه خصم وصل الى 30% لبديل العام السابق، فى الوقت الذى رشحت فيه معلومات تؤكد قيام وزارة المالية والصحة بتنزيل البديل كاملا مع عدم وجود مخاطبات داعمة سلوك ادارة المستشفي … ووفقا للقانون فإن البديل النقدى هو استحقاق لأى عامل بالدولة عن إجازته السنوية، وتتدرج قيمته حسب السلم الوظيفى والحالة الاجتماعية للعامل، فالعازب يصرف له مرتب شهر والمتزوج وله طفل فأكثر يبلغ استحقاقه مرتب ثلاثة أشهر.
وقبل أن نطرح اوجه العدالة التى سعت الادارة الى تحقيقها «والتصرف غير الصحيح على ذمة مراجعين وإداريين» نشير الى قضية أخرى ربما تحمل وجها آخر لعدالة مستشفى الخرطوم، ذلك ما كشفه المشرف الإدارى السابق بقسم عنابر مستشفى الخرطوم التعليمى بكرى مصطفى البدرى، عن نيته تقديم شكوى للطعون الإدارية بعد تعرضه للفصل التعسفى من قبل إدارة المستشفى، ومنعه دخولها لأسباب غير معلومة، مع إشارة لفشله فى تلقى رد على تظلماته المكتوبة للمستشفى ووزارة الصحة.
وقال بكرى انه تم توقيفه فى الأول من يناير من هذا العام يوم عطلة» وإيقاف مرتبه فى 18 فبراير دون تقديمه لأى مجلس محاسبة، وحسب المستندات «تحصلت الصحافة على نسخة منها» فقد تم توقيفه للغياب، مشيرا الى عدم صحة الاسباب التي ساقها قرار الايقاف، والدليل بذات المستندات. ويذهب بكرى الى ورود أخطاء فى صيغة الخطاب منها مخاطبته بصيغة المؤنث.
والحدث الثالث يحمل نوعا من تلك العدالة وفقا لادارة المستشفى وهو عقدا كافتريا القسم الجنوبى وكافتيريا الاطباء والعاملين، اذ مازال الطريق الى تسويتهما طويلا، بعد أن رفضت المستشفى مبدأ التسوية وآثرت «جرجرة» المحاكم. وفي ما يلى القصص الثلاث لنتبين عدالة المستشفى الكبير، اذ يبدو أن للعدالة وجوها كثيرة.
? القصة الاولى:
قصة البديل النقدى، اذ ان العاملين بمستشفى الخرطوم اثاروا احتجاجا بعد ان علموا من النقابة انه تم خصم 7% من البديل النقدى لهذا العام، وطالبتهم النقابة بعدم صرف البديل لحين إكماله لعدم قانونية الإجراء.. «الصحافة» كانت هنالك وشهدت تفرق المحتجين وذهابهم لصرف مستحقاتهم، وتساءلت عن السبب، فعرفت من أحد العاملين «فضل حجب اسمه» ان إدارة المستشفى «هددتهم» بأنها ستودع البديل النقدى حال عدم استلامه كأمانات بخزينة المستشفى، مشيرا الى انهم باعتبارهم عاملين لم يتأثروا كثيرا، لأن الخصم كان بسيطا، وان الجهات الأكثر تضررا منه الدرجات الوظيفية العليا، ذاكرا ان الخصم لديه بلغ سبعة جنيهات، مشيرا الى وجود آخرين وصل الخصم لديهم 200 جنيه… وحتى تتحصل الصحيفة على إفادات اكثر حول الامر، اتصلنا برئيسة نقابة العاملين دكتورة سعاد التى شرحت واستفاضت قائلة: قبل أن اتحدث عن الخصم الذى حدث لدى ملحوظة فى البديل النقدى هى أن البديل النقدى كان «بنزل» 1 على 12 شهريا من الميزانية فى المرتب، ويجمع فى خزينة المستشفى، ويتم صرفه للعاملين بالمستشفى البالغ عددهم ثلاثة آلاف عامل على دفعات حسب التخصصات «عمال، موظفين، كوادر مساعدة». وتواصل الدكتورة سعاد: «ما حدث هذا العام أنه تمت تغذية البديل النقدي دفعة واحدة لكل الفئات حسب كشوفات العاملين» سألتها عن المبلغ؟ فقالت كان تقريباً مليونا و560 جنيها، والتغذية نزلت من وزارة المالية كاملة حسب المبلغ المرصود فى الموازنة، لكن اتضح بعد ذلك توزيعه بنسبة 93%، اى بنسبة نقصان 7%. وتذهب سعاد الى القول ان هذا الخلل نتج عن وجود بعض الإخفاقات فى سجلات شؤون العاملين تتضح فى عدم إرفاق مستندات تخص بعض العاملين ترفع من معدل استحقاقاتهم .. ما دفع مديرة شؤون العاملين الى رفع مطالبة اخرى بالاستحقاق فى ابريل بفارق 97 جنيهاً، لكن وزارة المالية صدقت المطالبة الاولى وهى ألف و560 جنيها حسب ما كان بالسجل، وقامت بتوزيع المبلغ بالتساوى بين العاملين بنسبة 97%. وترى سعاد انهم بصفتهم نقابة لا بد لهم من تحصيل حق العاملين فى ذلك. مشيرة الى مشاورات جارية بخصوص هذا الامر. بجانب متأخرات الفصل الاول لعام 2008م والتى بلغت نسبتها 30% مع النقابة العامة ينتظر أن تأتى بنتائج.
كان ولا بد من حمل المشكل ووضعه امام المدير الإدارى لمستشفى الخرطوم الفاتح مكى، الذي أنكر الإدعاء الخاص بتهديد العاملين. وقال ان ما حدث كان تنويرا لهم من إدارة المستشفى بالمبلغ الوارد وطريقة توزيعه. وفى توضيحه لما اثير حول البديل النقدى قال: اعترف ان البديل النقدى جاء كاملا. واستدرك قائلا : «لكن الكثير من العاملين يجهلون حقوقهم، وكان نتيجة لذلك عدم إرفاقهم المستندات اللازمة من قسيمة وشهادات أطفال، رغم ان مديرة شؤون العاملين الجديدة نبهت العاملين بضرورة تسليم كل الوثائق الداعمة». ويذهب الى ان قسيمة الزواج تعطى العامل بدل شهرين، وشهادات الاطفال بدل ثلاثة شهور… مواصلا حديثه: «وكل الاموال التى وردت لخزينة المستشفى تم توزيعها على العاملين بالتساوى، بحيث تحصل العامل مثلا على 539 جنيها بدل 150 جنيها !». وأكد الفاتح ان المستشفى لم تأخذ منها جنيها واحدا، مشيرا الى رفضهم مبدأ كانت قد نادت به نقابة العاملين، وهو ان تقوم المستشفى بدفع الفرق من ميزانيتها.
وحول طلب «الصحافة» صورة من تفاصيل الاموال التى وردتها المالية، طلب الفاتح إمهاله ساعات ليتم المطلوب، عندها اتصل بي ناقلا رغبة المدير العام للمستشفى فى مقابلتى، وتوجهت عند منتصف النهار الى حيث مبانى المستشفى، ووجدته فى انتظارى بمكتب نائبه، مبتدرا حديثه بوجود جهات تحاربهم عبر الإعلام، متخوفا ان أكون ضمن هذه الحمله، وردا على سؤالي الخاص بالبديل النقدى اجاب دكتور عبد الله عبد الكريم المدير العام لمستشفى الخرطوم انهم أرادوا من ذلك تحقيق العدالة بين العاملين.. ويبقى السؤال أين العدالة هذه التى تأخذ من هذا لتمنح ذاك ؟.. . وكيف تسمح وزارة المالية والصحة بمثل هذا التصرف؟
? القصة الثانية:
صاحبها المشرف الإدارى السابق بقسم عنابر مستشفى الخرطوم التعليمى بكرى مصطفى البدرى، الذى جاء لـ «الصحافة» وهو يحمل مستندات يرى انها تؤكد عدم صحة إدعاء فصله، وهو التغيب عن العمل ابتداء من الاول من يناير من هذا العام. ويقول الخطاب الصادر بحقه من شؤون العاملين بتاريخ 29 مارس بواسطة رئيس العمال «ان المذكور متغيب عن العمل بدون عذر شرعى منذ 1 يناير 2007م، ووفقا للمادة « 48/10» من قانون الخدمة لسنة 2007م مقروءة مع المادة «150» من لائحة الخدمة المدنية، فقد تقرر فصله عن الخدمة اعتبارا من 1 يناير».
بكرى قال في حديثه لـ «الصحافة» انه لم يتسلم قرار الفصل عن طريق «السيرك» بل تحصل عليه بطريقته الخاصة، وقام بعدها بتوجيه مخاطبات لكل من مدير المستشفى ونائبه يوضح فيها حججه التى جمعها لدحض سبب الإيقاف، بجانب خطاب آخر لنائب المدير يتعلق بمنعه من الدخول لحرم المستشفى. ويذهب بكري الى انه لم يتلق ردا على مكاتباته، ولم يجر له حتى مجلس للمحاسبة، علما بأنه كان حضورا طيلة الفترة المذكورة حسب إقرارات تحصل عليها من وحدة الصحة والبيئة، وأخرى من وحدة دكتور عبد العزيز احمد محمد نور اختصاصي الباطنية والصدر، يقول الإقرار الصادر عن وحدة الدكتور عبد العزيز إن الموقعين عليه يقرون ويعترفون بأن المشرف بكرى مصطفى البدرى كان ومازال يأتى الى المكتب ويشرف عليه، ويقوم بتفقده ونظافته منذ اربعة اشهر، وتاريخ الإقرار كان فى التاسع من شهر ابريل، والموقعون هم نواب الاختصاصيين بالوحدة دكتور محمود ودكتور يوسف ودكتور فوزى، اما إقرار وحدة الصحة والبيئة الموقع بتاريخ 19 ابريل من ضباط الصحة آمنة ومنى وشيرين فيقرون فيه ان المشرف بكرى كان حضورا يوميا لمكتبهم، ويرونه يوميا بالعنابر منذ عملهم بالمكتب حتى تاريخ كتابة الإقرار. ويستند بكرى الى مخاطبة أجراها فى الموافق 13 فبراير موجهة للوحدة الهندسية يطلب فيها إرسال فنى لصيانة جهاز تكييف مكتب دكتور عبد العزيز احمد، وتمت الإجابة على التوجيه فى نفس اليوم، وفى ذات الخطاب بأنه تم إجراء اللازم بتوقيع بابكر على إبراهيم. وكشف بكرى لـ «الصحافة» عن نيته تقديم شكوى للطعون الإدارية بعد فشله فى تلقى رد على تظلماته، لكل من إدارة المستشفى ووزارة الصحة.
? القصة الثالثة:
قصة عقدي كافتريا القسم الجنوبى وكافتيريا الاطباء والعاملين التى مازال الطريق امام تسويتهما طويلا، بعد ان رفضت المستشفى مبدأ التسوية، وآثرت «جرجرة المحاكم»، وبما أن قضية كافتيريا الاطباء والعاملين ينظر فيها امام المحكمة، فإننا نتركها ونتطرق الى قضية عقد كافتيريا القسم الجنوبى على ذمة صاحب العقد بابكر بليل، الذى جاء الى مقر «الصحافة» بعد ان استفسرناه حال حصولنا على نسخة من العقد، عن أصل الحكاية، فقال: كان بينى ومستشفى الخرطوم عقد كشك داخل حرم المستشفى، بالقرب من مبانى الكلى، ثم بعد ذلك اخطرتني ادارة المستشفى برغبتها فى استغلال الموقع، وتم ترحيلى الى مكان آخر بالناحية الغربية للحوادث، وتم بعدها إخطارى بخطاب يفيد بانتهاء العقد وعدم رغبتهم فى تجديده، وطالبوني بإخلاء الموقع رغم توجيه من وكيل الوزارة لإدارة المستشفى يطالبها بتجديد العقد وفق اللوائح، لكن لم تتم الاستجابة وأخليت المكان.
سألته عن حكاية عقد كافتريا الجنوبى فقال: اجتمع بى مدير عام المستشفى ونائبه وقررا منحى كشكا فى القسم الجنوبى يضم وحدات للقهوة والعصائر والساندوتشات، بجانب متجر لتوفير مستلزمات المستشفى، على ان أشيده بنفقتى الخاصة. وبالفعل وافقت على ذلك، وقمنا بكتابة العقد وتوثيقه بوزارة العدل، وكلفنى التوثيق حوالى 205 جنيهات. وفى حضور المدير العام والمستشار القانونى تم تسليمى الموقع، وبدأت في تحضيرات المبانى بإنزال الطوب والرمل والحجر الصخرى حسب طلبهم، وعندما بدأت فى اعمال الحفريات اعترضنى المدير الإدارى وقال لى «العطاء وقع لزول تانى»، ويري بليل ان الاعتراض جاء لصالح احد أقرباء مسؤول كبير بالوزارة. ومواصلا حديثه قال: قابلت الوكيل والمدير العام للمستشفى فقالا لي هناك محكمة ومظالم امشى ليها.. ويذهب بليل للقول انه ظل طوال الفترة السابقة يبحث عن تسوية للامر لكن كل محاولاته باءت بالفشل. وهو ينتظر ردهم على خطاب مستشاره القانونى.
وتشير «الصحافة» الى أنها حصلت على صورة من العقد المبرم بين الطرفين، وهو موثق بختم وزارة العدل وتوقيع مدير مستشفى الخرطوم دكتور عبد الله عبد الكريم بشهادة المستشار القانونى للمستشفى سيد الكيال الذى أقرَّ بصحة التوقيعات على العقد المبرم فى الثانى من أبريل لعام 2008م، ويقول نص العقد إن الطرف الاول يمثل مدير العام للمستشفى والطرف الثانى هو بابكر بليل الذى يصفه العقد بأنه تقدم بعرضه لتشييد كافتريا بالقسم الجنوبى الخاص بمستشفى الخرطوم، وفقا للمواصفات بالكميات والاسعار الواردة بتكلفة بلغت «38000» جنيه، وبما ان الطرف الأول قد وافق على قبول العرض فقد اتفق الطرفان على التعاقد. وقد اقر العقد لبليل بالتزامات منها استلام الموقع والبدء الفورى فى التشييد، وان يكون الإيجار الشهرى لها 3500 جنيه تخصم من قيمة التكلفة لحين الانتهاء من سداداها، واخرى تتعلق بمطلوبات التشغيل التى هى من غير المفيد إيرادها هنا، لان المحل لم يسمح حتى بتشييده، اما الطرف الاول المستشفى، فعليها التزامان فقط هما تسليم الموقع المتفق عليه وتمكين مهندس من الإشراف وإبداء الملاحظات.
يبقى السؤال بشأن قضية بليل، انه هل يجوز ان تتعاقد ادارة المستشفى مع جهتين مختلفتين فى آن واحد؟ وما هى حكاية الآخر الذى له صلة بمسؤول كبير فى الوزارة؟ برغم ان العقد لا يجوز فتح اى عمل تجارى داخل مبانى القسم الجنوبى طيلة فترة الايجار، علما بأن الفترة تمتد حتى نهاية شهر يونيو من العام 2010م.
ونختم بقصة أخيره لا علاقة لها بمستشفى الخرطوم لكنها قد تشير الى خلل إدارى عام فى المنظومة التى تقع فى إطارها المستشفى، وهى وزارة الصحة، ربما تشكل نوعا مختلفا من عدالتها هى الاخرى، فقد فوجئت رئيسة قسم المطلوبات والعلوم الأساسية بأكاديمية العلوم الصحية التابعة لوزارة الصحة دكتورة ندى ابراهيم محمد عبد الله، صباح الثلاثاء الموافق 13 من الشهر الجارى، بشخص يحتل مكتبها وبحوزته خطاب تعيين بدلا عنها، في وقت لم تتلق المذكورة إشعارا بالفصل او حتى خطاب تسليم وتسلم.
وحسب إفادة مصدر مقرب من المذكورة تحدث لـ «الصحافة» فإن رئيسة القسم استنجدت بأقربائها لحمايتها بعد الإرهاب الذى تعرضت له، مما جعلها تواجه قرار الشؤون الإدارية بتهمة مخالفة القانون «تحصلت الصحافة على نسخة منه»، وقد قضى القرار بالفصل بنصف أجر من تاريخه لحين اكتمال إجراءات التحقيق المبدئي.
المسؤول بأكاديمية العلوم الصحية الشيخ الصديق بدر الذي هاتفته «الصحافة» لم ينف ما تعرضت له رئيسة قسم المطلوبات، بيد انه استدرك ان المذكورة رفضت تنفيذ نقلها لقسم آخر، مؤكدا ان ما حدث نهج عادي بالخدمة المدنية يواجهه عشرات الموظفين، وانه يحق للمتأثر التظلم وطلب الانصاف من الجهات المسؤولة، ماضيا في القول ان الموظفة المذكورة وصلت بتظلمها لوزارة الصحة، وان الموضوع خاضع للوائح والقوانين بعيدا عن الاثارة عبر الصحافة.
وما نود ان نشير اليه ان رئيسة قسم المطلوبات والعلوم الصحية حاصلة على شهادة الدكتوراة فى الفلسفة وعلم النفس، ولها الفضل فى تأسيس قسم المطلوبات والعلوم الأساسية بالأكاديمية، بمدها بالمناهج من شتى الجامعات، وجلبها للمختصين فى المجال وفق مطلوبات تعيين التعليم العالى.
نبوية سر الختم :الصحافة