تحقيقات وتقارير

رئيس الوزراء الليبي “الثني” في “الخرطوم”.. زيارة تطفئ نيران الشائعات

[JUSTIFY]تأتي زيارة رئيس الوزراء الليبي “عبد الله الثني” للبلاد في وقت تسعى فيه “الخرطوم” إلى إحداث اختراقات واضحة وملموسة في ملف علاقاتها الخارجية على المستوىين الإقليمي والدولي، وعلى الرغم من تأخر زيارة “الثني” لعشرة أيام نسبة للارتباطات الخارجية لرئيس الحكومة المنتخبة في طبرق، إلاّ أن توقيت الزيارة مهم وذلك بالنظر للملفات العديدة التي ينتظر طرحها ومناقشتها من الجانبين، وقطعاً سيكون أبرز تلك الملفات ملف إعادة الأمن والاستقرار إلى ليبيا والدور الذي سيعلبه السودان في ذلك، سواء كان عبر العلاقات الثنائية التي تربط البلدين أو عبر مبادرة دول الجوار الخاصة بليبيا، ومن ثم تأكيدات “الخرطوم” على نأيها من دائرة الاتهام التي لطالما أطلقتها حكومة طبرق المؤقتة والتي مفادها تورط الحكومة السودانية في عملية تقديم الدعم والعون إلى إحدى الفصائل المسلحة في ليبيا، ليس آخرها ما جاء على لسان رئيس أركان الجيش الليبي اللواء “عبد الرزاق الناظوري”، حينما جدد اتهاماته أمس عبر تصريحاته في صحيفة الشرق الأوسط عن قيام سودانيين بتدريب مجموعة مسلحي مصراتة على قيادة الطائرات المروحية، إذ أن من مصلحة السودان الحفاظ على مسافة واحدة من جميع الفرقاء في ليبيا، سواء كانت مجموعة الكرامة بزعامة “حفتر” التي تسيطر على العاصمة “طرابلس” أو الحكومة المؤقتة في طبرق، فيما يرى مراقبون أن تدهور الأوضاع الأمنية في ليبيا وإيواء المجموعات المتحاربة إلى مقاتلين وجهاديين من جميع دول الجوار الليبي، من شأنه أن يصبح مصدر قلق لجميع الحكومات في المنطقة، لذا تبدي جميع دول الإقليم اهتماماً متعاظماً لإعادة الأمن والاستقرار في ليبيا.
ووصل في معية رئيس الوزراء الليبي السيد “عبد الله الثني” مساء أمس (الاثنين) عدد من الوزراء من بينهم نائب رئيس الوزراء للشؤون الأمنية “المهدي اللباد”، ووزير الخارجية “محمد الدائري”، ووزير العمل والشؤون الاجتماعية “مسعود أبو القاسم”، ووزير الاقتصاد والصناعة “منير عصر”، ورئيس هيئة الثقافة والإعلام “عمر الغديري”. ووفقاً لبرنامج الزيارة فإن جدول أعمال رئيس الوزراء الليبي يشمل خلال زيارته للبلاد التي تستمر ثلاثة أيام، عقد لقاءات مع الرئيس “البشير”، وسيعقد الجانبان جلسة مباحثات مغلقة. كما سيلتقي رئيس الحكومة الليبية المؤقتة والوفد المرافق له برئيس اتحاد أصحاب العمل “سعود البرير” وعدداً من مديري الشركات السودانية، لبحث وسائل تطوير العلاقات الاقتصادية والاستثمارية والتجارية بين البلدين. وحسب وزير الخارجية “علي كرتي” فإن زيارة “عبد الله الثني” ستكون حافلة وتعني بالقضايا التي فيها مصالح البلدين. وأضاف: (ستفصح برامج الزيارة العديدة على حقيقة العلاقة بين الحكومة السودانية بالحكومة الليبية المنتخبة).
وفي ذات السياق يرى متابعون أن زيارة رئيس الوزراء الليبي ربما تسهم في رفع الحرج عن حكومة طبرق، فيما يتعلق بانضمامها لمحور مصر والإمارات، خاصة بعد أن ربط المراقبون زيارة “الثني” السابقة إلى “القاهرة”، وتأكد بالتالي سعيها للانفتاح نحو دول الجوار الأفريقي.
كما يذهب متابعون إلى الاعتقاد بأن الحكومة السودانية بيدها لعب دور محوري وإيجابي في إعادة الأمن إلى الأراضي الليبية، لاسيما مع وجود القوات السودانية الليبية المشتركة. ومن هنا يبدو أن ملف تأمين الحدود المشتركة بين البلدين سيكون أحد أبرز الملفات التي ستطرح بين قيادتي البلدين، وذلك باستصحاب ملف تفعيل وتنشيط القوات المشتركة على الحدود بين الدولتين، وهي القوات التي أنشئت وفق بروتوكول تعاون عسكري بين قيادتي الجيشين الليبي والسوداني، ينص على نشر قوات مشتركة لتأمين الحدود بين الدولتين. ويبدو أن التعاون العسكري بين الدولتين امتد ليشمل التعاون في مجال الدراسات العسكرية، فإن رئيس الوزراء في الحكومة الليبية المؤقتة “عبد الله الثني” سيشهد يوم غدٍ (الأربعاء)، تخريج عدد من ضباط الجيش الليبي الملتحقين بالأكاديمية العسكرية العليا. ووفق وزير الخارجية “علي كرتي” في تصريحات أمس(الأربعاء)، فإن برامج التدريب كانت قد بدأت منذ أن كان رئيس الوزراء “عبد الله الثني” وزيراً للدفاع، وهو الذي وقع الاتفاقية العسكرية بين البلدين والدعم العسكري.
وتسعى “الخرطوم” في المقابل إلى تأمين الجبهة الليبية التي لطالما شكلت مصدر خطر إبان حكم الرئيس الراحل “معمر القذافي”، بإيوائه للحركات الدارفورية المسلحة وتقديم كافة أشكال الدعم لقادة تلك الحركات، وهو أحد أبرز المبررات التي دفعت “الخرطوم” إلى تقديم دعم مباشر إلى ثوار ليبيا إبان الثورة الليبية في العام 2011 التي أطاحت بنظام “معمر القذافي”.
ولا يستبعد مراقبون أن يكون هناك تنسيق ثلاثي بين السودان وليبيا ومصر لإعادة الأوضاع في ليبيا إلى طبيعتها، خاصة بعد أن كان موضوع الأزمة الليبية أحد المواضيع المهمة التي تصدرت أجندة لقاء “البشير” و”السيسي” بـ”القاهرة” مؤخراً، إذ تأمل ليبيا من “الخرطوم” تحديداً تقديم دعم عسكري للسيطرة على الأوضاع في الأرض، خاصة بعد أن بدأت الحكومة المؤقتة في حملة عسكرية لاستعادة السيطرة على الأوضاع. كما من غير المستبعد أيضاً إعادة إحياء فكرة التكامل الثلاثي – السودان، ليبيا، مصر.

المجهر السياسي
خ.ي[/JUSTIFY]