تحقيقات وتقارير

أحزاب المعارضة والحكومة في (دار الشعبي) حول الحوار الوطني

[JUSTIFY]”ياسر يوسف”: لا نريد للقطار أن ينطلق ومقعد حزب الأمة القومي شاغر
“كمال عمر”: نحن نطرح قاعدة وفاق سياسي كبير.. ونجدد الدعوة للحركات للمشاركة
“مريم الصادق المهدي”: كل الناس مع الحوار لكن هنالك صراعاً ما بين رؤيتين..!!
“يوسف محمد زين”: إذا كان الحوار من أجل أن نصبح وزراء فليس هنالك معنى له
“بشارة جمعة”: الغايات المنشودة أن نحقن الدماء ونحقق السلام
في داخل المركز العام للمؤتمر الشعبي مساء أول أمس (الثلاثاء)، تداعت قيادات سياسية من الأحزاب المعارضة إلى جانب ممثل المؤتمر الوطني في ندوة أقامتها الأمانة السياسية لأمانة الشباب بالحزب لينظروا في مالات الحوار الوطني الشامل.. أسماء بارزة مثل “مريم الصادق المهدي” و”كمال عمر” و”يوسف محمد زين” و”بشارة جمعة”، إلى جانب “ياسر يوسف”، تناولت بالشرح تطورات عملية الحوار.. اللغة التي طرحت كانت موضوعية رغم تباعد مواقف الأحزاب، والمتحدث باسم المؤتمر الوطني “ياسر يوسف”- وزير الدولة بالإعلام تجاوز هتاف بعض الشباب لا يتجاوزون أصابع اليد الواحدة وهم ينادون بإسقاط النظام، ذلك التمرين الديمقراطي، كما أن “ياسر” استطاع أن يتفاعل مع إحدى المعلمات التي رفعت في وجهه برغيفة لتذكره بضيق المعيشة، مما جعله يسارع بالقول إن الدولة تدرك أهمية دور المعلمين في بناء نهضة السودان.
وقال الأمين السياسي لحزب العدالة الأصل “بشارة جمعة”: (العدالة هي القيمة المفقودة ونحن في حاجة إليها لإصلاح واقع السودان، وكان مؤسسها الفذ والكاتب المعروف صاحب الراية والقلم الزعيم “مكي على بلايل”. وكان هو قائدنا وكنا آنذاك نسير على دربه، وبخصوص مآلات الحوار الوطني الشامل بمسماه العريض أقول إن هذا الحوار يشمل كل القضايا الوطنية المعروفة، وهي قضايا متجذرة وعميقة وهي معقدة مثل تعقيدات الأحزاب السياسية في الساحة الوطنية).
وأضاف “جمعة” بالقول: (لنكن موضوعيين ونحن نتكلم عن الحوار الوطني ونقف عند النقاط دون أن يكون هناك شطط أو حديث يخرج بنا للمشاكسة)، وتناول “جمعة” بالشرح معاني الحوار والغايات المرجوة منه، وزاد بالقول: (للحوار آداب ونظم وأسس وأهداف وغايات محددة للحوار الوطني دائماً، ويجب أن لا يكون فكرنا السياسي محدوداً في التعريفات وفقاً للواقع).
وقال: (أتساءل ما هي الأسباب والمبررات التي قادتنا للحوار الوطني الشامل؟ ولماذا نتداعى؟ ولماذا بعضنا له أشراط ومواقف وأفكار مختلفة حول الكيفية وتهيئة المناخ لهذا الحوار؟؟ وعندما أتكلم عن الأسباب فإن أولها بعد انفصال الجنوب، هو انقسام الشارع السياسي السوداني والانقسام في المجتمع وتفشي القبلية والجهوية والسلاح المنتشر، وهذا سبب للحوار، وسبب آخر للحوار هو هشاشة الواقع الاقتصادي والممسكات القوية كانت تحفظ وحدة الوطن وعلي رأس هذه مؤسسة الجيش الوطني القوات المسلحة – والواقع الاقتصادي في السودان سيء جداً، والسودان يعاني من الحصار وصراع كبير، ونحن في القوى المعارضة نختلف أحياناً ونتغازل أحياناً مع الآخر بالخارج ونتعامل معه في كيفية إسقاط النظام بالداخل دون النظر إلى الوطن والمواطن.
وحينما لا ننظر للأمر بصورة موضوعية يكون هناك إشكال، لذلك حزب العدالة وبكل وضوح وفخر وإعزاز حينما نظر للحال وسط الفرقاء في القوى السياسية المعارضة والمسلحة، وحينما نظر للحكومة ومجموعة أحزابها في حكومة الوحدة الوطنية، هذا النوع من التمترس والرفض للوصول إلى نقطة وسطى سيقود البلاد إلى تغيير غير محسوب العواقب.. وما هو المخرج؟
هذا ما كتبه الشهيد “مكي علي بلايل” في خمس مقالات، وحولناه نحن إلى مشروع الحوار الوطني، وقدم هذا المشروع لقوى الإجماع الوطني في المعارضة ولرئيس الدولة في مكتب وزير الدفاع في يوم 27/9/2011.. وأقول إن الحوار هو المدخل الصحيح وهو المخرج للبلاد. وبعدما قبلنا جميعاً الدخول في الحوار يظل التساؤل: ما هو الهدف من عملية الحوار وإن كانت هنالك بعض القوى السياسية وبعض القيادات الوطنية والحركات لديهم مواقف وتشدد؟؟
{ الغايات المنشودة من الحوار
الغايات المنشودة من الحوار أن نحقن الدماء ونحقق السلام بقدر الإمكان حتى يكون هنالك استقرار.. والغاية الثانية أن نعمل جميعاً ونتعاون لنخرج البلاد من هذه الأزمات ونتجاوز هذه الحالة.. والغاية والهدف الثالث يجب أن نتواضع جميعاً لنضع دستوراً كعقد اجتماعي صحيح ليكون لنا وطن نمارس السياسة فيه، وإن لم نصل لهذه الغايات بالحوار فلن يكون هنالك وطن.. والغاية الأخيرة المطلوبة أن نتفق جميعاً على بناء دولة ذات أسس تقودنا إلى نظام نتفق عليه لتكون دولة القانون والمؤسسات لا دولة الفئات والمجموعات والقبائل أو تسميات (أولاد البحر) و(الغرابة) و(الجلابة) وبعض المسميات الموجودة في نفوس بعض الناس. وأقول إن الحوار يمضي لكنه مثل القطار الذي يركب فيه الراكب وهو لا يراه يتحرك.. ونحن نريد من الحوار أن يخرج بمخرجات نتفق عليها جميعاً ونرضى بها جميعاً، ويجب أن نكوّن آلية للتنفيذ ونتوافق على إدارة الشأن السياسي ونتوافق على الانتخابات في التداول السلمي للسلطة، ونحن نطلب أن تكون هنالك تهيئة للمناخ من أجل الحوار.
{ حوار بلا عنوان
من بعد ذلك تحدث رئيس الحزب الوطني الاتحادي “يوسف محمد زين” الذي قال: (من هذا المكان المركز العام للمؤتمر الشعبي الذي نكن له حباً كثيراً، ويسعدني أن أتحدث إلى هذا الجمع الكريم وإلى شعب السودان الصابر الذي حرم حريته لأكثر من ربع قرن من الزمان وحكم حكماً شمولياً أفقد السودان كثيراً حتى وصلنا إلى هذا الوضع المأزوم، ونحن كنخب وقيادات سياسية يقع علينا عبء أن نخرج هذا السودان إلى فضاء الحرية.. في (25) عاماً وصلنا إلى هذا الضيق وانسداد الأفق في الحكومة والمعارضة، كلما انفتح أمل وباب للخلاص انسد بسبب ضيق الأفق، والقيادات السياسية يقع عليها عبء هذا الانغلاق فلننظر من حولنا كيف كنا وكيف كانت الآخرون وكيف صرنا وكيف صار الآخرون.. تراجعنا في كل شيء.. تقلصت مساحة الوطن، وتعداد الشعب تناقص، وتدهورنا في المعرفة والرياضة والفن والثقافة والوحدة الوطنية.
الحوار هو قيمة إنسانية لنصل إلى حلول إشكالياتنا، ولكن وطننا المأزوم هذا من يحمل السلاح فيه يتجه إلى طاولة المفاوضات، ومن يفاوض ينبغي أن يتجه به التفاوض إلى حل وما عاب دعوة 27 يناير للحوار أنها جاءت دعوة للحوار بلا عنوان، ونحن في حزبنا قلنا فقط يلزمنا الحوار الوطني وصولاً للتحول الديمقراطي، ونريد في نهاية النفق وليس من باب الآمال أو الأحلام أن يكون لهذا الحوار عنوان وهو تفكيك دولة الحزب الواحد لأن هذا هو الإشكال، ومن دون ذلك ليس هنالك معنى للحوار.
إذا كان الحوار من أجل أن نصبح وزراء وحكاماً فليس هنالك معنى للحوار. وحسناً أن جاءت الدولة للحوار، ولكن لا معنى له إن لم يكن له هدف، وهدف الحوار هو تفكيك دولة الإنقاذ وتفكيك دولة المؤتمر الوطني إلى دولة الوطن والمواطن وصولاً لدولة المواطنة. “ولا يلدغ المؤمن من الجحر مرتين”.. ونحن في المعارضة لابد من الاعتراف بتنوعنا الفكري والثقافي والمعرفي والتنظيمي، لذلك لا يمكن أن نعارض بنفس الفهم وبنفس المنهج، وفي كل شيء كل واحد لديه رأيه. ونحن في المعارضة لدينا إشكال كبير لابد أن نعترف به، من خرج عن فهم خط معين فهو أيضاً خائن مثل فهم المؤتمر الوطني الذي يوزع صكوك الوطنية كما يشاء، كل من يتصل بالحركات هو خائن، ومن يتصل بالآخر في الخارج هو خائن، وعاب علينا في المعارضة أننا نضع قالباً معيناً للتغيير، وكل أسباب الثورة الشعبية متوفرة، ولكن غابت إرادتنا الجماعية.. ونحن في الوطني الاتحادي- أصدق الناس القول- ضاق بنا ماعون المعارضة لأنه ليس مرناً يستوعب الحاصل من حولنا، واستغرب جداً كيف يمكن أن نحقق السلام من دون أن نمد أيادينا لحملة السلاح، ولأول مرة في (إعلان باريس) جاء نص بوحدة السودان واعتماد السياسة لحل مشكلة السودان، وأندهش أن تقوم الحكومة سبّاً لهذا الاتفاق، ونحن نفخر أن تضمن الاتفاق بأنه لا انفصال لمرة أخرى، ولا لتقرير المصير.. ورسالة أوجهها للحوار الذي سينطلق، كيف سينطلق والسجل الانتخابي سيتم فتحه؟ ونحن نضع يدنا مع المؤتمر الشعبي لأنه سيقاطع الانتخابات وإذا كان غير ذلك سننفض يدنا عنه.
بلدنا بهذا الحوار (المدغمس) لن تكون، فنحن مع حار جاد يوصل إلى تحول ديمقراطي ويفكك دولة الحزب الواحد. وأقول إنه لابد من التنازل لإخراج بلادنا من هذا الواقع ولابد من العمليات الجراحية).
{ مآلات الوحدة والاستقرار والسلام والتنمية
قالت نائب رئيس حزب الأمة القومي “مريم الصادق المهدي”: (الأحباب والحبيبات مع حفظ المقامات، والأخوة والحبيبات من القوى السياسية.. السلام عليكم.. وكل عام وأنتم بخير ونحن نحتفل باليوبيل الذهبي لثورة أكتوبر، وأدلف مباشرة إلى عنوان الندوة حول مآلات الحوار الوطني الشامل.. هي طبعاً بالتأكيد مآلات خير واستقرار وسلام ووحدة وتقدم وتنمية.. كلنا نقول ذات هذا الحديث ولكن أي حوار؟ وزي ما توافقنا في السودان على الانتخابات كآلية للتصالح واختيار الحكام وولاة الأمور ثم دخلنا انتخابات 2010 المزورة، وللأسف مرة أخرى في ظل وضع مأزوم كلنا اعترفنا بدرجات متفاوتة أن الوضع مأزوم يحتاج إلى تغيير للأفضل ويحتاج إلى سلام شامل وتحول ديمقراطي، ومن ثم استغرقنا تماماً منذ يناير وحتى الآن في أواخر شهر أكتوبر، يعني مسافة حمل كامل، ولو كان حملاً لكان خرج بشراً سوياً اكتمل الجنين في (9) أشهر).
قاطعتها إحدى الحاضرات: (هذا حمل كاذب)..
ضحكت مريم الصادق وواصلت الحديث: (لا.. لا.. إن شاء الله بوعينا وإرادتنا يصبح صادقاً، وأنا ما أردت أن أوضحه في الأول أن المصطلحات التي يطلقها للأسف بعض إخوتنا في الحكم في ظل أزمتهم وفشلهم في أن يبلغوا بشعبهم مرتبة من المعيشة الجيدة والحفاظ على كرامتنا وسيادتنا ووحدتنا بدلاً أن يمشوا للطريق الوطني الأقصر، بدل أن نجلس ونتحدث في الأزمة نصرف في الحديث حول المسألة المطروحة من الكل.. الحوار في السودان الآن لا يحتاج إلى إقناع كل القوى السياسية بشقيها المدني والعسكري، كل الناس، ما في كلام غير أننا نحتاج إلى تغيير شامل عبر حوار كطريقة مدنية تجنب البلاد المزيد من القتل وغيره.. وهذا هو الطريق الأفضل، وليست هذه المشكلة.. المشكلة أن هنالك ناس في الحوار وناس خارج الحوار، ونحن في حزب الأمة القومي تحدثنا منذ مارس حول الهدف المطلوب من هذا الحوار الوطني الشامل والآليات وأجندته، وضعنا مسألة تفصيلية، وما لم نقل بوضوح إن الحزب الحاكم مختطف لصالح جهاز يعمل على تكريس سلطته الأمنية وبقاء دولته المرتبطة بمصالحه الاقتصادية ومصالحه الشخصية وخوفه من المحاسبة. وفي الآخر مهما يختلف السياسيون عندهم أفق ينظرون لما بعد هذه المرحلة، وهنالك نظرة إستراتيجية بعيدة من الخوف، ولكن أن نصبح حزباً حاكماً مأسوراً في طريقة تفكيره وفعله لجهاز مأسور لخوفه من المحاسبة، هذا واحد من أهم الأشياء التي ينبغي أن نطرحها كمهدد للحوار الوطني الحقيقي.
وعندما نقول هذا الأمر لأن الحوار ليس هو الآلية الوحيدة الممكنة في ظل غبن كامل في ظل فقر وغضب وانعدام للأمل وإحباط. ونحن الآن في حالة حرب استنزاف صار الاقتصاد السوداني فيها مأسوراً بأنه لا يستطيع أن ينطلق انطلاقته التي يقدر عليها سواء في المجال الزراعي أو الصناعي.. نحن في وضع خطير، انجرفنا ونريد أن نوقف هذا الانجراف.
{ كل الناس مع الحوار
وأقول بوضوح الآن إن كل الناس مع الحوار الوطني الشامل، لكن هنالك صراعاً واختلافاً ما بين رؤيتين، رؤية تتحدث عن الحوار الشامل في شكل حوار الوثبة الذي دعا إليه المؤتمر الوطني في يناير الماضي، وواضح من تطور الأوضاع عبر التسعة أشهر الماضية أن الحوار سقوفه محددة بأن يشغل الرأي العام السوداني ويشغل السياسيين ويصبح مدخلاً للفرقة بينهم في نحو أن يبقى المؤتمر الوطني دون تغييرات حقيقية تتيح بعض التغييرات السطحية مثل المؤتمر العام للمؤتمر الوطني. وتدخل بعض الوجوه الجديدة للتكريس لعمر النظام لفترة غير معروفة الأمد. لذلك الحديث عن أن الحوار شامل للجميع، أقول: لا، هو غير شامل للجميع، من يخضع لسقوف المؤتمر الوطني سيكون طرفاً في هذا الحوار. أما أي إنسان يخرج من السقوف الموضوعة فهو مجرم وخائن وعميل. والخطر الآن لم يعد من حركات حاملة للسلاح، لكن الوضع في السودان أصبح معرضاً لانفجار كامل للاحتقان الشديد، وعلينا أن نوحد رؤيتنا من أجل ذلك، وإخوتنا في المؤتمر الشعبي إن رأوا في هذا الحوار فائدة فهذا شأنهم طالما التزموا معنا بمعايير محددة لا نحيد عنها، وإذا كان الغرض من هذا الحوار وحدة بين المؤتمر الوطني والمؤتمر الشعبي أنا شخصياً لا أرى بأساً في ذلك. والمهم في النهاية أن نحترم بعضنا البعض ولا يخدع بعضنا البعض.
{ “ياسر يوسف” لأول مرة في دار الشعبي
وقال الناطق الرسمي باسم المؤتمر الوطني “ياسر يوسف” وزير الدولة بوزارة الإعلام: (أعتذر عن التأخر النسبي، لكن الحمد لله لحقت المتحدث الأول ومن بعده المتحدثين الاثنين.. وأقول صادقاً لماذا جاءت دعوة الحوار من الأخ رئيس الجمهورية ومن خلفه المؤتمر الوطني، وأجيب بأننا منذ العام 1956 ظل التساؤل قائماً لماذا طالب آباؤنا المستعمر بالرحيل؟ وكانت الحركة الوطنية التي نظمت منذ بواكير الاستعمار ولم تخمد جذوة النضال والمقاومة في شعبنا وأمتنا منذ اليوم الأول للاستعمار وحتى تحقق الاستقلال، كان التساؤل لماذا طالبنا المستعمر بالرحيل؟ كانت المطالب واضحة ومحددة أننا طالبنا المستعمر بالرحيل لتحقيق تحول وطني حقيقي نبني به دولة الرفاهية ونؤسس لدستور دائم ونظام عادل بين المركز والولايات، وظلت هذه المطالب قائمة في كل حقبنا الوطنية حتى دعوة الحوار الوطني وظلت هذه الأسئلة مع سؤال الهوية بلا اتفاق وإن أوجدنا لها الإجابات، وغالب القوى السياسية اجتهدت ونظرت لهذه الأسئلة وأوجدت لها إجابات اقتنعت بها النخب الموالية للأحزاب.
لذلك نظر المؤتمر الوطني لهذا الاستقطاب التاريخي الحاد الذي أوصلنا إلى ما نحن عليه الآن من تشظٍ سياسي واختلاف عميق في الرؤى والأفكار وتعريف الأمن القومي والثوابت. ورأى المؤتمر الوطني وهو في الحكم أن مسؤولياته التاريخية العظيمة أن يبتدر حملة وطنية للإجابة المتفق عليها من كل القوى السياسية.
ونحن اعترفنا منذ دستور 1998 وقبله المراسيم أن الحقوق والواجبات تنبع من المواطنة وليس من الدين، وكان هذا تنظير لحركة الإسلام في السودان، ونسيت في بداية حديثي أن أشكر الحوار الوطني الذي سهل وجودي في هذه الدار التي أدخلها لأول مرة.. فالتحية للمؤتمر الشعبي.
وأقول إن دعوة الحوار الوطني نظرت في كل هذه الأسئلة وجاءت دعوة وطنية صادقة ومعبرة عن رغبة صادقة للوصول إلى توافق وطني صادق نتفق في الثوابت السودانية الكلية، ولا خلاف أن نختلف حول التفاصيل، لكن خلونا نتفق على الهدف الوطني الجامع لوضع إجابات توافقية حول هذه القضايا.
ونحن حين طرحنا هذه الدعوة كنا واثقين أن هذه الدعوة لن تمر سهلة وتنتهي إلى غاياتها، وكنا واثقين أن الصعوبات ستكون في الطريق، ولكن كان التحدي أن لا ننتكس مهما كانت هذه الصعوبات، والصعوبات التي لاقتنا في منتصف الطريق زادتنا ثقة وإيماناً بضرورة المضي في هذا الحوار والتمسك به.
{ قطار الحوار الوطني.. ومقعد حزب الأمة القومي
ومهما اختلفنا لابد أن نتحاور.. لابد أن نجلس ونتحاور، والدعوة للحوار لم تكن من أجل الوصول إلى انتخابات، إذا كان الهدف الوصول إلى شهر أبريل 2015 لم يكن هنالك ما يجبرنا لطرح دعوة الحوار، لكننا نريد الاتفاق على الثوابت الكلية في الحوار الوطني الذي لا يستثني أحداً، وفي الأسبوع القادم ستلتئم الجمعية العمومية للحوار الوطني لتجيز ما خرجت به الآلية (7+7) بما في ذلك اتفاقية أديس أبابا، ثم من بعد ذلك نبدأ الحوار حول القضايا الأساسية الخمس. وأقول إن الدعوة من الأول كانت موجهة لجميع الأحزاب والحركات، ونأمل أن تلتئم المفاوضات في الثاني من نوفمبر حتى تسهل مفاوضات أديس أبابا عملية مشاركة حملة السلاح في الحوار الوطني الذي يجرى في الخرطوم بمراقبة خارجية. وأقول مجدداً إن مشاركة حزب الأمة القومي في الحوار الوطني هي مهمة جداً بالنسبة للحوار الوطني، وبالنسبة لنا في المؤتمر الوطني على وجه الخصوص، لأننا لا نريد لقطار الحوار الوطني أن ينطلق ومقعد حزب الأمة القومي فيه شاغر.. ولا نريد أن ينطلق قطار الحوار ومقعد أي حزب أو حركة من الحركات المسلحة شاغر).
{ وفاق سياسي
وقال الأمين السياسي للمؤتمر الشعبي “كمال عمر”: (نحن طارحون قاعدة وفاق سياسي كبير وأي مركز سياسي قائم على الإقصاء والمزايدة ليس له معنى في هذا الواقع السياسي المأزوم، ونحن نرى الساحة السياسية وعلاقاتنا ممتدة مع كل القوى السياسية بما فيها الجبهة الثورية، والسودان في أزمته الراهنة يحتاج إلى وفاق سياسي حقيقي ومحتاج إلى مشاركة من الجميع.. ولابد أن نعترف أن هنالك أزمة سياسية بدأت بعد الاستقلال في غياب منظومة دستورية تحكم السودان، وظللنا نبحث عن الدستور الأنسب ومررنا بظروف سياسية ودستورية معقدة حتى وصلنا إلى المرحلة الراهنة الآن، من خلال تجربة خروج الجنوب من رحم الدولة السودانية متمرداً على هذا الواقع. وهذا الذي يحدث الآن مسؤولية الدولة السودانية، والآن هنالك حرب في دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان وجبال النوبة، وهذه الحرب بواعثها سياسية ودستورية.. إذن هنالك مشكلة، ولابد من إيجاد حل لها من دون الحرب والإقصاء. وهنالك أزمة اقتصادية في السودان مربوطة بالأزمة السياسة، وهنالك أزمة عدالة ونريد أن نحقق حياد مؤسسات الدولة مهما كان الاختلاف.
ونحن لا نريد أن تكون المواطنة شعاراً لكن حقاً دستورياً تتنزل في القوانين، وسنطرح ذلك في الحوار من خلال ورقة الوحدة والسلام ،ونحن في اختيار الولاة لدينا موقف واضح بانتخاب الولاة من الجماهير.
وبخصوص الحوار برغم تحفظات الآخرين وموقفهم، لكننا مشاركون في آلية (7+7)، ونرى أن هنالك إنجازات حقيقية حققناها، وأعتقد أن اتفاق (أديس أبابا) ومن قبله (إعلان باريس) هنالك مشاريع يمكن أن تلتقي، ونريد قرارات بتوفير ضمانات للجبهة الثورية للمشاركة في الحوار وإطلاق سراح المحكومين لتفتح مجالاً أوسع.
{ الإمام مؤسس فكرة الحوار
والحوار الوطني سينطلق في اليوم الثاني من نوفمبر القادم، ونحن أصررنا أن توجه الدعوة من جديد لكل الأحزاب، والحوار تعطل لأتنه ما كان من الممكن أن نمضي في الحوار وهنالك إجراءات جنائية مسلطة في وجه الإمام “الصادق المهدي”، وكانت ستكون خيانة للإمام وهو مؤسس فكرة الحوار عندما كنا نتحدث عن إسقاط النظام، وإن اختلفت الأدوار، لكن لم تنقطع الصلة للوصول إلى وفاق، ونحن حريصون على علاقاتنا السياسية مع كل الأحزاب من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار ونحن نريد من الحوار التحول الديمقراطي وإقرار الحريات.

الخرطوم طلال إسماعيل
المجهر السياسي
خ.ي[/JUSTIFY]