سعد الدين إبراهيم

الحرامي المعاصر


[JUSTIFY]
الحرامي المعاصر

قالت إحدى قريباتي لولدها موصية بعد أن رأت منه إهمالاً لدروسه وانصرافه عن المذاكرة: لازم تذاكر وتنجح ياولد لأنو حتى لوداير تبقى حرامي، إن مابقيت متعلم بقبضوك من أول لحظة، تذكرت عبارتها ومن آخر أخبار السرقة.. إن جماعة سرقت محل موبايلات بطريقة (جيمس بوندية) وذلك بأن أتوا بعد إنصراف سيد المحل.. وأحضروا بوهيه وسلم وأخذوا يطلون أبواب المحل المغلق وتمكن أحدهم من تكسير (الطِبَل) ودخل اضألهم جسداً وجمع الموبايلات من الماركات الثمينة.. وحمل الغنيمة في كيس وخرج في أمن وأمان وبعد أن تم تأمينه.. انصرفوا تاركين أوعية البوهية وذهبوا ولم يفطن أحدهم إلى السرقة إلا بعد أن جاء صاحب المحل صباحاً واكتشف الحكاية.. الفكرة لا تخلو من ذكاء مصحوب بمعرفة نفسية جسورة.. إذ أن جيران المحل الذين لم يغلقوا مثل الصيدليات لم يفطنوا إلى السرقة حسبوا إن صاحب المحل ينوى تجديد الطلاء ليلاً حتى لا يضطر إلى إغلاقه صباحاً، وهنالك حكمة في تصرفه هذا..

دكان الموبايلات قرب منزلنا تعرضت البائعة فيه والتي استلمت ورديتها من زميل لها لحادثة نصب ذكية أيضاً.. إذ جاء (المتهم) وسألها عن موبايل سألته باسم من؟ فقال: بدون اسم وكان فعلاً ضمن الموبايلات واحد بدون اسم.. فيما يبدو إن (المتهم) سمع زميلها وهو يسلمها العهدة بأن ضمن الموبايلات واحداً بدون إسم (لما يجي سيدو ماتتوقفي معاهو) فلقط المعلومة وكمن لها حتى أخذ الغنيمة وخرج بمنتهى الثقة.. ولم تعرف عملية النصب إلا حين جاء صاحب الموبايل لاستلامه.. صديقة إبنتي كانت معجبة بموبايل اشتروه لها بأكثر من ألفي جنيه.. تحدثت به في المواصلات.. وكان بجوارها شيخ في عمر والدها أخذ يتحدث معها بأبوة متناهية.. وعندما هم بالخروج حمل حقيبتها لتتمكن من النزول المهذب.. ونزل وذهب فاكتشفت سرقة موبايلها من قِبل الرجل الوقور.. (هذا المتهم) استخدم أيضاً حيلة نفسية جعلت الطالبة لا تستريب فيه وربما رأت فيه عمها أو خالها خدعها بمظهره وحديثه حتى تمكن من سرقتها..

إذن وصية الأم في محلها، فلكي تكون حرامياً ناجحاً لابد أن تتعلم وتكون مثقفاً.. تعرف في علم النفس.. وعلم الاجتماع.. والتكنولوجيا… والتصنت والتجسس والتحسس.. وسرعة البديهة.. مرة دخل على مكتبي في صحيفة الجريدة رجل في شكل (زول كويس) وتونس معي.. قال لي: أنا قادم من ابن عمك بحلفا.. ابن عمك المدرس.. قلت له لدي ثلاثة من أبناء العمومة مدرسين فلان أم علان أم فلان.. قال: بس أول واحد ده.. وبعد نقاش وسلام وسؤال.. قال لى إنه بصدد السفر للعلاج ولديه أوراق في القمسيون الطبي، وكان أن أنفق كل مالديه من مال في أمور استخراج الجواز وغيره من التكاليف، وإنه يحتاج إلى ثلاثمائة جنيه عندما إتصل بقريبي الأستاذ وجهه أن يأتي إليّ وهو سيرسل لي المبلغ بأسرع فرصة، طبعاً تشككت في الأمر أما كان يتصل بي هو.. خرجت حتى اتصل بإبن عمي.. لم يكن رقم تلفونه عندي.. استوقفتني صحافية شابة سألتني: من الرجل الذي معك.. حكيت لها أمره.. حذرتني منه فقالت إن فلانة تعرضت للإبتزاز منه.. قلت: هذا الرجل قالت ميه في الميه هو.. عُدت إليه ضاحكاً تصور اتصلت بابن عمي فلان ووجدت إنه سافر إلى السعودية منتدباً من أشهر.. فقال كيف ياخ.. كدي أنا هسع بتصل بيهو وخرج ليجري الاتصال ولم يعد حتى كتابة هذه السطور.. في هذا البلد كل شيء متدهور إلا الاحتيال فهو مزدهر والجانب الإيجابي في الأمر.. آخرة الخيرة عندنا حاجة متطورين فيها..
[/JUSTIFY]

الصباح..رباح – آخر لحظة
[EMAIL]akhirlahzasd@yahoo.com[/EMAIL]