رأي ومقالات

الصادق الرزيقي :أهي بدايات انفراج؟

[JUSTIFY]يبدو أن الأوضاع المعقدة بالبلاد تتجه إلى انفراجات ما، فالحوار الوطني الذي توقف قبل فترة في محطة واحدة، تحرك قطاره بالأمس بلقاء الجمعية العمومية، والاستماع لتقارير آلية «7+7» وتحديد السيد رئيس الجمهورية مدة ثلاثة أشهر لانطلاق الحوار بشكل كامل مع دعوته للحركات المسلحة والأحزاب التي قاطعت إلى الالتحاق بالركب بعد أن تم إعداد خريطة طريق والموافقة على إعلان أديس أبابا وتضمين القضايا والموضوعات الخلافية في الحوار.
> وفي ذات الاتجاه يشهد الاقتصاد بداية انتعاش مع انخفاض أسعار العملات الأجنبية وظهور مؤشرات إيجابية بتحسن الأداء الاقتصادي وزيادة الإنتاج في المحاصيل الزراعية لهذا الموسم، ودخول إيرادات رسوم عبور البترول وغيرها إلى الخزينة العامة، بالإضافة إلى مساعدات من دول شقيقة وصديقة.

> ولا يمكن إغفال التطورات المهمة التي طرأت على العلاقات السودانية الأمريكية، وموافقة الرئيس البشير على مواصلة الحوار مع واشنطون، وهي العلاقات التي ظل وزير الخارجية علي كرتي يقول ويردد أنها تحتاج إلى صبر ووقت حتى تنضج ثمارها، ويبدو أن الثمار قد بدأت في النضوج بالفعل، بعد مبادرة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بالاتصال بوزير الخارجية مبدياً الرغبة في تطوير العلاقة بين البلدين.
> والعلاقة مع واشنطون في هذا الوقت بالتحديد مهمة، إلى جهة أن إحجام كثير من البلدان والمنظمات المالية ومؤسسات التمويل الدولية عن تقديم المنح والقروض والتمويلات لمشروعات اقتصادية بالسودان، يعود سببه إلى سوء العلاقة مع الولايات المتحدة، وخلال الاجتماعات المشتركة للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي في الأسبوع الثاني من شهر أكتوبر الماضي، وجد وزير المالية السيد بدر الدين محمود ومحافظ البنك المركزي خلال لقاءاتهما مع وزراء المالية ومحافظي بنوك مركزية في دول عديدة وبينها دول غربية، وجدا رداً واحداً مفاده «إذا لم تتحسن العلاقة بينكم وبين واشنطون لا نستطيع أن نفعل لكم شيئاً»!!

> وإذا كانت الارتباطات بين الملفات الشائكة خارجياً تمر عبر بوابة واحدة وتتداخل الأمور ما بين الداخل والخارج، فلماذا لا تُطرق هذه البوابة من أجل الحوار البناء المتكافئ للوصول إلى نقطة تفاهم واتفاق؟
> والسودان في حاجة اليوم إلى تهدئة في الداخل، وإلى تحسين صورته وعلاقاته مع العالم، وقد تبين لكثير من الحكومات الغربية أن المعلومات المضللة عن السودان، قادت إلى نتائج خاطئة وأضاعت فرصاً وأوقات كان يمكن استثمارها في علاقات فعالة وبناءة فيها منافع لكل الأطراف.
> ففي المشهد المحلي عندنا تجد عملية الحوار تجاوباً وتأييداً دولياً كبيراً، وتحث كثير من الدول الغربية المعارضة السودانية المسلحة والأحزاب السياسية المترددة، على ضرورة الانخراط في الحوار والتعامل معه بجدية، باعتبار أنه الوسيلة الوحيدة لتحقيق الاستقرار وإحداث تحولات جوهرية في جمود الأوضاع بالسودان.. وقد تكون للجهات الغربية منطلقات أخرى، لكنها في نهاية الأمر ترى في مبادرة الحوار تقليلاً لكلفة سياسية ومالية باهظة كانت تُدفع في الحروبات والمواجهات، كما أنه ثبت بالفعل لهذه الجهات أن السلطة القائمة في الخرطوم استطاعت عبور كل الأوحال وجابهت التحديات وليس في المنظور القريب إزاحتها بالقوة كما كانت تشتهي الحركات المتمردة وبعض الدوائر الغربية الداعمة لها.

> وفي ذات السياقات، فإن التطورات الإقليمية في المنطقة وفي الجوار السوداني جعلت التفكير لدى صناع القرار السياسي الغربي يتجه نحو تقليل الخسائر وعدم فقدان السودان كبلد متماسك وليس قابلاً للانهيار كما حدث لبلدان كثيرة، فاذا انفرط الأمن والاستقرار في السودان، فلن يتصور أحد حجم الفوضى التي ستضرب زلازلها كل التقيسمات الإفريقية شمالاً وشرقاً وغرباً والعمق الإفريقي إيضاً.. وتبدي الحكومات الغربية قلقاً بالغاً ومخاوف لا حد لها، في فرضية وقوع السودان والمنطقة في دائرة الفوضى العارمة.
> إذا كانت هذه هي الحقائق فإن لحظة تاريخية حتمية وحاسمة تمر بالسودان اليوم تجعل من اتخاذ القرار الصحيح والتوجه السليم نحو الحوار ومد الأيادي نحو الآخرين بيضاء من غير سوء، هو المخرج الوحيد والمنفذ نحو ضفة أخرى آمنة.

صحيفة الإنتباهة
ت.أ[/JUSTIFY]