جمال علي حسن

عهد بكري وغندور

[JUSTIFY]
عهد بكري وغندور

كثيرون هم الذين يصفون التشكيل الوزاري الجديد بأنه انقلاب على مراكز القوى في في السلطة والحزب الحاكم واتجاه لاستعادة عسكرة النظام.
آخرون لهم ردود جاهزة على هذا الحديث تقول.. إذا كان هذا الزعم صحيحا فما الذي يجعل غندور مساعدا لرئيس الجمهورية ومن الذي أتى بسمية أبو كشوة الإسلامية المخضرمة..
شخصيا أعتقد أن الممارسة هي الفيصل وهي معيار القياس الحقيقي لأن الإنقاذ حين بدأت عهدها في الثلاثين من يونيو 89 بطريقة غير مفهومة وبدأت بالتمويه حول هويتها، لاحقا كانت التجربة هي الإجابة على تلك الاستفهامات وهي الشاهد والدليل ثم لاحقا جدا جاءت مقولة الترابي المختصرة المفيدة كملحق للحيثيات (اذهب للقصر رئيسا وسأذهب للسجن حبيسا)..
الآن وحتى إشعار آخر من المغادرين أنفسهم فإن التغيير تفسر مقاصده الممارسة فقط وكل الاجتهادات الأخرى لا تخرج عن التخمين والتحليل غير القاطع..
نعم أزال التغيير مراكز قوى تقليدية في النظام ومهمة ونافذة وركز البديل على شخصيات في الغالب لم يكن معروف عنها النزعة الصراعية والخلافية فلم نسمع يوما بخلاف مباشر بين السيد النائب الأول الفريق أول بكري حسن صالح مع أي من قيادات القصر المدنية أو العسكرية.. أما غندور فبرغم عدم حياده الكامل داخل المكتب القيادي وتصنيفه في تكتلات مراكز القوى من تيارات أخرى في المؤتمر الوطني إلا أن الرجل معروف بالاتزان ويحاول قدر المستطاع التشبه باسمه فالغندور في اللغة يعني الشاب حسن المظهر والمتأنق.. وغندور ظل يحرص على أن يكون مظهر الحزب أنيقا ويدافع كثيرا عن حزبه بطريقة هادئة لا يتورط خلالها بفتح خطوط عداء وحرب مع الآخرين..
غندور الذي تم اختياره لهذه المرحلة كمساعد لرئيس الجمهورية أيضا كان قد اختاره الحزب مؤخرا لقيادة الحوار مع أكثر خصوم الإنقاذ عداء الآن.. قطاع الشمال..
إذن وجود غندور يشوش القناعة بأن ما حدث مؤخرا هو تصفية لقيادات الإسلاميين أو هو ما وصفته بعض وكالات الأنباء العالمية صبيحة اليوم التالي للتغيير بعناوين مثل (البشير يطيح بعتاة الإسلاميين في السودان)..
والآن لا نملك للتأكد من نوع النظام الجديد نظام ما بعد نافع وعلي عثمان إلا من خلال وقائع الممارسة في الفترة القادمة وسيكون القياس على التعامل مع الصحافة ومستويات حرية النشر وحدود الخط الأحمر أقل أو أكثر..
ثم معيار آخر حول درجة التعاطي مع القوى المعارضة ومساحات النشاط المتاحة ومشروع الوفاق السياسي في السودان.. أقل أو أكثر..
ثم معيار آخر حول درجة انحياز الحكومة الجديدة لقضايا المواطنين ومعالجاتها المقترحة وانتباهها لقضايا الفقر وتدابير المعيشة.. أقل أو أكثر..
ثم معيار آخر حول نسب الفساد واللف والدوران والعطاءات المشبوهة والشركات التي تحتكر العمل في مواقع حساسة بعقود واتفاقيات مريبة.. أقل أو أكثر..
هذه المعايير وما شابهها من ملفات مهمة هي بيت القصيد وهي التي لو تم تصحيح الأمور بداخلها فإن هذا التعديل الوزاري في الحكومة فعلا سيسمى باسمه وسيدخل التاريخ ويحدد حجم ونوع مضمون ما يكتبه التاريخ عن المغادرين والقادمين وما يكتبه أيضا عن الرئيس البشير بعد تعديلات 2013.

[/JUSTIFY]

جنة الشوك – صحيفة اليوم التالي