عبد الجليل سليمان

تحذيران نورانيان

[JUSTIFY]
تحذيران نورانيان

يقول (روبرت ستيفنسون) ليس هناك إلاّ ثلاثة طرق لكتابة القصة؛ فقد يأخذ الكاتب حبكة ثم يجعل الشخصيات ملائمة لها، أو يأخذ شخصية ويختار الأحداث والمواقف التي تُنمي تلك الشخصية، أو قد يأخذ طقساً مُعيناً ويجعل الفِعلْ والأشخاص تُعبِرْ عنه أو تُجسده.

وقصتنا صباح هذا الأحد نأخذ فيها شعيرة دينية نجعلها تُعبر عن فكرة (قديمة) وتجسدها منبرياً في صلاةِ الجُمعة بمسجد النور الكافوري الشهير، فالشيخ عصام البشير حذر في خطبة الجمعة الماضية بحسب يومية الحرة من ظهور مجموعة لـ(سودانيين لا دينيين)، ربما يهددون عقيدة المجتمع السوداني وطالب بإطلاق مبادرة للحوار مع الشباب إذ يعيشون في صومعة مواقع التواصل الاجتماعي، ودعا شيخ عصام الوزراء إلى التقليل من تصريحاتهم وأن يكون العمل عنواناً للبرامج المطروحة. (انتهى اقتباسنا من فضيلة الشيخ).

ثم أما بعد، فإن القصة الأولى تنتمي إلى جنس الفانتازيا فتبدو غرائبية السمت وتتسم بتشويق ممدود وإثارة منضودة ودرامية عالية، وخيال محدود، وكان حريا بمولانا التحري والاستيثاق والتأكد عبر الطرق البحثية التي تعتمد قياسات علمية دقيقة ومن ثم لا ضرر ولا ضرار من أن يطلق معلومة كهذه ظهور مجموعة تطلق على نفسها (لا دينين سودانيين) تهدد عقيدة المجتمع، ربما تكون هناك مجموعة كهذي، أنا شخصياً لم أسمع، لكنني اطلعت على مجموعة (الملحدون السودانيون – Sudanese Atheists) على فيسبوك، فربما يقصد عصام هذه، لكن قصدها أم قصد تلك التي أطلقها من على منبره النوراني فإنه لم يحسن خاتمة القصة إذ كسر ظهرها بقوله (أن تهدد عقيدة السودانيين)، وبالتالي رفع من مقامها وأعلى من شأنها وروج لها ترويجاً ما كانت تحلم به (من منبر النور إلى صحف الخرطوم)، فأصبحت بفضله معرفة بعد أن كانت نكرة، وعلماً بعد أن كانت (رماداً) وتصدرت مجالس المدينة بعد أن كانت نسياً منسياً، فلله درك يا مولانا تروجون للشيء بينما تظنون أنكم تحاربونه.

أما التحذير النوراني الثاني، وهو الأهم، رغم أن قصته قديمة أشبعناها (تكراراً) في الصحف (خاصة الجزء الأول منه)، وهو دعوة الوزراء إلى التقليل من تصريحاتهم، وأن يكون العمل عنواناً للبرامج المطروحة، ولأننا لم نقصر في إسداء النصيحة للسادة الوزراء بالكف عن التصريحات، فاسمحوا لنا أن نلج إلى الفقرة الثانية من نصيحة إمام مسجد النور، وهي أن يكون العمل عنواناً للبرامج المطروحة، ولعمري إن كانت هناك برامج بالفعل وعمل بالفعل لما وجد الوزراء وقتاً للتصريحات الهارجة الهازئة، وقديما قال المثل (الخشم بليلة والحيلة قليلة)، فكلما كثرت تصريحات الوزير (وفار بها خشمه كالبليلة)، كلما كان ذلك مؤشرا على أدائه الضعيف و(قلة حيلته) وهوانه على المواطنين.

[/JUSTIFY]

الحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي