لا تزاوج بين اللي فوق واللي تحت
لم يعد سرّا أنني بصدد ترشيح نفسي رئيسا لجمهورية السودان، ولديّ ثقة كبيرة بأنني سأفوز بالمنصب، ليس بسبب قدراتي الخارقة، ولكن لأنني أهل للثقة وقلبي فعلا على وطني وبني وطني.. وبعد الفوز سأكون كما كنت: «أبوالجعافر».. أموت في الفول والطعمية وأتناول الملوخية ثم أذهب الى قسم الطوارئ في المستشفى.. وأقدم التعازي في عم فلان صاحب الدكان ولا أقدم التعازي في «الوجيه» رامي الحرامي.. وأزور خالتي فاطمة التي تقدم لي كوب الشاي وبه سبعة ملاعق سكر لأنها تعتقد أنني «ضعفان» بسبب سوء التغذية ولا بد لي من الإكثار من السكر حتى أسترد لياقتي البدنية.
كتبت قبل سنوات عن ذلك المواطن الجزائري الذي تم الزج به في احد السجون لأنه قليل أدب ومتطاول ويحتاج الى «تربية».. تخيلوا ان ذلك الهلفوت ذهب الى مبنى مجلس بلدي ليطلب يد رئيسة المجلس زوجة بالحلال.. اعتقلوه وبهدلوه.. هي الدنيا سائبة حتى تصبح رئيسة مجلس مدينة مطمعا لشخص من عامة الناس؟ ما لم يكن يعرفه ذلك العبيط هو ان امرأة تشغل مثل تلك الوظيفة، لا تريد زوجا تكون وظيفته أقل من وزير، و«بالعدم» وكيل وزارة.. وإنصافا لتلك الآنسة فإن من قاموا بضرب العريس المرتقب وتسلميه للشرطة هم حراس المبنى.. تمنيت لو كنت جزائريا وجاءني أحد أولئك الحراس ليطلب الزواج من بنتي.. كنت سأخرج الى الشارع وأصيح: يا ناس.. الحرامي.. في بيتي حرامي.. اقتحم البيت وهددني.. ليأتي كل من في الشارع ويشبعه ضربا ويتفرق دمه بين «المارة».
في روسيا توجه أخونا بختيار وهو من جمهورية داغستان الى قصر الحكم في موسكو (الكرملين) وظل يقدم رجلا ويؤخر أخرى: أي الأبواب يا ربي يوصل الى مكتب الرئيس فلاديمير بوتين؟ أي الأبواب يا ربي يوصل الى مكتب رئيس الوزراء ديمتري مدفيديف؟ ولكن حيرته لم تطل.. فسرعان ما وجد الجنرال أوليج فاسيليف قائد الشرطة في الكرملين يمسك بتلابيبه ويدخله الى مكتب جانبي، ووجد بختيار نفسه محاطا بكوكبة من رجال الأمن معظمهم من فئة وحيد القرن شكلا وسلوكا.. طبعا تبادر الى ذهنهم أن بختيار ارهابي لأنه مسلم .. وفلفلوه.. ولم يجدوا معه حتى قلامة أظافر: طيب اعترف يا مجرم أنك كنت تقوم بعملية مسح للكرملين بتكليف من جماعة إرهابية تخطط لعملية كبيرة.. المهم أنه بعد ساعات من الاستجواب قال لهم بختيار: يا جماعة أنا قصدي شريف.. وأريد مقابلة الرئيس في أمر شخصي «بيني وبينه فقط».. هنا ازدادت شكوك جماعة الأمن: ربما يريد ان يختلي بالرئيس ليخنقه بيديه او يطعنه أو يضربه بأي شيء يجده على مكتبه! فكالوا له الصفعات والركلات! قال لهم: يا جماعة.. والله انا جئت من بلدي لأطلب يد بنت مدفيديف.. صاحوا فيه: نعم يا دلعدي؟ قال مجددا: أريد الزواج ببنته.. بعد المزيد من التحقيقات والضرب تأكد لهم ان بختيار جاد في أمر مصاهرة رئيس الوزراء، وقرروا إطلاق سراحه، ولكنه رفض مغادرة المبنى: لازم أسمع رأيه في هذا العرض.. ربما يقبل تزويجي ببنته.. اتركوني هنا واذهبوا واستشيروه.
قالوا له: مستحيل ان نفعل ذلك لأنه لن يقبل ذلك العرض، ليس لأنك مواطن غلبان ولكن لأنه أصلا لم ينجب بنتا وعنده من الذرية ولد واحد اسمه إيليا.. والشاهد هو أنه حتى الغلابة لا يريدون الزواج إلا بصاحبات المناصب والوجاهة من ثم حلال عليهم الضرب الذي يتلقونه.
[/JUSTIFY]
جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email]