الصادق الرزيقي : حكومة جديدة .. إلا بعد الإنتخابات
> ومن الأفضل في هذا الوقت بالتحديد، ونظراً لأهمية العبور بالحوار الوطني حتى نهاياته وضفافه الآمنة، سرعة الاتفاق بين أحزاب الحوار الوطني على صيغة متفق عليها للمشاركة في إدارة الشأن العام والإسهام في تسيير دفة الحكم، نظراً للمشكلات التي تعاني منها البلاد، ولإعطاء إشارات جيدة لمعارضي ومقاطعي الحوار، وبث الثقة في النفوس ومعالجة بعض المعضلات التي تتعلق بصلاتنا بالخارج، خاصة أن هناك شكوكاً مازالت تعشعش في رؤوس أصحابها من القوى الخارجية حول جدية الحكومة في الحوار وغرضها الحقيقي منه، وهل تريد فقط شراء الوقت واللعب على حباله؟
> وتوجد إشارات في هذا الجانب من قيادات الحزب الحاكم، تؤيد تأجيل الانتخابات في حال التوافق على ذلك، وكان ذلك من مستخلصات الحوار وثمراته، وبالطبع لن يتم ذلك قبل ختام مطاف عملية الحوار التي ستبدأ خلال ثلاثة أشهر، ويكون موعد الانتخابات لحظتها قد أزف، فتأجيل الانتخابات والاتفاق على حكومة جديدة أمر لا بد منه لصناعة واقع جديد والتعبير عن حقيقة ما نتج عن الحوار وتجسيد روحه الجديدة، ولا مناص من الاستعداد لهذه المرحلة إذا كان الحوار سيقود حتماً إليها، وليس من مصلحة المؤتمر الوطني المضي إلى الانتخابات وحده وخوضها منفرداً تحفه الأحزاب الحليفة له وتقتات من فتاته، فذلك لن يغير الصورة ولن يدفع في اتجاه تعزيز الوئام الوطني بشكل جيد وفعَّال.
> والآن بعد أن استكمل المؤتمر الوطني بناء مؤسساته وأعاد تشكيل هياكله، ينتظر منه بدء خطوات جادة لتعزيز مناخ الحوار والنظر في كيفية جمع الصف، وتفويت الفرص على من يريد حالة الانقسام الوطني وتجريد السودان من أهم مصادر قوته وهي وحدة أهله وتفاهماتهم البناءة التي تأتي في اللحظات العصيبة، فالفرص التاريخية الحاسمة لا تتكرر، العتمة وظلام الخلافات وحلكة الدرب، هناك سوانح يمكن للحمة الوطنية أن تتماسك ويترابط نسيجها من جديد، فالمناخ مواتٍ لفكرة خلاقة تنقلنا إلى مربع آخر وتعيد ترتيب البيت من الداخل إذا حسنت النوايا وصدقت المقاصد.
> إذا كانت أحزاب المعارضة المقاطعة للحوار والقوى الاجتماعية التي لم تتبلور طبيعة ونوعية مشاركتها في الحوار، تريد أن ترى خطوات ملموسة في اتجاه واقع جديد، فعلى المؤتمر الوطني ألا يخذل من ينتظره، فهو قدم موجهات للفترة القادمة خلال خطابي الرئيس في افتتاح وختام مؤتمره العام ومن خلال خطابه أمام الهيئة التشريعية القومية، وبقدرما ما تكون خطوات التغيير والإصلاح تكون خطوات التقارب ممكنة وسهلة، ولا بد من التنازلات ودفع بعض الفواتير من أجل الاستقرار والسلام وتجنيب البلاد عوارض الصدام والمواجهات.
> وواضح من تشكيلات أجهزة ومؤسسات الحزب الحاكم، أن تغييراً سيحدث بظهور وجوه جديدة في قيادة العمل الحزبي الذي يرفد الدولة بالبرامج والموجهات والخطط، فبناء إرادة سياسية جديدة وقوية وفعَّالة تتوافق مع مطلوب المرحلة المقبلة أمر أصبح من الضرورة بمكان، فكل المطلوب هو إعطاء بارقة الأمل وبعث المطامح في النفوس، ولننظر لغد.. فليستعجل الحزب الحاكم في حواراته ويفتح الباب والنوافذ لتجديد الهواء.. وليدع مائة زهرة تتفتح.. ولا يغلق الباب أمام حكومة جديدة يرى فيها الجميع أنفسهم ويشارك فيها من شاء ورضي .
الصادق الرزيقي
صحيفة الإنتباهة
ت.أ