إعجاز القرآن في علم الغيب
في سورة الروم السورة رقم 30 في ترتيب المصحف (ألم٭ غلبت الروم٭ في بضع سنين لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون٭ بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم٭ وعد الله لا يخلف الله وعده٭ ولكن أكثر الناس لا يعلمون). الروم دولة مسيحية كتابية والفرس دولة وثنية لا دين لها ولا كتاب، تحارب الروم مع الفرس وهزم الفرس الروم، تمنى المسلمون أن لو كانت الغلبة للروم لأنهم أهل كتاب سماوي وأقرب لهم من الفرس المجوس، نزلت سورة الروم هذه تأكد للمسلمين أن الروم سيغلبون الفرس في بضع سنين والبضع من 3 إلى 9 وفعلاً صدق الله وعده وانتصر الروم في السنة السابعة من البضع وهو يوافق يوم انتصار المسلمون في بدر، وكان المسلمون منشغلين عن نصر الروم بانتصارهم يوم بدر وقد راهن أبوبكر الصديق على هذا الانتصار وكسب الرهان. في سورة النحل (والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون٭ وعلى الله قصد السبيل ومنها جائر ولو شاء لهداكم أجمعين) سورة النحل.. تأملوا وتفكروا ماذا خلق لنفس غرض الركوب بعد هذا الدواب وماذا يخلق إلى يوم القيامة والإنسان الذي يقوم بصنع هذه الأشياء في المصانع لا يملك شيئاً وإنما الصانع الحقيقي هو الله الخالق والمسخر وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعها منه. (أم يقولون نحن جمع منتصر٭ سيهزم الجمع ويولون الدبر). كان الرسول صلى الله عليه وسلم بمكة بعد الجهر بالدعوة وكان يريد واحداً من أصحابه ليسمع قرشياً القرآن فذهب عبد الله بن مسعود وأسمعهم القرآن وضربه أبو جهل ضربة شجت جبينه، وجاء إلى مجلس الرسول ومن معه دمه ينزف فحزن الرسول صلى الله عليه وسلم له حزناً شديداً، فنزل جبريل عليه السلام في الحال وقال للرسول ربك يقريك السلام ونزل بهذه الآية (سيهزم الجمع ويولون الدبر) سورة القمر. نزلت في مكة قبل بدر ونتيجتها تحديد يوم. قال سيدنا عمر كنت اقرأها وما عرفت معناها إلا يوم بدر كنا نطارد الكفار وهم منهزمين يولوننا أدبارهم. رأى الرسول صلى الله عليه وسلم رؤيا منامية أنهم يدخلون مكة ويطوفون بالبيت معتمرين وأخبر أصحابه بذلك وتجهزوا وذهبوا لمكة ليعتمروا حسب الرؤيا إلا أن قريشاً منعتهم دخول مكة والعمرة وعقد معهم صلح الحديبية كي يعتمروا في عام قابل، وهناك أعراب حول المدينة دعاهم لهذه العمرة لم يجيبوه لظن سيئ أن الرسول سيواجه قريشاً وأنها ستقتله هو وأصحابه وأنهم لن يرجعوا للمدينة، وكان في من ذهبوا لهذه العمرة رأس النفاق عبد الله بن أبي سلول إذ نزلت سورة الفتح عقب انصرافه من مكة وقبل أن يصل المدينة. أخي الكريم القارئ راجع هذه السورة إذ كلها إعجاز في علم الغيب: قال الله تعالى فيها :«لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رؤوسكم ومقصرين لا تخافون فعلم ما لم تعلموا فجعل من دون ذلك فتحاً قريباً»27 سورة الفتح.. فعلاً صدقت رؤيا الرسول وصدق وعد الله في هذه الآية لهم أنهم دخلوا في عام آخر مكة طائفين معتمرين آمنين بقوله في الآية فعلم ما لم تعلموا فجعل من دون ذلك فتحاً قريباً والفتح القريب حصل هو فتح مكة في السنة الثامنة. ونذكر جملة عن سورة الفتح وكل ذلك إعجاز غيبي أن الصحابة المؤمنين الذين بايعوا رسول الله تحت الشجرة على مناجزة كفار مكة عندما أشيع أن سيدنا عثمان قتل وهو لم يقتل بشرتهم برضوان الله لهم إن الله أثابهم فتحا قريبا وهو فتح مكة ومغانم يأخذونها. قال تعالى (ومغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه) الاشارة في هذه لمغانم ثقيف وقد غنموا جميع ما تملك ثقيف من مال بالطائف بعد فتح مكة مباشرة وبشرهم بمغانم فيما بعد وقد كانت كنوز الروم وفارس وغيرها. وفي السورة (قل للمخلفين من الأعراب ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد تقاتلونهم أو يسلموا)، والقوم الذين هم أولي بأس شديد هم أهل اليمامة بنجد في عهد سيدنا أبي بكر الصديق بقيادة سيف الله خالد بن الوليد ضد مسيلمة الكذاب وقد ثبت أن القبائل من الأعراب كمزينة وتمويه وأشجع وغفار كلهم دعوا إلى حرب اليمامة واشتركوا فيها. (إذاجاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجاً فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان تواباً) سورة النصر.
النصر هو نصر الله تعالى للرسول على أهل مكة والفتح هو فتح مكة. وعقب فتح مكة كما قال الله دخلت كل قبائل العرب في الجزيرة دخلت أفواجا في الإسلام باستثناء بعض مناطق الشام والعراق وقوله فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان تواباً علم الرسول منها دنو أجله كما عرف ذلك كثير من الصحابة.
إن الله وعد أبا لهب من أول يوم صعد الصفا ودعا أهل مكة للإسلام، فقال أبو لهب تباً لك ألهذا جمعتنا، فرد الله عليه (تبت يدا أبي لهب وتب ما أغنى عنه ماله وما كسب سيصلى ناراً ذات لهب وامرأته حمالة الحطب في جيدها حبل من مسد)، ورغم ما حصل لولده الذي أساء الى الرسول وقال الرسول اللهم سلط عليه كلباً من كلابك فذهب في تجارة مع تجار مكة للشام ورقد وسطهم ليلا ً خوفاً من دعوة الرسول عليه فجاء أسد في جوف الليل وشم كل واحد ولما شم ولد أبي جهل أمسكه ورضمه بالأرض وتهشم عظماً عظماً وكان يقول إني أخشى على ولدي من دعوة محمد، ولكن وعده الله بالنار وما حصل لولده لم يدفعه للحق لأن ذلك الوعد من الله إعجاز إنه لم يدخل الإسلام طالما وعده بالنار.
عبدالله الحبر بابكر
صحيفة الإنتباهة
ت.أ