سعد الدين إبراهيم

عام بلا رقم


[JUSTIFY]
عام بلا رقم

لست من الذين يحتفلون بأي صورة بأعياد رأس السنة .. ربما تتبعت سهرات القنوات الفضائية إن كانت جاذبة .. لكن هذا العام سأبدل تلك العادة ونحضر أمسية الوفاء لذكرى الحبيب خالد الذكر الفنان محمد وردي .. إذ درج على إحياء حفلات رأس السنة بشوق وحماس .. وسيكون ذلك بداره الوافرة بحي الأمراء .. فما أجمل أن نحتفي بسيرة وردي ونحن ننظر إلى مكانه الشاغر .. وكرسيه الفارغ .. وانسه المفقود وعبقريته الإنسانية الثرة .. ربما نجد بعض العزاء في تلك الاحتفالية فالفقد كان مريراً

عموماً أسمع تحذيرات لمنع مظاهر تصاحب الاحتفالات برأس السنة من قبل الشباب سميت دخيلة.. وعندما سألت عن هذه المظاهر فقيل رشق المارة بالماء .. وضرب البعض بالبيض .. ومع تحفظي على استخدام البيض لا أرى في رشق الماء ظاهرة دخيلة .. ومن البديهي طالما ارتضينا الاحتفال برأس السنة تماشياً مع الغرب والعواصم العربية (المتغربة) أن نقبل بما يصاحبه من سلوكيات قد نراها سالبة .. أنا أعتقد إنها لا تخلو من طرافة وفيها فائدة أن تفك أسار الشخصية السودانية المتزمتة، والتي تضع قناع الجدية على الدوام .. وفي ذلك تمرين على تقبل سلوك الآخر على علاته .. في ما يسمى بالكاميرا الخفية تفشل عندنا .. لأن الناس لا يقبلون بهذا المرح الغليظ .. حتى أن احد مقدمي الكاميرا الخفية سافر إلى سوريا ومصر ربما رأى في الناس هناك أريحية في تقبل مقالب الكاميرا الخفية .. وذلك أيضاً لما درجت عليه الشخصية السودانية من تشدد وعدم قبول وضع السخرية منه أو اللعب معه بهذه الطريقة.. حقيقة حسب الشخصية السودانية ما كان ينبغي أن يكون الاحتفال بهذه الطريقة من خروج إلى منتزهات وحفلات وتجوال وتسكع .. كان ينبغي أن يكون الإحتفال فردياً أو أسرياً .. لتأمل الذات ومحاسبتها على ما أنجزت وما لم تنجزه إنها فرصة لعمل كشف حساب ذاتي يخرج منه الانسان بنقد ذاتي متكامل يحسب الايجابيات قبل السلبيات والمحاسن قبل المساويء وربما الجلسات الصوفية أجدى من غيرها في الاحتفال بوداع عام ينسى فيه الناس إنه إضافة إلى سنوات العمر فيحتفلون بالعام الجديد، ولا يتأسون على عام مفقود .. إنضاف إلى ما نحمله على كاهلنا من أعوام .. وذلك جيد أن ننظر إلى الأمام .. وأن نعتبر الفات مات .. مع إنه الأجدى أن لا يموت أن يبقى تجربة وذكرى .. يصادف في الاسبوع الاول من يناير عيد مولدي وكنت استقبله بأبيات كامل الشناوي :

عدت يا يوم مولدي .. عدت يا أيها الشقي

الصبا ضاع من يدي .. وكسا الشيب مفرقي

üüü

الآن سأستقبله بأبيات (البردوني) المعنونة عام بلا رقم

وجهه بيدر الجثث .. ظهره مركب التفث

صبحه الرث كالدُّجى وهو من وقته ارث

كل مجرى فصوله جدث يقتفي جدث

أهو أقصى مدى الأسى أم بدائية العبث؟

الصباح..رباح – صحيفة آخر لحظة [/JUSTIFY]