خطوات سريعة نحو الجنائية

[CENTER]خطوات سريعة نحو الجنائية[/CENTER]
ذكرت لزملائي في الصحيفة، قبل يومين اثنين فقط، أن ما يحدث في دولة جنوب السودان، سيقود حتماً إلى اتهامات لبعض القيادات «المزعجة» التي لا يريدها الغرب، لتقود تلك الاتهامات إلى المحكمة الجنائية الدولية، ليصبح رئيسا دولتي السودان وجنوبه متهمين، مع عدد من القيادات السياسية والعسكرية في البلدين، بتهم ترتبط بالتصفية العرقية، وجرائم الإبادة الجماعية، وجرائم الحرب، بحيث تهتز الأرض أمام النخب السياسية، الحاكمة والمعارضة، وتفتح أبواب الفوضى على مصراعيها في الدولتين «التوأم»، وتبدأ مرحلة التقسيم الجديد، وفق الأوزان العرقية والقبلية، بحيث تصبح حدود الدول المحتملة» هي الحدود الاجتماعية للقبائل وتمددها.
بالأمس تأكد لي ما ذهبت إليه، وذلك عندما أعلنت الأمم المتحدة عن «العثور على مقابر جماعية بولاية الوحدة تضم قرابة الخمسة وسبعين جثة»، بالإضافة إلى مقبرتين جماعيتين آخريين في «جوبا»، وقد وصف البيان المتداول عبر الفضائيات ووكالات الأنباء العالمية، أن جرائم القتل تلك ناتجة عن أعمال عنف «عرقية».
السيدة نافي بيلاي، مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان طالبت المتحاربين بحماية المدنيين، وحذرت القادة العسكريين والزعماء السياسيين من أنهم قد يمثلون للمحاكمة بسبب ارتكاب جرائم حرب.
جمهورية السودان، تبدو أكثر تماسكاً من شقيقتها الدولة الوليدة في الجنوب، وتاريخ الدولة فيها أقدم، وحكم القيم والأعراف يسبق حكم القانون، وظل الدين على الدوام يمثل وازعاً قيمياً وحارساً أخلاقياً للمجتمع، حيث يصعب ارتكاب مثل تلك الجرائم رغم المزاعم والاتهامات الغربية التي طالت حتى رأس الدولة وبعض معاونيه.. لكن الأمر يختلف في دولة جنوب السودان، التي لم تتعافَ أصلاً من جراحاتها القديمة، ولم ينزع قادتها بزاتهم العسكرية، ويتحدثون دائماً ونظراتهم حذرة تستكشف المكان من حولهم، وأصابعهم دائماً على الزناد.
الآن، أكاد أرى الصورةالقاتمة السوداء لماسأة قادمة، تمزق الدولة الوليدة إلى دويلات صغيرة، حتى تفتح شهية الطامعين والحالمين وبائعي الذمم والمواقف إلى إنشاء دويلات أخرى شبيهة في المنطقة عموماً وفي السودان على وجه الخصوص.. ولا يظن أحد أن ما يحدث في بعض دول الجوار ـ أفريقيا الوسطى نموذجاً ـ بالتزامن مع ما يحدث في السودان، وما سوف يحدث في دول أخرى، هو مجرد صدفة.
التخطيط دقيق، و«القراصنة» بدأوا يحكمون قبضتهم، وقريباً جداً ستبدأ مرحلة التدخل المباشر في شأن الجنوب، ليصبح مدخلاً لتدخلات أخرى في المنطقة.
بعد ومسافة: صحيفة آخر لحظة[/SIZE][/JUSTIFY]



