عبد اللطيف البوني

التيجاني: من هنا نبدأ


[JUSTIFY]
التيجاني: من هنا نبدأ

بالأمس أوردنا بعض ملاحظات الدكتور التيجاني الطيب إبراهيم على مشروع ميزانية 2014، التي هي الآن قيد الإجازة لتكون جاهزة للتطبيق، وقد أوردنا ما قاله سيادته عن غياب إيرادات الكهرباء والمياه والنفط والمعادن على ضخامتها من صفحة الميزانية وقلة تقديرات قطاع الأمن والدفاع والشرطة، ثم تطرقنا لعدم اهتمام الجميع حكاماً أي متخذي القرار ومعارضة وإعلاماً بالميزانية على خطورتها وتأثيرها على مناحي الحياة في بلادنا، ثم اختتمنا بفكرة حكومة الظل التي يمكن أن تردم الهوة بين القرار والرأي العام.
يواصل الدكتور التيجاني ملاحظاته على الميزانية ويقول إن قطاع الدفاع والأمن والشرطة المتنوع يستحوذ على 88 % من إجمالي تقديرات الإنفاق القطاعي مقارنة مع 7 % (سبعة في المائة فقط) لقطاع الزراعة والصحة والتعليم!!! وأشاد سيادته بهبوط حصة القطاع السيادي من 4 % إلى 2 % ووصفها بأنها خطوة في الاتجاه الصحيح. ومن الملاحظات المهمة والتي فيها إجابة عن السؤال: (إلى أين تذهب إيرادات الكهرباء المياه والنفط والمعادن؟)؛ ما ذكره عن غياب تقديرات الصرف على قطاع الأمن والدفاع القتالية وفي تقدير سيادته أن (البحث عن التجنيب ومنابع الفساد يبدأ من هنا).
ومع كل الذي تقدم يقول الدكتور الخبير: (ما زالت هناك فرصة لإعادة تقييم موازنة 2014 لتلافي مجمل الحقائق والمعطيات السالبة بهدف إزالة السلوك الإدماني الرسمي في الإنفاق غير المنتج ووقف السير نحو الهاوية المالية). إذن يا جماعة الخير الدكتور التيجاني إبراهيم وانطلاقاً من تخصصه قام بالواجب، إذ وضع الميزانية على طاولة التشريح العلمي، فوصل إلى النتيجة المنطقية من ذلك التشريح، وهي أن القضية ليست اقتصادية بحتة، إنما هي سياسية؛ فالنظام أدمن الإنفاق غير المنتج، فسار بالاقتصاد نحو الهاوية، وليس هذا فحسب؛ بل وضع روشتة العلاج ضمنياً وهي وقف الصرف غير المنتج ومن أين تبدأ محاربة الفساد.
طيب يا جماعة الخير، من الذي يجب أن يتوقف عند كلام الدكتور التيجاني وغيره من الخبراء مؤيداً للحكومة كان أم معارضاً؟ أول من يفعل ذلك في تقديرنا هو متخذ القرار، ولكنه للأسف لن يفعل بدليل أن مجلس الوزراء الموقر وهو المنوط به فلفلة الميزانية قبل تبنيها، وقد أجازها في أول أسبوع له من تكوينه الجديد؛ فباستثناء وزير الدولة بوزارة المالية (الذي دافع عن التجنيب في البرلمان!!!)، فكل الوزراء تقريباً إما أنهم جدد في المنصب أو لا صلة لهم مباشرة بالاقتصاد، فكيف تسنى لهم الاطلاع على الميزانية وإجازتها بهذه السرعة؟ أما البرلمان فلا أمل يرجى منه، فسوف يحصر همه في رفع الدعم والضرائب ويجيز الميزانية، ويقول لنا إنه ليس فيها ضريبة جديدة وليس فيها رفع دعم، علماً بأن انخفاض قيمة الجنيه وبالتالي ارتفاع معدلات التضخم بسبب الإنفاق غير المنتج وعدم الشفافية في الميزانية هي أكبر من أي ضريبة وأكبر من أي رفع دعم.
يبدو أننا محتاجون إلى ضرب الكوارك (رو رو رو) للاقتصاديين في الحزب الحاكم وفي المعارضة وكليات الاقتصاد وبقية الخبراء الاقتصاديين والإعلاميين في مختلف وسائطهم، لماذا لم توعوا الرأي العام بمثل هذه الأمور المهمة حتى تستقيم الأمور في بلادنا؟ هل اكتفيتم جميعا بالقول (كلو تمام يا افندم) أو (الشاسي مفتول فلا داعي للنظر لبقية الأجزاء المكونة للعربة)؟ شكراً دكتور تيجاني ما قصرت تب.

حاطب ليل – صحيفة السوداني [/JUSTIFY]