عبد الجليل سليمان

الاستقلال والسلطة

[JUSTIFY][SIZE=5] [CENTER] الاستقلال والسلطة[/CENTER]

في حوار مع البروفيسور الراحل عبد الله الطيب، نُشر في السوداني بتاريخ (6/7/ 2012م)، كُتب على ديباجته (لم ينشر من قبل)، وفي معرض رده على سؤال فحواه أن هناك اتهاماً لأهل الشمال النيلي بإنهم فرضوا ثقافتهم بالقوة على مناطق البلاد الأخرى واضطهدوا الآخرين واحتكروا السلطة والثروة واختاروا من بينهم نخبة سيطرت على السلطة حتى فى العهود الديموقراطية؟.
فجاء رد البروف الراحل كما يلي: (السلطة ما عرفها السودانيون إلاّ دي الوقت، ولما عرفوها اتلخبطت عندهم لأنهم الآن بقوا يتقاتلوا عليها، من ما استقل السودان لكن قبل كدا (قبل التركية) السلطة كانت اسمية للمك الكبير عمارة دونقس، والناس اللي خلفوه ما كانت وطأتهم شديدة على الناس الباقين، عشان كدا السلطنة الزرقاء استمرت (300 سنة). وأضاف: حتى قطاعين الطرق كان ليهم أدب، ودا الطيب محمد الطيب كتب عنه، وزي ما قال ما بياخدوا (مال امرأة)، ولا مال فكي، كان عندهم (أدب كتير موصوفين بيهو).
انتهى القوس الذي اخترته من إفادة البروف الطيِّب، وهو قوس يدعو إلى نوع من التأمل البصير والحصيف، وكأني به وافق على ذلك بتحفظ، إذ وضع إجابته في سياق صيرورة تاريخانية، سياسية وجغرافية وديمغرافية دون أن يقع في مأزق النفي أو الأثبات المباشر لـ(سؤال احتكار الشماليين للسلطة)، فأشار إلى أن السودانيون لم يتعرفوا على السلطة (إلا دى الوقت) (بعد الاستقلال)، لذلك تشابهت عليهم الأبقار، فصاروا يتقاتلون عليها، إذ أن السلطات (المحلية الوطنية) التي كانت قائمة في (بلاد السودان) كانت اسمية، لذا من لم تكن ذات شوكة وشديدة الوطأة على المواطنين (الرعايا)، حتى أن اللصوص لم يكونوا يعتدون على أموال النساء والمتعبدين من الرجال.
ومن هنا يتضح لنا، أن مبدأ التعايش السلمي بين البشر على أساس المواطنة الكاملة ومبادئ الحقوق والواجبات لا يتحقق إلاّ بتفتيت السلطات المركزية وتفويضها بأقدار ونسب، وأن احتكار السلطة يفضي إلى احتكار الثروة وفرض ثقافة واحده على الجميع، وبالتالي ظهور النعرات القبيلة وهذا ما حذر منه الشاعر اليقظ يوسف مصطفى التني إذ (نحن للقومية النبيلة/ ما بندور عصبية القبيلة/ تربي فينا ضغائن وبيله، تزيد مصايب الوطن العزيز).
ورغم أن ملاحظة البروف بأن السودانيين ربما أطلق الكل وأراد الجزء – لم يتعرفوا على السلطة (إلا دلوقت) وقعت نفسي موقعاً حسناً إذ بررت لي تكالبهم عليها حد الاقتتال والفناء، لكنها عبارة مفخخة إذا علمنا أن (57) عاماً مضت من (دي الوقت) طرف البروف، ولا زلنا لا (دونقس) أبقينا، ولا ربع شوط إلى (ويست منستر) قطعنا

الحصة الأولى: صحيفة اليوم التالي [/SIZE][/JUSTIFY]