حالات الخرطوم.. نزع وسيولة

وحالة النزع هي لحظة خروج الروح من المُحتضِرْ، أما حالة السّيولة، فهي التي تكون فيها المادَّة سائلة ولها قابليَّة التَّدفُّق والاستعصاء على الانضغاط. وبين الحالتين (زقاق) ضيق تمشي عليه العاصمة الخرطوم الآن، إذ أن من أبرز حالات النزع التي تلبست العاصمة اليومين المنصرمين اثنتان، إحداهما (شوف عين)، والأخرى رواية مبذولة من أحد الثقاة.
والنزع (شوف العين) حالة من بندين، أولهما أن ملصقات مجهولة الهوية، احتشدت بها متون (أعمدة الكهرباء) في الأسواق والأحياء تجمل عبارات مهددة للسلم الاجتماعي، عبارات لا تحث المواطن على عدم الاحتفاء بالكريسماس ورأس السنة فحسب، بل تعتبر من يفعل ذلك كافراً من حيث اتبع (ملتهم).
وتتبدى حالة النزع القصوى لهذه الملصقات في كون الجهة التي روجت لها مجهولة، وبالتالي مما يجعل الظن بأن العاصمة (فاكة ساي) حقيقة ماثلة، إذ أن كل أحد يلصق على وجهها وظهرها ما يشاء من عبارات، ولا أحد يسألة (من أنت)؟ وهذا الأمر إن استمر فإن البلد ستخرج روحه (قريباً)، فأوقفوا هذا العبث في المرات القادمة، أو على الأقل أجبروا الجهة اللاصقة للكراهية على إثبات هويتها وإعلانها بوضوح تام.
أما ثانية حالات النزع (شوف العين)، أنه لا مؤسسة سودانية من تلك المُنشآت على جانبي شارع أفريقيا (المطار) عدا أقل من أصابع اليد الواحدة، قررت أن يرفرف على سارياتها علم السودان ولو ليوم واحد، يوم الاستقلال، الغريب في الأمر أن كل المؤسسات الأجنبية في ذات الشارع كان يرفرف عليها العلم عالياً خفاقاً.
أما حالة السيولة كما وردت في رواية أحدهم (محل ثقتي)، أن جهة ما ظلت متربصة مداخل غابة الخرطوم تتقاضى رسوماً من الداخلين إلى حيث السنط والظلال، كي يحتفوا بإنعاتقهم من المستعمر، وإذ صحت هذه الرواية فإن كثيرين سيتوقفون عن الاحتفال بذكرى الاستقلال في الغابات والسهول والجبال، والبيوت، فلا داعي لخروج سائل وللاّ شنو يا جماعة؟
الحصة الأولى: صحيفة اليوم التالي [/SIZE][/JUSTIFY]
