وظائف.. أمنع من عقاب الجو

قَالَ: وكيف لي بها، وهي أمنع من عقاب الجو؟ فذهبت مثلا:
وكانت الزباء سألت كاهنة لها عن أمرها وملكها، فقالت: أرى هلاكك بسبب غلام مُهين غير أمين، وهو عمرو بن عدي، فحذرت عمرو، واتخذت نفقاً من مجلسها الذي كانت تجلس فيه إلي حصن لها داخل مدينتها، وقالت: إن فاجئني أمر دخلت النفق إلى حصني، ودعت رجلا أجود أهل بلادها تصويراً وأحسنهم عملا لذلك، فجهزته وأحسنت إليه، وقالت له: سر حتى تقدم على عمرو بن عدي متنكراً، فتخلو بحشمه وتنضم إليهم وتخالطهم وتعلمهم ما عندك من العلم بالصور والثقافة، ثم أثبت عمرو بن عدي معرفة وصوره جالسا وقائما وراكبا ومنفصلا ومتسلحا بهيئته ولبسته وثيابه، فإذا أحكمت ذلك فأقبل إليّ، فانطلق المصور حتى عاد بما أمرته به الزباء من الصور على ما وصفت له، وأرادت أن تعرف عمرو بن عدي، فلا تراه على حال إلا عرفته وحذرته. وهكذا حالت الزباء بينها وبينه، فقال فكيف لي بها وهي أمنع من عقاب الجو.
وقلنا ونحن نستعين بتاريخ الطبري كما قد سلف ومرات لا نستعين إلا بقرائن الحال الماثلة أمامنا، قُلنا إن الخدمة المدنية لن تلين فتعود طيعة لمعاييرها العلمية والأكاديمية في أن يكون المتقدم سوداني الجنسية وأن لا يجاوز عمر (كذا)، وأن يكون حائزاً على ماجستير الــ( )، وله خبرة لا تقل عن خمس سنوات، فلا يسألن عن إلى حزب أو قبيلة ينتمي، ولا كم سورة من القرآن يحفظ إلا إذا كان سيعين أستاذاً للقرآن الكريم وعلومه مثلاً وهذه المعايير لن تطبق في القريب العاجل، لأن كثيرين سيفقدون وظائفهم التي سكنوا بها تمكيناً وتسيساً دونما مؤهلات يحوزونها، فهل نتوقع أن تنفك أصابع التمكين القوية عن وظائف عُليا في وزارة الخارجية، المالية، النفط، وغيرها لأنها وظائف أضحت أمنع من عقاب الجو على كل السودانيين المؤهلين لها ما لم يكونوا منخرطين في (أهل التمكين)، وهذا ما أودى بالخدمة المدنية إلى حضيضها الراهن
الحصة الأولى : صحيفة اليوم التالي [/SIZE][/JUSTIFY]
