الطاهر ساتي

لوائح حماية الفساد ..!!


[JUSTIFY]
لوائح حماية الفساد ..!!

:: كل عام وأنتم بخير.. وبالمناسبة، مضى العام 2013، ولم يقدم ديوان المراجعة القومي تقريره للبرلمان و الرأي العام ..أكتوبر من كل عام هو موعد عرض هذا التقرير الذي يكشف حال المال العام ، ولكن مضى أكتوبر – وما تلاه من أشهر العام – بلا أي عرض، ولم يتساءل أي نائب برلماني عن هذا التلكؤ المسمى شعبياً ( أُم غمتي) .. منذ أكتوبر – موعد عرض التقرير- و إلى الأسبوع الفائت، سألت أكثر من مصدر بديوان المراجع عن تاريخ العرض، ولم جد رداً منطقياً غير ( المراجع مسافر، ح يعرض لمن يرجع).. وصدقاً، فالمراجع العام أكثر ترحالاً من وزير الخارجية و(مصطفى عثمان إسماعيل).. ولن نظلم الرجل، ربما من هواة السفر أو مكلف بمراجعة أموال دول العالم .. وعليه، ننتظر عاماً آخر ليعرض تقرير ( العام الفائت)..!!

:: ورغم تأكيد الحرص على تقاير المراجع العام، اسأل نفسي وإياكم ( شن طعمها؟).. أي ما جدوى المراجع العام وتقاريره للمال العام، سنوية كانت هذه التقارير أو شهرية؟.. للأسف، هذه التقارير ليست ذات جدوى للمال العام، وهي محض صفحات للإطلاع فقط لاغير .. والأدهى والأمر، أن هذه التقارير التي كانت وقائعها وأرقامها معتمدة ومعترف بها رسمياً وشعبياً (لم تعد كذلك)، أي صارت مجرد روايات وحكايات تستلهم منها طرائق تفكير المفسدين ثم تلف وريقات التقرير ببعضها و تضعها في ( سلة مهملات).. وإعتباراً من أحكام البراءة الصادرة لصالح أزهري التيجاني والطيب مختار ليس من العدل – ولا العقل – أن يصرف هذا الشعب المنكوب على ديوان المراجعة القومي، بل نقترح تحويل مباني الديوان – المجاورة النيل- إلى فندق (خمس نجوم)..!!
:: فالجهة التي كشفت تجاوزات مالية بألأوقاف هي (ديوان المراجع العام)، وليست الصحف ولا قوى المعارضة ولا الجبهة الثورية.. ومع ذلك، أي رغم أن تلك جهة رسمية وذات شهادة معنمدة، برأت المحكمة وزير الأوقاف ومديرها ثم شطبت القضية المرفوعة ضدهما.. وعليه، تصبح تقارير المراجع العام إعتباراً من هذه السابقة ( كلام فارغ)، ولذلك وجب الإستفادة من مباني الديوان وكوادره في مهام أخرى ليست من بينها (المراجعة والمحاسبة).. وبعرض مختصر لوقائع قضية الأوقاف تكتشف أن القانون في وادي والفساد والمفسدين في واد آخر، ولا يلتقيان أبداً.. فالعقد الخاص، الموقع عليه أزهري التيجاني و الطيب مختار، مخالف لقانون المال العام حسب لوائح المال العام التي يتكئ عليها المراجع العام حين يصدر أحكامه.. ولكن هذا العقد الخاص ذاته، حسب لوائح الوزارات والوحدات الحكومية، غير مخالف لقانون المال العام.. أو بالأصح تلك اللوائح الوزارية بمثابة غطاء غير شرعي ل (مخالفات العقد الخاص)..!!

:: باللوائح، يستطيع أي مسؤول – وزيراً كان أو والياً أو حتى رئيس محلية – توقيع ( عقد خاص)، خارج هياكل الخدمة المدنية ودرجاتها ومرتبتها، مع أي مدير أو موظف أو عامل، ثم يصرف له ما يشاء من المال العام .. وعقد الطيب مختار الخاص مجرد نموذج، ولكن (ما خفي أعظم)، أي بكل وزارة و مؤسساتها حزمة عقود (عقود خاصة)، وكلها مخالفة لقانون المال العام .. ومع ذلك، لن تحاكمهم المحاكم حين يساقوا إليها من قبل المراجع العام، لأن اللوائح الوزارية تغطي هذه ( المخالفات)، وهذا ما يُسمى بالفساد المحمي بالقانون ..على سبيل المثال، الإشارة الحمراء عند ملتقى الطرق تعني التوقف، أوهكذا قانون المرور المعترف به دولياً.. ولكن، لو أصدر مدير شرطتنا قراراً بتغيير الإشارات بحيث تعني الإشارة الحمراء مواصلة السير، فهذا يصبح ( قانون سوداني).. وهكذا – بالضيط – بعض لوائح المال العام في بلادنا، إذ لوائح لا تمت إلى قانون العقل والضمير بأي صلة، وهي بمثابة غطاء للفساد ..ولذلك، يُفسد المفسد في بلادنا بمنتهى ( الوقاحة )..!!
[/JUSTIFY]

الطاهر ساتي
إليكم – صحيفة السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]