تحقيقات وتقارير

خارطة طريق أبيي… هل هي حل بالإيد أم بالسنون

[ALIGN=JUSTIFY]عودة النازحين:
? يعود المواطنون لديارهم (أبيي) بعد اكتمال الترتيبات الأمنية والمتوقّع انجازها قبل نهاية يونيو. ورد في الأخبار أن النازحين الذين نزحوا إلى جنوب بحر الغزال رفضوا العودة ما لم تسوى المشكلة، ويطعنون في اتفاق خارطة الطريق ويصرون على تنفيذ البروتوكول. المحاولات جارية لاثنائهم، والأمطار في الطريق، والوقت المحدد لا أعتقد أنه يسمح بإعادة تأهيل المساكن.
? الزمت حكومة الوحدة الوطنية لتوفير الاحتياجات لبرنامج العودة وذلك بالمشاركة مع الوكالات والمنظمات الدولية ذات الصلة من خلال إدارة ابيي. البروتوكول على عكس الخارطة، طلب من المجتمع الدولي والمانحين المساهمة وتسهيل عمليات العودة وإعادة الاستقرار لسكان منطقة أبيي.
– أعتقد أن الخارطة حددت المسؤولية كاملة دون انتظار لدعم المانحين، الذين في الغالب لا يستجيبون، وإن استجابوا فسيأخذ ذلك زمناً كبيراً وسيكون العائد الذي يصرف على العودة ضئيلاً حيث يذهب جل المال في الصرف على الإداريات. ويجب أن نتذكّر أن مشكلة دارفور تعمقت بعد إنشاء المعسكرات وصارت وسيلة ضغط للحكومة ومرتعاً للمنظمات والمجتمع الدولي يبث سمومه فيها. يجب تضافر الجهود الصادقة لعودة النازحين بأعجل ما تيسّر على توفر المعينات المناسبة وتوفر الأمن والطمأنينة وهنا يظهر مقدرات أهل المنطقة خاصة نخب دينكا نقوك.
الترتيبات المؤقتة لإدارة المنطقة:
? دون الإخلال بنتيجة التحكيم يتفق الطرفان على:
الرئاسة تكون إدارة المنطقة وفقاً للبروتوكول خلال اسبوعين.
? تكون الحدود المؤقتة لإدارة منطقة أبيي (الغالب إدارية أبيي السابقة). هنا استطاع الشريكان أن يخرجا مؤقتاً من معضلة الحدود التي يجب على الإدارة العمل فيها، وأعتقد طالما أن الترتيبات هذه مؤقتة، فهذا الحل سيفسح المجال للإدارة لأداء مهامها في الرقعة المحددة. على جميع الأطراف أن ينوروا منتسبيهم على هذه النقطة المهمة الحساسة، حتى لا يتم البناء عليها مستقبلاً. وأشارت الخارطة إلى ان تباشر الإدارة (المجلس التنفيذي) عمله وفق البروتوكول الذي حدد مهامها في:
? تقديم الخدمات الضرورية.
? الإشراف على عملية إشاعة الأمن وتحقيق الاستقرار في المنطقة.
? اقتراح مشاريع لتنمية المنطقة الريفية للمجلس التنفيذي للمنطقة والرئاسة.
? تقديم مقترحات للحكومة القومية بشأن تقديم مساعدات وتحسين نمط حياة سكان أبيي بما في ذلك التنمية الريفية.
? تعيين الرئاسة مرشح الحركة رئيساً للإدارة ومرشح المؤتمر الوطني نائباً للرئيس وذلك من بين مواطني منطقة أبيي.
? البروتوكول أوصى بأن تدار منطقة أبيي، بعد التوقيع على اتفاقية السلام الشامل، بواسطة إدارة خاصة بإشراف مؤسسة الرئاسة، أي أن منطقة أبيي تتبع لمؤسسة الرئاسة وليس لولاية جنوب كردفان وفقاً لوضعها الجغرافي. لذلك كان من أسباب التوترات عدم تنفيذ هذا البند وبالتالي حدث فراغ إداري وسياسي كبير أدى لكثير من التوترات والخسائر الكبيرة في الأرواح والممتلكات.
? نص البروتوكول على أن تدار المنطقة بمجلس تنفيذي محلي ينتخبه سكان الولاية، وإلى حين قيام الانتخابات تتولى الرئاسة تعيين أعضاء هذا المجلس التنفيذي ونص على ضرورة أن تكون من مواطني منطقة أبيي. {ملحوظة: منطقة أبيي المعرَّفة في البروتوكول هي المنطقة التي كان يوجد بها قبائل دينكا نقوك التسعة عام 1905م. وهذة المنطقة وفقاً للحكومة والمسيرية لم ينجح في تحديدها تقرير الخبراء، ووفقاً للحركة ودينكا نقوك، هي المنطقة التي حددها تقرير الخبراء وفقاً للخرطة المرفقة مع تقريرهم.
الجميع يعلم أن الخلاف الرئيسي في هذا الموضوع، فهل نتوقّع أن تكون ترشيحات الطرفين مسار مشكلة أخرى أم سيغضوا الطرف ويتركوا لكل طرف تحديد ممثليه وفقاً لقناعة كل طرف).
? البروتوكول نص بتكوين المجلس التنفيذي، من رئيس ونائبه أو نائبته (في إشارة لإشراك الجنس الآخر وهذا في الوقت الحاضر من الصعوبة تنفيذه لعادات وتقاليد المنطقة وللجو العدائي الذي يحتاج لوجود الرجال)، بجانب ما لا يزيد عن خمسة من رؤساء الإدارات، وحتى قيام الانتخابات يتولى مؤسسة الرئاسة عملية تعيين رئيس ونائب رئيس المجلس التنفيذي برفع توصية لجهاز الرئاسة بشأن تعيين رؤساء الإدارات الخمس التي لم يحددها البروتوكول أو الخارطة.
? الخارطة حددت وسمَّت الرئيس من الحركة ونائبه من المؤتمر بينما سكت البروتوكول عن هذا التفصيل، وأعتقد أن هذه ميزة إيجابية منحت للدينكا. ولم يحدد البروتوكول ولا الخارطة كيفية تقسيم الإدارات المتبقية على الدينكا والمسيرية، هل ستكون مناصفة على أن يكون للرئيس صوتان حيث يرجّح صوت الدينكا في القرارات أم هل ستكون القرارات توافقية تخضع لرضاء الطرفين وليس للغلبة الميكانيكية؟! {ستكون القرارات بتوافق الأداء داخل الإدارة ويعمل المجلس بروح الشراكة والزمالة بهدف المحافظة على اتفاقية السلام كما جاء في المرسوم 21 لسنة 2008 إنشاء إدارة منطقة أبيي}.
? الخارطة منحت للرئيس ونائبه فرصة للتشاور لتعيين رؤساء الإدارات وأعضاء مجلس المنطقة وفقاً للبروتوكول. بينما البروتوكول منح هذا الحق للرئيس فقط. ويبدو أن الخارطة انتبهت أن ذلك سيخلق اشكالاً وبالتالي إضافة الطرف الثاني.
? الخارطة أشارت إلى أن الرئيس ونائبه مناط بهما تعيين مجلس منطقة أبيي ذو المهام الرقابية والتشريعة. فلا يعقل أن تعين الإدارة من يراقبها والأجدر أن يترك هذا الواجب لمؤسسة الرئاسة حتى تضمن مجلساً قوياً يؤدي عمله بقوة واقتدار، رغم أنه معين في الوقت الحاضر وسينتخب بعد الانتخابات من مواطني المنطقة.
? تستأنف الرئاسة عمليات السلام والمصالحة في المنطقة بالتضامن مع إدارة المنطقة والمجتمعات المجاورة لها وفقاً للخارطة، هذا ما لم ينفذ قط رغم اهميته، وأرى أن كثيراً من الاحتكاكات نتجت لافتقار المواطنين لثقافة السلام ولإنعدام المؤتمرات الخاصة بالصلح والتسامح وقبول الآخر. البروتوكول أوكل هذه المهمة للمجلس التنفيذي الذي لم يشكل وبالتالي لم ينداح السلام في المنطقة.
? توفر الرئاسة حسب الخارطة، الأموال اللازمة لإدارة المنطقة وذلك لإغراض تقديم الخدمات الأساسية وتسيير الادارة وفقاً للبروتوكول .
? الخارطة نصت، دون إخلال بصيغة قسمة الثروة الواردة بعد اتفاقية السلام الشامل، والى حين ترسيم الحدود وفقاً لقرار التحكيم، يتم تقاسم عائدات الحقول الكائنة بالمنطقة الخاضعة للتحكيم وفقاً لترتيبات قسمة الثروة الواردة ببروتوكول أبيي.
[ملحوظة: المنطقة الخاصة للتحكيم هل هي المنطقة التي حددت في البروتوكول لتكون منطقة أبيي أم هي المنطقة التي حددها الخبراء؟؟] تقسيم البروتوكول وفقاً للبروتوكول: (50%) حكومة الوحدة الوطنية (42%) حكومة الجنوب (2%) إقليم بحر الغزال (2%) ولاية جنوب كردفان (2%) الدينكا نقوك (2%) المسيرية.
? تسهم حكومة الوحدة الوطنية وحكومة جنوب السودان بنسبة (50%) و(25%) على التالي من نصيبها من عائدات نفط الحقول الكائنة بالمنطقة الخاضعة للتحكيم، لصندوق تأسسه الرئاسة لتنمية المنطقة الكائنة على طول حدود الشمال مع الجنوب، وتمويل المشاريع المشتركة المقدمة للاجتماع الثالث للمانحين في أوسلو بالنرويج في مايو 2008م.
هذه ميزة إيجابية لم ترد في البروتوكول، وأعتقد أنها ظهرت للتوترات الحادثة والمتوقّعة بين القبائل القاطنة في حدود الجنوب والشمال ولا بد أن نتذكر ما أدلى به دوقلاس لحكومة جنوب السودان بأن هناك خرطاً يمتلكها لا تتماشى مع خريطة حدود الشمال والجنوب، أن هناك اشكالات ستحدث بشأن الحدود: جنوب دارفور مع بحر الغزال وأبيي شمال بحر الغزال، جنوب كردفان مع الوحدة أعالي النيل مع ولايتي النيل الأبيض والنيل الأزرق، مجلس الجنوب توقع ألا يحدث نزاع حول حفرة النحاس وكافي كانجي اللتين أثبتت الوثائق تبعيتهما إلى غرب بحر الغزال على حد زعمهم. (أواخر أكتوبر 2007م).
ترتيبات الحل النهائي:
? دون إخلال بموقف الطرفين حول ما توصل اليه تقرير خبراء مفوضية أبيي [يعني أن التقرير لم يلغ بعد]، يتفق الطرفان على ما يلي:
– يلجأ الطرفان لهيئة تحكيم مهنية متخصصة يتفق عليها الطرفان للفصل في خلافهما حول ما توصل إليه تقرير خبراء مفوضية حدود أبيي. يعني وصف هيئة التحكيم بالمهنية والتخصص، يوضح تلافي العيب الذي وضح في الخبراء السابقين، كما ذكرت سابقاً فإن التحكيم حول ما توصل اليه الخبراء، أي بمثابة استئناف القرار.
– يبرم الطرفان قواعد مرجعية للتحكيم (مشارطة التحكيم) تشتمل على تسمية هيئة تحكيم مهنية، آلية الاختيار للمحكمين، المسائل المحالة للفصل فيها بالتحكيم، كيفية اجراءات التحكيم، كيفية اتخاذ القرارت، تنفيذ قرار هيئة التحكيم.
أيضاً هذه التفاصيل الدقيقة تدل على الاستفادة من التجربة الماضية حيث تركت كل التفاصيل للمفوضية ولكن هذه المرة سيتم الاتفاق بواسطة الشريكين على هذه التفاصيل، وأرجو ان لا يغرقا في بحر التفاصيل، خاصة وأن شيطان التفاصيل يلاحقهم. كما أتمنى أن يستعين الطرفان بخبراء في مجال القانون الدولي والمعاهدات والمواثيق الدولية من داخل وخارج السودان لوضع مسودة تناقش بواسطة الشريكين، وأن لا يميلوا للاستعجال فالتأخير أفضل ألف مرة من الاستعجال.
– أهم نقطة -وقد كانت ايضاً ضمن ملحق الخبراء- أن قرار هيئة التحكيم ملزم ولا بد من تنفيذه. هل ستكون هناك فرصة للاستئناف والاحتجاج مرة أخرى؟ د. عادل تنقو كما أوضح يقول، يمكن لقرارات لجان التحكيم ومحكمة العدل الدولية أن تستأنف قضائياً إذا تجاوزت اختصاصاتها؟ عموماً هذه النقطة تحتاج لدراسة ووضع ضوابط لها حتى لا نرجع للمربع الأول.
-عملية التحكيم تنجز في ستة أشهر من تاريخ إنشاء هيئة التحكيم ويمكن مدها لثلاثة أشهر أخرى. هذا قطعاً يتوقف على توفر الوثائق والمراجع ووضوحها، كذلك يتوقف على قدرة الطرفين من تجهيز مرافعتيهما عن المسألة بطريقة تسهل على الهيئة تفهمها والفصل فيها.
– إذا فشل الطرفان في التوصل خلال شهر لاتفاق حول هيئة التحكيم أو مشارطة التحكيم أو مرجعيات التحكيم الأخرى، أو قواعد تسييره، يسمي الأمين العام للمحكمة الدائمة للتحكيم في لاهاي، خلال خمسة عشر يوماً، هيئة تتولى التحكيم وتضع القواعد والمرجعيات الإجرائية وفقاً لقواعد محكمة التحكيم الدولية والأعراف الدولية المرعية. وهذا مربط الفرس، ونقطة جديرة بالتوقف عندها. من المتوقع كما يحدث دائماً أن يختلف الشريكان في كل أو بعض هذه المطالب وبالتالي يتولى الأمر الأمين العام للمحكمة الدائمة للتحكيم في لاهاي. ونتوقع أن لا تتناسب القواعد والمرجعيات مع الطرفين أو أي منهما وخاصة تسمية هيئة التحكيم التي تحتاج لدقة. نأمل أن لا يخرج هذا الموضوع من يدي الشريكين وتركه لغيرهما، وما تجربة الخبراء ببعيدة عن الأزهان.
– لوحظ ان المفوضية طلب منها ان تنهي عملها خلال عامين والتحكيم من 6 الى 9 أشهر. ويبدو أن تقليل الزمن بالنسبة للتحكيم باعتبار ان التحكيم مهمة استئنافية حيث تنحصر مهمته في دراسة التقرير والتأكد من استيفائه أو عدم استيفائه فقط.

لواء مهندس فني ركن (م)
عبد الرحمن أرباب مرسال

*المعتمد الأسبق لأبيبي
الصحافه [/ALIGN]