سعد الدين إبراهيم

يا أولاد الإيه !!


[JUSTIFY]
يا أولاد الإيه !!

من المفاجآت التي تفجؤنا أن استقلال السودان تبقت له أقل من سنتين بأيام ليصل إلى سن المعاش.. قضى سنوات عمره كلها في نزاع وتنازع .. في حروب ومعارك.. في حكومات مختلفات التوجه.. فمن الشيوعية إلى إسلامية، من مدنية إلى عسكرية.. دبت فيه علامات المرض.. اعتراه مرض السكري ولما اثقلته الجراح اضطر إلى بتر قدميه فمشى على عكازتين.. أما زال الحلم بعودة جسمه المفقود.. بضع أيام قل شهور وينزل استقلالنا المعاش .. وهو مصاب بأنيميا حادة .. بسبب فقر الدم الذي كان نتاجاً طبيعياً للمقاطعة الاقتصادية مؤخراً.. «وللهمبته» الاقتصادية قديماً.. يعاني استقلالنا من ضغط الدم بسبب السياسات العرجاء.. وبسبب غضب الشعب من الصفوة والساده إذ كلما أبدع ثورة أو انتفاضة أفرغوها من مضمونها وأجهضوها.. أليس كبيراً عليه أن يصاب بالاثنين فقر الدم وضغطه.. يدخل استقلالنا المعاش وهو يعاني نفسياً بسبب الحروب الدائرة في جنباته منذ أن كان طفلاً يحبو إلى أن أصبح شيخاً يكح.. يعاني من أمراض نفسية متباينة.. فهو مصاب بالاكتئاب والإحباط ومع ذلك يعانى من تضخم الذات.. فمشاريعه دائماً «أضخم وأكبر وأجمل» المشاريع في أفريقيا .. في العروبة وربما في العالم ومع ذلك يعاني من الدونية والإحساس بعدم المساواة مع الآخرين لذلك يحتفي بالأجنبي.. فمواعيده مواعيد سودانية متراخية على عكس مواعيد الخواجات.. واستقلالنا يعاني من النسيان فهو سرعان ما ينسى المهم و الأهم.. ويكرر الأخطاء بحذافيرها.. وهو فوق ذلك يعاني من ضياع الأمل.. لو وجد الشعب السوداني فرصة ليهاجر بكلياته لفعلها.. ولما كان الاستقلال رجل و امرأة.. فهو أيضاً يعاني من أعراض الحمل الكاذب.. فكلما تكورت بطنه وحسبنا أن المولود سيظل معافي سليماً يتضح كذب الحمل وأن ذلك كان ورماً ساكت أو تهيؤات في عالم الخيال.. كل ما نحلم بمولود ذكر ملامحه الاعتماد على الذات أو بمولود أنثي ملامحه الحرية يقول لنا الأطباء كضباً كاضب.. يعاني استقلالنا وهو على مشارف المعاش من التهاب الحنجرة لأنه أدمن الهتاف والصياح.. مثله مثل صاحبنا الذي كلما ابتسمت له امرأة أخذ يصيح فأصبحت النساء لا يبتسمن له.. لأنه بكورك كلما كانت الابتسامة جميلة ورائعة.. فأصبح يستجدي الابتسام .. وأقنع حسناء بأنه لن يكورك.. إذا ابتسمت له.. وبعد تحانيس كانت عندما تبتسم له يقول: أنا ما قاعد أكورك.. أنا هسه بكورك .. فيكورك فيصبح ما فيش فايدة فيطول حرمانه من الابتسام طبعاً وهذا كله هين أصيب استقلالنا في عيونه وأصبح يشوف طشاش.. طشاش.. واحتاج إلى عدد من النظارات حتى بالكاد يرى.. استقلالنا أيضاً مصاب في كفيه «بباقات» أو أورام وذلك من كثرة التصفيق فالتهبت أكفه من كثرة التصفيق.. كلما سمع شعاراً آملاً يصفق.. كلما استولى زعيم على السلطة يصفق.. أدمن التصفيق فالتهبت أكفه من التصفيق.. وأخرة المخيره أصيب بعدم القدره وفقدان الرغبة.. حتى الحبة الزرقاء يستخدمها فلا تجدي معه لأنه ينام حتى ينتهي مفعولها..

طيب إذا كان الاستقلال قد اصبح يخطو الى المعاش وهو ينوء بكل هذه الامراض فاين اولاد الاستقلال وماهو دورهم بعد ان ينزل الوالد المعاش.. اخشى ما اخشى ان يدابو فى ايجاد اب بديل ربما خواجه ربما امريكى.. إذا فعل اولاده ذلك لا املك الا ان اقول لهم ياولاد الإيه.
[/JUSTIFY]

الصباح..رباح – آخر لحظة
[EMAIL]akhirlahzasd@yahoo.com[/EMAIL]