عبد الجليل سليمان

حرج وهرج

[JUSTIFY]
حرج وهرج

تنشط مراكز الدراسات الاجتماعية في معظم الدول في إجراء بحوث ودراسات عبر استطلاعات للرأي العام حول ظواهر اجتماعية كثيرة، من ضمنها الزي، وتستهدف مثل هذه الاستطلاعات إمداد مراكز صناعة القرار باتجاهات الرأي العام حتى لا تُصدر قراراً أو قانوناً أو مرسوماً اليوم لينتقضه غداً، كما يحدث عندنا.
المثير في تلك المراكز أنها لا تهتم فقط بالظواهر المحلية بل تدرس وتبحث وتتقصى حتى تلك التي تبرز في مجتمعات ذات ثقافات وتقاليد وأديان مختلفة، وإلاّ فما الذي يجعل معهد الدراسات الاجتماعية بجامعة ميشيغن الأميركية من طرح استبيان يستهدف الفروقات حول نظرة المجتمعات الإسلامية إلى شكل الزي الإسلامي للمرأة؟
بالنسبة لمؤسسة أكاديمية ذات تقاليد علمية راسخة كالمعهد سالف الذكر، تبدو الإجابة عن هذا السؤال أسهل من إلقاء تحية، إذ أن هناك تبايناً كبيراً في وجهات النظر حول ما هو الزي الاسلامي الشرعي؟ وهل هناك بالفعل زي إسلامي شرعي؟ أم أن الأمر لا يتجاوز محض اجتهادات وافتراضات وتفسيرات فقهاء، بعضهم غاية في التشدد وبعضهم غارق في التسامح وآخرون بين بين.
على كلٍّ، لست هنا بصدد طرح خلافات هؤلاء الفقهاء حول الزي الإسلامي، وإنما بصدد القول إن اختلافاتهم تلك ربما هي التي جعلت (ميشيغن) يتصدى لمعرفة اتجاهات الرأي العام لماهية الزي الإسلامي المختلف عليه، حتى هنا في السودان يعتبر الكثير من الفقهاء أن الثوب النسائي السوداني التقليدي زياً إسلامياً شرعياً، بينما يصنفه آخرون على أنه السفور والخلاعة يسربلان جسد المرأة.
دراسة (ميشيغن) التي استفتت عيّنات من سبع دول (تركيا، لبنان، السعودية، العراق، باكستان، مصر، وتونس)، أظهرت نتائجها أن معظم المشاركين في الاستفتاء يعتقدون بأن المرأة يجب أن تكشف على الأقل عن وجهها، وتستر شعرها، كما بينت أن السعوديين يفضلون النقاب الذي يغطي كامل الجسم دون العينين، بينما اللبنانيون يفضلون عدم استخدام الحجاب مطلقا، وكشفت الدراسة عن أن تونس هي الأكثر دعماً لحرية المرأة في اختيار ما تلبسه بغض النظر عن مدى التزامها بالزي التقليدي أو الحجاب أو السفور.
فلماذا لا تنهض بعض منظومات المجتمع المدني بالتعاون مع بعض المؤسسات الأكاديمية الراسخة كجامعة الأحفاد للبنات بتصميم استطلاعات دورية على مدى سنوات حول ذات الموضوع، وذلك لمعرفة اتجاهات الرأي العام ورفد وزارتي الرعاية الاجتماعية والداخلية (النظام العام)، وهيئة علماء السودان بقاعدة ينطلقون منها في عملهم تجنباً لبعض الهرج والكثير من الحرج.

[/JUSTIFY]

الحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي