زهير السراج

أضان السودان طرشة


[ALIGN=CENTER]أضان السودان طرشة!! [/ALIGN] * يجب ألا يشغلنا شيء عن حل أزمة دارفور، وتحقيق السلام. لا (جنائية) ولا أي أزمة أخرى يجب أن تلهينا عن ذلك. لقد أعلنت الدولة أنها غير معنية بالجنائية، فلماذا لا نغلق هذا الباب، وننسى كل شيء عن (الجنائية)، وكأنها لم تكن، فلا هي ولا غيرها خارج الحدود السودانية لديه القدرة على حل مشاكلنا!!
* صحيح أن آثارها السلبية كثيرة ومتنوعة، والدليل على ذلك أننا قضينا معظم الوقت منذ الطلب الذي تقدم به المدعي العام إلى المحكمة الابتدائية في يوليو من العام الماضي، في حالة ترقب وانتظار، وأثر ذلك على اتخاذ الكثير من القرارات المهمة حتى على المستوى الشخصي، وتأثرت كثيراً الجهود الرامية إلى استئناف المفاوضات بين الحكومة والحركات المسلحة، وحتى مفاوضات (الدوحة) التي نجحت جهود الوساطة القطرية في عقدها، جاءت نتائجها دون المستوى المطلوب بسبب التشتت الفكري لحركة العدل والمساواة بين المفاوضات وقرار المحكمة المرتقب، برغم أن (الحركة) قالت إن قرار المحكمة أياً كان، لن يؤثر على مشاركتها في المفاوضات، ولكن ها هو أحد قادتها يدلي بتصريحات في غاية السلبية بعد إعلان المحكمة أنها ستعلن قرارها في شأن الطلب الذي تقدم به المدعي العام في الرابع من مارس القادم، ولكن يجب ألا يثنينا ذلك عن المضي قدماً في مسيرة المفاوضات!
* ولم تقتصر الآثار السلبية على ذلك فقط، فعلى المستوى الاقتصادي، تأثرت الكثير من المشروعات بإحجام المستثمرين في الداخل والخارج عن اتخاذ القرار المناسب حتى تتضح الرؤية، وتظهر آثار القرار المرتقب على الاستقرار في البلاد، كما أعلن وزير الطاقة قبل يومين!
* بل حتى على المستوى الإنساني وأعمال الإغاثة، فإن الوضع قد تأثر إلى حد كبير في انتظار قرار الجنائية، باعتراف منظمة الأمم المتحدة في تقرير نشرته شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) من التأثير السلبي للجنائية على استجابة الدول المانحة لتغطية الاحتياجات التي تقدر قيمتها بأكثر من (2) مليار دولار، الأمر الذي سيزيد أحوال النازحين سوءاً، ويعيق تقديم الخدمات لهم ولبقية المواطنين في المناطق المتأثرة بالحرب، ليس فقط في دارفور بل في جنوب السودان أيضاً.
* وقبل يومين أعلنت (اليوناميد) عن التوجيه الذي أصدرته لموظفيها بإجلاء أسرهم، وعدم عودة من هم في إجازة إلا بتوجيهات، تحسباً لصدور قرار المحكمة، وما يمكن أن يترتب عليه، وهو ما سيؤثر على أعمالها المرتبطة بالجوانب الإنسانية!!
* إذن.. باعتراف المنظمة العالمية، والمؤسسات التابعة لها، فإن الجنائية لها العديد من التأثيرات السلبية على البلاد، وأن أول المتضررين منها.. هم الذين تضرروا من الحرب، ويحتاجون إلى العون والمساعدة، ويقيمون الآن بعيداً عن قراهم وأماكن إقامتهم الطبيعية!
* برغم ذلك.. تصر الولايات المتحدة وبعض الدول على السير في طريق الجنائية.. الذي لن يفضي إلا إلى المزيد من التعقيدات.. ويزيد من معاناة المواطنين.
* ولكن يجب ألا يثنينا ذلك عن السعي الدؤوب لحل أزمة دارفور وتحقيق السلام، والسير قدماً في طريق الديموقراطية والتنمية، وتلبية أشواق المواطنين في الحياة الكريمة.. وصم الآذان تماماً عن (الجنائية) وما يأتي منها.. من أعلى المستويات إلى أدناها!!

drzoheirali@yahoo.com
مناظير – صحيفة السوداني – العدد رقم: 1182 2009-02-26