رأي ومقالات
عثمان ميرغني: زكوها!!
وسيزيد الأمر سوءاً حكاية (تبرع!) المؤتمر الوطني ببعض المقاعد النيابية للأحزاب المتحالفة معه.. فإذا كانت جماهير المؤتمر الوطني ستكسل عن التصويت لحزبها، فهي عن غيره أكسل.
وإذا كان التصويت يتطلب تكبد مشاق الذهاب إلى مركز الاقتراع طوعاً.. فإن فعل ذلك بلا دافع أمر عسير للغاية..
ويزيد من سوء الوضع.. قائمة مرشحي المؤتمر الوطني التي هي في غالبها تكرار لنفس النواب السابقين.. على الأقل لو تغيرت الوجوه لربما استحق الجُدد مشقة الذهاب إلى مركز الاقتراع.. لكن أن يخرج الناخب من بيته بكامل طوعه ليعيد التصويت للنائب السابق في انتخابات بلا منافس.. أمر صعب التصديق!!
كل هذه المحبطات ستجعل الانتخابات القادمة حالة (سكوت جماعي).. أو من قبيل (فاصل ونواصل).. لا تغير شيئاً لا البشر ولا الفكر.. ولا حتى مجرد (المزاج) السياسي.. وتلك مشكلة حقيقية.. فالدورات الانتخابية في الدولة المعاصرة يقصد منها تجديد الروح.. إزالة الملل ومنح العقل المؤسسي للدولة حالة انتشاء تضخ فيه دفقة للسير في سرداب التاريخ.
بصراحة.. لا تحتاج الحكومة الآن لمعارضة.. فحزبها المؤتمر الوطني هو أقوى وأخطر معارضة.. ولن تسقط هذه الحكومة إلا على يدها.. بيدها لا بيد عمرو.. لأن الحكومة تفترض أن غياب المنافسة والندية يخلق دولة (مرتاحة)، لا تشعر بالقلق من معارضة متحفزة أو متربصة.. لكن الحقيقة الفطرية التي لا تنتبه إليها الحكومة أن حالة الموات هي صنو الثبات.. كلما تيبست العروق والخلايا كان ذلك دليلاً على خريف العُمر..
لا تحتاج المعارضة السودانية لـ(قومة النفس) والحسرة على ضعف الحال وهوانها على الحكومة.. فليس مطلوباً منها فعل شئ طالما أن المؤتمر الوطني يمارس الانتحار الذاتي.. ولن تستطيع المعارضة معارضة الحكومة أفضل من حزبها المؤتمر الوطني..
وعلى كل حال مثل هذا الوضع لن يدفع ثمنه سوى الوطن لا الوطني.. فالوطني مهما علا وتجبر فهو متغير في حضن الوطن الثابت.. لكن عندما يخسر الوطن فكلنا.. والأجيال القادمة أيضاً.. ندفع الثمن..
اقترح.. توفيراً لمال الشعب السوداني.. أن تترك الدوائر الجغرافية (بالتزكية) دون حاجة لإكمال مشوار الانتخابات.. كل دائرة تحسم (بالتزكية) توفر عدة مئات الملايين من الجنيهات.. ويا حبذا لو انتهت كل الدوائر بالتزكية..
عثمان ميرغني-التيار