منوعات

في ذكرى وفاته الثامنة: إبراهيم خان.. رحلة الشاشة الباهرة من ود مدني إلى القاهرة


[JUSTIFY]كثير منا لا يعرف أن الفنان الراحل (إبراهيم خان) ولد وعاش ومات وهو سودانيا قحاً، بعد أن بنى شهرة واسعة عربياً وإقليمياً، جاء (خان) إلى القاهرة في خمسينيات القرن الماضي، وأصبح أحد رواد السينما المصرية والعربية في أوج تقدمها، وبنى شهرته في زمن العمالقة.

خان رحل عن دنيانا في التاسع من يناير عام 2007، وكان يحمل الجنسية السودانية حتى مماته، وظل يعتز بها كثيرا، وفي حوارنا معه قبل رحيله بشهور قليلة قال إنه يحن إلى مسقط رأسه في مدينة ود مدني، وعتب على بلاده لعدم الاهتمام الكافي بالفن والفنانين، كان يحمل بداخله قضية ملخصها (كيف ينتشر الفن السوداني بالخارج)، إذ كانت قناعته كبيرة بأن الفن السوداني يستطيع المنافسة.

وطن في القلب

صحيح أنه غادر السودان بجسده لكنه كان يحمل وطنه في قلبه، التقيته وقتها في منزله بضاحية المهندسين بالقاهرة، وهو في الجلباب السوداني رغم سنوات الغربة الطويلة، أوصى حينها الفنان السوداني عبرنا قائلاً: “أنت موهوب وتلقائي فلا تيأس وكافح ولو بمفردك، وتأكد أنه بمقدروك أيصال رسالتك إلى للجمهور، وتأكد أنك ستترك إرثا كبيرا للأجيال الجديدة، حتى نعكس للعالم ثقافتنا, أوقل لكل الفنانين السودانيين حاولوا أن تتطوروا بالسفر إلى الخارج للدراسة واكتساب الخبرات، فهذا ليس عيبا”.

حنين إلى ود مدني

ولد إبراهيم خان في الثاني عشر من أغسطس عام 1936 بمدني,

وتوفي في التاسع من يناير عام 2007 بمصر، بعد مشوار فني امتد 40 عاما، جراء أصابته بتليف حاد في الكبد والرئتين، ما استدعى تلقيه علاجاً كيميائيا.

عاش معظم حياته في مصر، مثّل الكثير من الأفلام نحو 50 فيلماً، وعشرات المسلسلات، من أهم أعماله السينمائية دائرة الانتقام، غروب وشروق والصعود إلى الهاوية والشجعان الثلاثة وشياطين الشرطة والعسل المر.

دأب خان على زيارة السودان في مناسبات عائلته، وله أخ وأخت يعيشان في الخرطوم, قبيل وفاته كان ينوي زيارة ود مدني. وقال إن به شوق كبير إلى المكان الذى ولد فيه، وإلى مدرسته (البندر) التي شهدت دراسته الأولية، فهو لم يرها منذ مغادرته السودان نهاية خمسينات القرن المنصرم، تاريخ هجرته إلى القاهرة والتحاقه بالمعهد العالي للفنون المسرحية، ثم تخرجه فيه 1961.

وحين توقفت السينما المصريّة في ستينيات القرن الماضي سافر إلى (بيروت) وشارك في (20) فيلماً مع الفنانة الراحلة صباح, وفريد الأطرش ومحرم فؤاد وفهد بلان. كما عمل في إذاعة ركن السودان بالقاهرة عام 1954، في تمثيليات إذاعية بسط فيها اللهجة السودانية، وعلق على إذاعة ركن السودان التي تحولت لإذاعة وادي النيل قائلاً: إنها أصبحت كلها مصرية ولا تمت للسودان إلا في أحاديث معظمها سياسية.

إهمال الفن

خان كان يرى أن هناك إهمالا رسمياً كبيراً للفن السوداني، وإنه ما زال قائما على الجهود الفردية. فالدولة لا تكتفي بعدم المساعدة بل تحصل على ضرائب عالية, حتى عندما يعرضون مسرحياتهم على المسرح القومي تحصل منهم الحكومة على ضريبة بدلا من أن تدعمهم وتمدهم بالمال تأخذ منهم, وهذا هو السبب في تأخر الفن السوداني، كان يعيب على الفنان السوداني عدم خروجه من السودان. وقال إن الفن يفرض نفسه في أي مكان سواء أكان سودانيا أو لبنانيا أو خليجيا, متسائلا: كيف يجلس الفنان السوداني في السودان، ويريد أن تشعر به القاهرة؟

نماذج مشرقة

وأضاف (خان): نماذج ناجحة مثل الفنان (سيد خليفة) الذي أتى إلى القاهرة وتعلم فيها واشتهر بأغانية الموجودة في مصر منذ أكثر من 40 عاما، وكذلك الفنانة جواهر التي لديها ألبومات غنائية حطمت الأرقام القياسية في التوزيع والمخرج سعيد حامد الذي أخرج أفلاما كبيرة مثل صعيدي في الجامعة الأمريكية، وإسماعيلية رايح جاي الذى حقق أعلى إيرادات في السينما المصرية, وأنا أيضا نموذج أتيت إلى القاهرة وأعتقد أنني قدمت الكثير في السينما المصرية والعربية، فلا يمكن أن نجلس في السودان وننتظر أن يكتشفنا المصريون. وطالب السودان بإرسال بعثات إلى القاهرة للدراسة في التمثيل والإخراج والسيناريو وكافة فروع العمل الفني حتى يكتسبوا الخبرة التي تعينهم على العمل في السودان. وقال كل الفنانين الذين أتوا الى القاهرة أتوا بمجهود شخصى وانتشروا وعرفوا في الأوساط المصرية مثل ستونة وغيرها الكثير من أبناء السودان الذين صنعوا أنفسهم وتعجب من عدم ذهاب الفنانين الكبار إلى القاهرة وعمل حفلات بها، وقال عندما يأتي الفنان (شرحبيل) ويغني في الأوبرا المصرية تمتلئ عن آخرها من مصريين وسودانيين، فلابد من شرف المحاولة حتى يتعرف علينا الإعلام المصري ومصر تفتح ذراعيها لكل الفنانين العرب وخاصة السودانيين، ولكنهم لا يحاولون. مضيفا لم يطلب من الفنان السوداني أن يغني في مصر بالطريقة المصرية، فهناك من يغني خليجياً وشامياً ومغربياً وعراقياً والجميع يسمع، والسلم الخماسي يمكنه أيضا أن ينجح بالقاهرة مثل الباقين، فطالما أنه يغني بالعربية سيلقى رواجا، وتابع كانت لنا تجارب ناجحة للفنان إبراهيم الكاشف وعبد العزيز داؤود وغيرهما، فأنا مندهش بل منزعج من إلقاء التهم جزافا، وكأن البعض يستسهل تحميل مصر أسباب فشله على الرغم من أن هذا لم يحدث من أي بلد عربي آخر.

خان كان يسمع لإبراهيم الكاشف ووردي وكابلي ومحمد الأمين وصلاح بن البادية. وقال هناك فنانون كثيرون موهوبون، ولكنهم يخشون المغامرة والخروج من السودان وأعمالهم لا تعرض بالخارج.

اليوم التالي
خ.ي[/JUSTIFY]