نصف الطريق
:: صبيان في سن المراهقة، عددهم أربعة أو خمسة، يتناوبون على فعل الفاحشة مع فتاة أجنبية، هكذا مشهد مقطع الفيديو الذي يثير الرأي العام حالياً..لقد نجحت الشرطة في توقيفهم بمجرد تلخيص بعض المواقع الإلكترونية لمحتوى المقطع المتداول عبر أجهزة الموبايل..والقضية في مرحلة التحري والتحقيق، ولم تكشف الشرطة تفاصيلها ونوع الجريمة (إغتصاب أم زنا)..ولكن، أياً كانت جريمة هذا المقطع – إغتصاباً كان أو زنا- فانها بتحولها إلى قضية رأي عام تعكس أن المجتمع السوداني بخير..!!
:: نعم، للقضية جانب (مشرق جداً)..إستنكار المجتمع لمحتوى المقطع لحد إرغام الصحف على ( الرصد والمتابعة)، وكذلك إستنكاره لحد تحريك الشرطة نحو شخوص المقطع، هذا الإستنكار الصاخب ( دليل عافية)..علماً بأن إستنكار المجتمع – عبر أفراد شاهدوا المقطع في الواتساب – كان سابقاً لمتابعة الصحف وتحرك الشرطة، بل كان هذا الاستنكار تحريضاً للصحف و الشرطة على (المتابعة والقبض).. مثل هذه المقاطع لم تعد تشغل الصحف ولا تثير الرأي العام بالدول التي تحيط بدولتنا (عربية كانت أو إفريقية)..والمواقع الإلكترونية تضج بكل ماهو قبيح ( من كل جنس ولون)..ولكن المجتمع السوداني – بفضل الله – لايزال يرفض هذا القبح، ولذلك تحول قُبح تلك الفئة المحدودة إلى (قضية رأي عام)..!!
:: ويُخطئ من يختزل شباب البلد في خمسة مراهقين ثم يعكس القضية بلسان حال قائل ( ده حال الشباب)، وكذلك يُخطئ من كان – أو لا يزال – يظن أنه يعيش في مدينة فاضلة بحيث يتفاجأ بحدث كهذا لحد (الإغماء أو الدهشة)..فليكن تناولنا لهذه القضية – ومثيلاتها – موضوعياً، أي ليس بنهج ( الشر يعُم)، وكذلك ليس بالنهج المخادع ( نحن أحسن ناس)..ما نحن – شعباً ووطناً – إلا بعض بشر الكون ، وما للبشر من قيم وفضائل (لنا أيضاً)، وما عليه من موبقات وكبائر (علينا أيضاً )..والرذائل والفضائل لم تُقسم على (أسس جغرافية وزمانية) بحيث نلطم خدود شباب البلد ونرجهم جميعاُ في قضية قُبح كهذا، أو ننظم دوبيت الإستعلاء على الآخرين أمام إشراقة أحدهم..فالواقعية خير لا بد منها، وبها تنظر العقول إلى كل مقاطع الحياة – بما فيها هذا المقطع – في إطار شخوصها ومواقفها (خيراً كان الموقف أو شراً)..!!
:: على كل ، مع لعن الحكومة وشتم المعارضة وسب الحركات، لاتنسى التقرب إلى إبنك وإبنتك بالحوار و بناء الثقة..التربية مسؤولية الجميع، تبدأ بالأسرة وتنتهي بالسلطات وقانونها ومدارسها ومناهجها التربوية والتعليمية، وما لم تكتمل كل حلقات المسؤوليات لحد التشابك والإحاطة حول الطفل والصبي بالتوجيه والإرشاد، فلا تتوقع غير المزيد من ( هذا المقطع)..أسأل نفسك بين الحين والآخر، متى قصدت مدرسة ابنك أو ابنتك بغرض السؤال عن حالهما الأكاديمي والتربوي؟، متى خرجت بهما خارج مدينتك أو قريتك بحيث تجمعكم إجازة تقوى رباطكم ؟، كيف وكم ساعة تقضيها معهم يومياً، بحيث يفقدك إبنك وإبنتك إذا غبت عنهما؟، وماذا تعرف عن أصدقاء إبنك وصديقات بنتك؟، وهل فكرت في تنظيم برنامج يوم إبنك وبنتك، بحيث تعرف موعد الدراسة وميقات النوم وساعات الترويح ومكانها وكيفية قضاؤها؟، وهل يرافقوك إلى المسجد دائماً، وهل ترافقهم أحيانا إلى أنديتهم ومراكزهم ؟، وهل تسألهم بلطف عن موبايلاتهم وبأريحية عن قيمة رصيدها وبوعي عن إستخدامها؟..المهم، قبل شتم الحكومة والمعارضة وثورة الإتصالات، هل علاقتك بابنك وبنتك علاقة صداقة أم قهر أم لامبالاة؟، فالإجابة ( نصف الطريق)..!!
[/JUSTIFY]
الطاهر ساتي
إليكم – صحيفة السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]