عبد الجليل سليمان

دراما الإعلام المصري.. مرسي مسجون ومشوكش

[JUSTIFY]
دراما الإعلام المصري.. مرسي مسجون ومشوكش

في مقطع فيديو مصري (شهير) ظل يتقافز كأرنب مذعور بين مواقع التواصل الاجتماعي ظهرت سيدة عجوز أمام الكاميرا، وهي تصرخ بصوت كأنه صادر عن (عادم سيارة غير مصان)، إنها تدعم ترشيح وزير الدفاع المصري الفريق عبد الفتاح السيسي إلى الرئاسة، وأظهر الفيديو الذي اطلعت عليه بين ظهراني موقع (روسيا اليوم)، تلك السيدة وهي تبتهل لله أن يمنحها الصحة (وطول العمر) حتى ترى مُستقبل المحروسة مُزدهراً بين يدي سعادة الفريق السيسي.
هذا بالطبع حق مشروع، ولا اعتراض مبدئي عليه، ونسأل بدورنا الله أن يحقق لهذه السيدة العجوز حلمها، فتراه يتقلب بين يدي وزير الدفاع وينمو رويداً رويداً، فيصير واقعاً يمشي على قدمين، لكن وبحسب العبارة الذهبية التي وردت ضمن تقرير (روسيا اليوم) فإن مقطع الفيديو الذي ظهرت فيه هذه السيدة كاد أن لا يكون مصرياً لولا أنها صرحت قائلة: إنه في حال طلبها الرئيس المعزول محمد مُرسي للزواج فلن تتردد في رفضه رفضاً قاطعاً (يعني ح تديهو شاكوش وكدا)، أما إذا تقدم لطلب يدها الفريق السيسي فإنها سوف تقبله زوجاً على الفور، لأنها تحبه بسبب أنه نصر المصريين ووقف بجانبهم.
ظلت أطياف كثيرة من وسائل الإعلام المصري تمارس نوعاً من الهرج والصراخ وتزييف الحقائق عبر كل الحقب الأخيرة التي عاصرناها من التاريخ السياسي للمحروسة، فمنذ السنوات الأخيرة لنظام مبارك، وإلى مرحلة الإخوان المسلمين القصيرة جداً، وحتى مرحلة السيسي الماثلة، وصل هذا الهرج حداً جعل من الإعلام المصري مهزلة في العالمين وموضعاً للتندر والسخرية من كل الراصدين والمتابعين لهم.
ونتيجة لهذا الهرج العظيم زُلت أقدامه وانزلقت فأصبح كالجاثي على ركبتيه أمام الإعلام النظير الأقل خبرة وإمكانيات.
ما دفعني للعودة إلى الكتابة عن كارثية المنتج الإعلامي المصري، حلقة من برنامج (7 أيام) شاهدتها مساء أول أمس على شاشة تلفزيون بي بي سي (النسخة العربية)، اعترض فيها أحد المشاركين في البرنامج بصفة (رئيس رابطة الصحفيين الأجانب بالمملكة المتحدة)، وهو مصري الجنسية بشدة على إفاده (نبيلة رمضاني)، وهي صحفية فرنسية تكتب للعديد من الصحف البريطانية، إذ حاول الصحفي المصري إنكار وقائع حقيقية مثل فض اعتصام رابعة بالقوة المفرطة، واعتقال ومطاردة المعارضين للسيسي، وسن قوانين تحد من الحريات وعودة أركان نظام مبارك المخلوع إلى الواجهة مرة أخرى، وأمور عديدة تحدث بالفعل في مصر، ومن واجب الصحافة نقلها كما هي لا الالتفاف عليها وتزويرها كما يحدث في الإعلام المصري الموتور الذي يظن أنه بهذه الطريقة يخدم قضايا الديمقراطية والليبرالية والحريات والحقوق المدنية، وهو في الحقيقة يعمل على إجهاضها رويداً رويدا، وسوف يرون ونرى (عما قريب).

[/JUSTIFY]

الحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي