ضياء الدين بلال

مقطع الفيديو.. البعد الثالث!

[JUSTIFY]
مقطع الفيديو.. البعد الثالث!

ليست هي المرة الأولى، التي أعرض فيها إفادة مكتوبة للواء عثمان عبد الله، وزير دفاع حكومة الانتفاضة. قناعتي في ذلك، أن الرجل له ملكة بارعة في التشخيص واقتراح الحلول، لا في القضايا الأمنية والاستراتيجية فقط؛ ولكن حتى في القضايا الاجتماعية. هذه مداخلة قيمة لسعادة اللواء على عمود الأمس (دون خجل) عن مقطع فيديو ممارسة جنس جماعي مع فتاة إثيوبية:
لا حول ولا قوة إلّا بالله العليّ العظيم. هذه معضلة أستاذي يجب أن تعالج على أكثر من محور. مجرد رغبة البعض في مشاهدتها لا يعني -بالضرورة- أن في ذلك استئناساً بالحدث، بقدر ما هي رغبة -ربما- في إدراك حجم التهتك الذي أصاب فصيلاً مهمّاً من فصائل المجتمع.
أنا لم أشاهد هذا الفيديو، ولا أرغب في ذلك، ولكن رواج الحدث على وسائل الإعلام؛ يجعله بضاعةً مغريةً.
هذه رصاصة انطلقت من فوهة بندقية، ولا سبيل -مع الأسف- لإيقاف المقذوف قبل أن يطال كل الأهداف، وهي العالم بأسره.
قضية الاغتصاب كان من الممكن أن تمُرَّ بعيداً دون علم الناس، ولكن حالة توثيقها وبصورة فجّة، كما جاء في الأخبار، يمنحها بُعداً ثالثاً، هو الانحراف المُزري لبعض شبابنا.
وهنا لا يُمكن أن تُسوَّق قضية موافقة الضحيّة على الزنا -مثلاً- على أنها ليست حالة اغتصاب، وإنما تمت برضاء الضحية.
موضوع الرضاء من عدمه هنا، يبدو تافهاً إزاء عملية التوثيق، والتي قُصد منها البث، وهو ما يترتب عليه أذى جسيم يصيب مجتمعنا، وينقل صورةً مؤسفةً عن شعبٍ نبيل ظلّ يتغنى برجولة أبنائه، وشرف نسائه، واحترام شعبه للضيف مهما كان. مبلغ علمي -أستاذي- أن عملية المباشرة الجنسية، تحتاج إلى درجة عاليةً من التقية، إذ يأنف الإنسان السويُّ عن مجرد التبول في وجهِ أخيه، ناهيك عن ممارسة الجنس في حضرته؛ وهذا ما أرى أنهُ يحتاج في البدء إلى طبيب نفسي، لدراسة حالة هؤلاء الشباب، ونشأتهم، وتعليمهم، ومكانة أسرهم، ثم تأتي العقوبة بعد ذلك.
غداً سوف نستمع لأعداء العلم، يُجادلون بما قادت إليهِ تكنولوجيا العصر من فساد، وتكنولوجيا العصر بريئة من ذلك، فهي وعاءٌ ينضح بما فيه، إن أدخلت عليه علماً نافعاً أعطاك نفعاً، وإن أدخلت عليه مُفسداً أعطاك الفساد. التحية لرجال شرطتنا، والذين استطاعوا الوصول لهؤلاء الشباب، ويقيني أن دروساً كثيرة مستفادة من الحدث، يمكن أن تُشكّل هاديات لإرشاد الشباب، ومنعه من الانزلاق إلى دركِ الرذيلة، لك التجلة أستاذي، وأنت تنفعل بقضايا الوطن والمجتمع.
ولتدُم بيننا المودة، وليدُم بيننا التواصل.
[/JUSTIFY]

العين الثالثة – ضياء الدين بلال
صحيفة السوداني