اليمن السعيد.. بين نوبل والأوسكار
سعدت إيما سعادة بإعلان الفيلم اليمني القصير ليست للكرامة جدران Karama Has No Walls للمخرجة اليمنية (سارة إسحاق) مرشحاً لجائزة أوسكار العالمية عن فئة الأفلام الوثائقية للعام 2014. الفيلم الذي تم تصويره في صنعاء يحكي عن يوميات الثورة التي أطاحت بحكم (علي عبد الله صالح)، مركزاً على أحداث 18 مارس 2011م، حين اقتحمت ميليشيا مسلحة تابعة للنظام الميدان الذي يتجمع فيه الثوار، وأطلقت عليهم النار، فقتلت العشرات وأصابت المئات.
مصدر سعادتي أن نضالات الشعوب وثوراتها لم يعد بإمكان الانتهازيين السياسيين وسماسرة الوطنية سرقتها كما دأبوا عادة، حيث أصبح من الصعب تزوير التاريخ الموثق بالصورة المتحركة، لا يستطيع أحد بعد الآن أن يدعي أنه (بطل قومي) أو أنه (ملهم الشعوب) وقائدها الرمز، لم يعد ذلك ممكناً حتى لو سرقت الثورات كما يحدث الآن فإنها سرقة مؤقتة، سيأتي يوم قريب ويزج بمرتكبيها أقبية السجون ويودعون مزابل التاريخ.
مصدر سعادتي أن بلداً مماثلاً لنا في كثير من صوره (مثل اليمن السعيد)، يمضي (نوبل للسلام) نحو هذه الجائزة الرفيعة في صناعة السينما، وأفرحني أن النساء اليمنيات استطعن أن يقلن للمجتمع الذكوري شديد البأس والتطرف هناك، أنهن يستطعن أن يحققن من بين ثقوب صغيرة على نقابهن ما عجز عنه رصفائهن (الرجال)، وها هي (سارا إسحق) تمضي في ذات الطريق التي سلكتها قبلها (توكل كرمان).
استمعت إلى عدة إفادات صادرة عن مخرجة (ليست للكرامة جدران)، وكانت تتحدث ببساطة وعفوية شديدتين، وبلغة (الناس) العاديين، لم تقحم أي من المصطلحات النقدية المهولة والفظة التي دوماً ما يتسلح بها من هم في حالتها الاحتفائية تلك، فقلت: إن شخصاً يعرف كيف يتحدث للجمهور، وأي لغة يتوسل في هذه الحالة، قمين به أن ينجز فيلماً يحدث كل هذه الضجة.
ذكرت (سارا إسحق) ضمن تصريحات كثيرة أدلت بها لوسائل إعلام مختلفة منها (رويترز، وبي بي سي) أن ( ليست للكرامة جدران) فشل عدة مرات حين كانت مدته ساعتان، ولكنها عكفت عليه (مونتاجاً وتجويداً) حتى أنجزته في صيغته النهائية (الأوسكارية)، وكشفت عن أنها واجهت صعوبات بالغة ومشكلات جمة أثناء تصويره، على رأسها التقاليد المحافظة للمجتمع اليمني.
نحن الآن بحاجة أكثر من ذي قبل، لإعادة تسويق أنفسنا بأساليب جديدة، بلغة يفهمها شركاؤنا في هذه البسيطة، نحتاج إلى لغة تتجاوز تصريحات الساسة البائسة وبرامج (تلفزيوناتنا) الجوفاء التي لا يشاهدها إلا قلة ذات صلة في الداخل، نحتاج أن نصنع صورة باهرة عبر السينما (التي كسروها ودمروها)، فمن يتصدى لهذا المشروع الرابح؟
الحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي