ضياء الدين بلال

(تِلْتُو ولا كِتِلْتُو)!


[JUSTIFY]
(تِلْتُو ولا كِتِلْتُو)!

“43” حالة هي التي وصلت نيابة المال العام، بحيثيات واتهامات مقدمة من المراجع العام.
لا أحد ينكر أن وجود تقرير رقابي دوري يقدم للبرلمان، وأمام أجهزة الإعلام، عن الأداء المالي خلال العام، ورصد التجاوزات؛ ممارسة تصبُّ لصالح الحكومة وتضيف إليها ولا تخصم منها.
الممارسة في حد ذاتها مؤشر معتبر، يدل على وجود رغبة في محاصرة الفساد والمعاقبة عليه.
صحيح أن التقرير الأخير الذي قدم للبرلمان، وضح خلاله تراجع عدد ونسب التجاوزات، ولكن من حيث نوع التجاوزات فهي تعتبر الأخطر.
أليس من المؤسف أن تكون الجهات المعنية بولاية المال العام، هي في حد ذاتها متهمة بارتكاب تجاوزات؟!!
التقرير أثبت وجود تجاوزات في وزارة المالية (صاحبة الجلد والرأس)، وفي ديوان الضرائب (صاحب العصا الغليظة)، والذي من صميم دوره ملاحقة المتهربين ورصد المتجاوزين!
إذا لم تكن مثل هذه المؤسسات ملتزمة بالقوانين واللوائح المالية والمحاسبية، فكيف يستقيم ظل المؤسسات الأخرى؟!
المنطق يقول إن مثل تلك الجهات، من المفترض أن تقدم القدوة الحسنة، حتى تسير على خطاها بقية المؤسسات، لا أن تساءل الآخرين وتحاسبهم وعلى شاربها أثر اللبن المسروق!
المراجع العام في كل مرة يقوم بما عليه من واجب، ولكن للأسف تأتي جهات أخرى لتصب كثيراً من المياه الباردة على القضايا الساخنة!
صحيح أن شركة سكر كنانة ظلت لسنوات طوال تتهرب من المراجعة بذرائع متعددة، لكن كان على المراجع العام ألا يكتفي بإيراد اسمها دون بقية المتهربين!
ننتظر تقريراً مهماً من المراجع العام، عن الفساد الذي يقوم به بعض المسؤولين، عبر واجهات ذويهم وأقاربهم، وهو التقرير الذي يرصد الأطراف ذات الصلة، وهذا التقرير لا يقل أهمية عن تقرير المراجع العام، وهو تطور مهم في آليات الرصد والمراقبة.
تقرير المراجع العام في حاجة إلى أذرع قوية تحميه من المتخصصين في تسويف القضايا الكبرى.
الأمر لا يحتاج إلى محاكم عدالة ناجزة، على طريقة جعفر نميري: تحاسب على الشبهات وتحاكم على النوايا وتحمي آل مخزوم من العقاب!
المال العام في حاجة لمحددات قانونية وإجرائية، تعيد ما أخذ من خزائن الدولة دون وجه حق، وقوانين تردع المتجاوزين وتنذر المتحفزين للفساد.
سماسرة التسويات المروجون لثقافة التغاضي عبر مقولة (المال تِلْتُو ولا كِتِلْتُو)، هم الذين يجعلون من السرقات والاختلاسات عمليات مأمونة العواقب، وفي مرات أخرى تصبح ذات عائد رابح!.

[/JUSTIFY]

العين الثالثة – ضياء الدين بلال
صحيفة السوداني