جمال علي حسن

الخبز.. الوقود.. الغاز.. راقد


[JUSTIFY]
الخبز.. الوقود.. الغاز.. راقد

الجهات الرسمية اعتادت في مثل هذه الظروف التعامل بالعقلية السياسية التي تعتمد على النفي والمغالطة للواقع في قضايا ونوع من الأزمات لا تحتاج إلى تحرٍّ لإثبات وجودها..
سنصدق تصريحاتكم (والله لا جاب الزعل) والغضب والمظاهرات.. ونقنع أنفسنا.. فعلا لا توجد أي أزمة وقود فقط اطردوا التشاؤم وأقلعوا عن السوداوية التي تنظرون بها للحكومة وليتخيل كل صاحب عربة أنه قد وقف وعبأ خزان سيارته بسهولة وانصرف ونصدق بدون أي شك أنه لا توجد أي أزمة في خبز الرغيف وأن تلك الشائعات المغرضة تطلقها بعض الجهات المتآمرة على الوطن ثم وبخيالنا الواسع سنذهب للمخبز ونتخيل أن الطابور الطويل من المواطنين المتكدسين أمام المخبز هو طابور وهمي من بنات خيالنا وأوهامنا المريضة وأننا يجب أن نطرد الشيطان ونتذكر قصيدة (كن جميلا تر الوجود جميلا..)!!
ونعود بعد دقائق للمنزل ونحن نحمل خبزا (مفترضا) خبزا جميلا بوزن وحجم أكبر من حجمه الطبيعي فالخير باسط وكل شيء تمام..
ولو انعدمت المواصلات فالمشي رياضة متكاملة الفوائد بالنسبة لجسم الإنسان.. هل هذا ما تريدونه من الصحافة ومن المواطن أم ماذا بالضبط؟!..
نطرح السؤال بحثا عن إجابة حقيقية وليس بغرض السخرية فحين طبقت الحكومة الإجراءات الاقتصادية الأخيرة لم تسمع نصيحة ناصح أو صرخة معترض أو صوت معارض لتلك السياسات.. فعلتها وقالت إنها تعرف ماذا تفعل واضطررنا أن نقول ما قاله عادل إمام (أنا مش حا اعرف اكتر من الحكومة) وها هي النتائج..
أزمة الخبز والغاز والوقود.. هي فشل مبكر لطاقم الحكومة الجديد والقديم معا فشل مبكر للوزراء الجدد وفشل مكرر ومعزز (غير مكرم) لولاة الخرطوم والجزيرة ونهر النيل وولاية الجوع والسياحة (البحر الأحمر) التي لم يذهب إليها صحفي أو كاتب عمود في زيارة إلا وعاد منها برصيد من قصائد المدح ينافس رصيد المتنبي في حق سيف الدولة.. ولاية البحر الأحمر والسياحة والجوع يذهب إليها الصحفيون فيشربون الشاي (بالياسمين) كما في فيلم مرجان أحمد مرجان..!!
الاعتراف بالمشكلة مبدأ قد يجعل المواطن أكثر ثقة وأملا في حدوث انفراج وحل لهذه المشكلة.. والاعتراف بوجود شح في الدقيق يجعلكم تواجهون القضية بواقعية بدلا عن مواجهتها مترنحين بفعل التخديرات التي تجرعون عقاقيرها لنا وللمسؤولين الأكبر منكم الذين يطالعون تقاريركم مثلما نطالع نحن تصريحاتكم تحت تأثير التخدير والتضليل الإعلامي..
الحقيقة أن الاقتصاد السوداني لا يزال طريح الفراش يعيش في غيبوبة موت دماغي (Brain Death) وأن كل ما فعله علي محمود ومجموعة العباقرة الكرام لم يمثل أكثر من أقراص بندول لا تعالج الداء لكنها تخدر الألم لساعة أو ساعتين..
طاقمكم الوزاري الجديد لم نر منه أي إشارة تجعلنا نترقب (النبي والبشارة..) كما يقول الفيتوري..

[/JUSTIFY]

جنة الشوك – صحيفة اليوم التالي