منوعات

إيفا براون.. قصة مراهقة ملكت قلب أخطر رجل في التاريخ + صورة

«أدولف هتلر» قاد العالم تجاه الحرب وفرض أفكاره النازية على ألمانيا، ليدفع ثمنها شعبه ومن بعده الملايين حول العالم في مشوار لم تحكمه قوة السلاح فقط بل أيضا شخصية كاريزماتية لا تُقاوم للديكتاتور الأعزب معبود الجماهير، غير أن الزعيم النازي لم يكن وحيدا بل رافقته في مشواره الفارق حسناء شقراء ألمانية، صغيرة السن مُشرقة الابتسامة، ولولا حرص «الفوهرر» على إبقاء علاقتهم سرية لتوجت رسميًا كسيدة أولى لألمانيا النازية.

«إيفا براون» اسم لم يألفه العالم سوى بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، بينما كان مألوف في الدائرة المُقربة من الزعيم النازي ، ليتحول بين ليلة وضحاها بسقوط الرايخ الثالث لاسم زوجة «هتلر»، تلك التى اجتمعت معه بالرابط المقدس ساعات معددوة قبل أن يُقدم كلاهما على الانتحار قبل أن تصل إليهم قوات الجيش الأحمر في 30 أبريل عام 1945.

وفي حين جرت العادة ان تقبع رفيقة الحاكم وحبيبته أو شريكة حياته في مكانة خاصة بنفوذ سياسي أو اجتماعي مترامي، زاد من شعبية القول الشائع «وراء كل عظيم امرأة»، ظلت رفيقة الرجل الأكثر بأس وهيبة في القرن العشرين مخفية عن الأنظار لا يعرف الجُموع ما إذا كانت مُحرك رئيسي لشروره أو فصل رومانسي في قصته، غير أن للشابة الجذابة  الواقفة في ظل «أدولف هتلر» قصة خاصة.

الشقراء الصغيرة

لم تنحدر من عائلة ذات نفوذ، ولم نتشأ في منزل يهوى المناقشات السياسية والثقافية، بل ولدت في الـ6 من فبراير عام 1912 لأسرة متوسطة الحال هادئة الطباع سكنت مدينة ميونخ، وتجرعت مرارة الحرب العالمية الأولى برحيل الوالد فريدريش براون للقتال، غير ان الأسرة لم تتذوق معاناه عدم الاستقرار والبطالة مع بعد الحرب لعودة الأب لعمله كمدرس.

لم تكن «إيفا» وحيدة بل عكفت والدتها «فرانشيسكا» التى عملت خياطة، على تربيتها مع شقيفتين، «إيلسا» الكبرى و«مارجريت» الصُغرى، غير أن الابنة الوسطى كانت الأشد انطلاقا و شغفا بالحياة، فشغلت طفولتها بالغناء والرقص واللعب غير عائبة بفروضها المدرسية التى لم تروقها.

ووفقا لما تمكنت الاسرة المتواضعة من توفيره للفتايات الثلاثة من ألوان التدليل والامتاع، حظت «إيفا» بفترة مراهقة طبيعية، فالفتاة ذات الوجه البشوش الجذاب والتصرفات التلقائية  لم تُلقي بال للأوضاع الاجتماعية أو السياسية العاصفة،  بل اندفت للمغريات التى سيطرت على أذهان المراهقات ما بين اللهو والتسوق ومشاهدة الأفلام وتكوين الصداقات، لتوصف دائمًا بتلك المُتمردة المُندفعة، خاصة بعد تخلفها عن الدراسة في أحد المعاهد التابعة لدير كاثوليكي جنوب ألمانيا  بعدما بعثها والداها لإكمال مشوارها التعليمي عام 1928، غير أن نمط حياة الأديرة لم يكن ملائم لشخصية «إيفا» تلك العصفورة المُنطلقة التى شاءت الأقدار أن تمضى مايزيد عن نصف عمرها القصير في قفص أشهر ديكتاتور في العالم.

فريسة «وولف»

بحلول عام 1929 وبحثا عن فرصة عمل  وصلت «براون» والتى لم تكن تتخطى الـ17 من العمر، لمتجر المُصور النازي الشهير «هاينريش هوفمان»، لتعمل لديه فترة قبل أن يطرق بابه في أحد الأيام أهم زبائنهم وأكثرهم نفوذًا، زعيم الحزب النازي الذي لم تتعرف على ملامحه المراهقة الشقراء ليتندر منها «هوفمان» ويعرفها بالسيد «وولف» أو «أدولف هتلر» حاد الملامح شديد التأثر والبالغ من العمر آنذاك 40 عام.

استمرت  علاقة «هوفمان» بـ«هتلر» طويلاً بصفته مصوره الرسمي وأحد النازيين المُخلصين، غير أن صفة مُحددة لم تصبغ علاقة الزعيم النازي بالفاتنة الصغيرة التى أصبحت رفقية لوجبات العشاء ومُستمعة جيدة لأحاديثه، في الوقت الذي ارتبط فيه «هتلر» بـ«جيلي راوبال» الشابة التى شاركته مسكنه، غيرأن البعض يظن أن رقة الصغيرة وقلة خبرتها بالحياة وجمالها البادي جعلاها المُرشحة الأولى للسيطرة على قلب «هتلر» في أعقاب انتحار رفيقته الأولى «روايال» عام 1931  برصاصة لم تشكل إنذاراً كافياً لـ«إيفا».

Tschapperl  لفظ نمساوي اعتاد هتلر إطلاقه على رفيقته الجديدة، بدوره لم يشكل إنذاراً كافياً لـ«إيفا» رغم أن استخدامه شائع لوصف الفتاة الصغيرة غير ذات الأهمية، بعكس التهديد الصريح الآخر الذي شعرت به إزاء العلاقة التى لاقت معارضة من الأسرة كلها بداية مع الأب الذي  رأى «هتلر» متطرف، نهاية بالأخت الكبرى التى رفضت خطاب الكراهية ضد اليهود، بحلول عام 1932..

فالرجل الأهم في ألمانيا لم يعد متفرغا لوجبات العشاء، والمُحب الناضج لا يسعه الوقت لكتابة الخطابات، مما أبقى «إيفا» وحيدة معظم الوقت، ومُعرضة لانتقادات الأسرة لعلاقه غير مفهومة بعجوز ذي نفوذ لتقع في أزمة نفسية انتهت بمحاولتها الانتحار برصاصة لم تصيب قلبها من مُسدس والدها في أغسطس عام 1932. دون أن يكسبها ذلك إلا ساعات أطول قليلًا من وقت «هتلر»،، فاتبعتها بعدد من الحبوب المُنومة للتخلص من الحيرة والحزن والانتظار في أوقات سفره وتغيبه هذه المرة في مايو عام 1935، إلا أن عُلبة المُنوم المزعومة هذه المرة غيرت مجرى حياتها الى الأبد، واسلمتها بعد سنوات لوسيلة أكثر فاعلية.

سيدة القصر

عودة مرة لجنوب ألمانيا، هذه المرة غير مبعوثة لمدرسة داخلية بأمر الوالدين، مُحملة بحقائب الكتب، بل طواعية وجنبًا إلى جنب مع زعيم ألمانيا وإلى أحد مقراته الرسمية، قصر Berghof بالقرب من منطقة جبال Obersalzberg، ففي عام 1936 وبعد فترة من تخصيصه شقة خاصة بها في ميونخ قرر«هتلر» حجب رفيقته عن الأنظار تماماً في قصر خاص، وتحت مُسمى «سكرتيرة  خاصة» مُبتعده تماما عن الشائعات ومحيط السياسة سواء المحلية المتعلقة  بحملات «هتلر»للتخلص من معارضية، أو عالميًا بظهور بوادر حرب جديدة، كان أحد أهم أسباب اشتعالها.

وبين السباحة ومشاهدة الأفلام الأمريكية الممنوعة، وانتظار زيارة مفاجأة من «الفوهرر»، أمضت «إيفا» أوقاتها في القصر، بصفته سرية غير مُحددة تربطها برجل يوشك على قلب العالم رأس على عقب، باحداث دامية لم تغير ما حملت الشابة التى لم تكن تبلغ من العمر آنذاك 24 عام الكثير من عاطفة تجاه  الحبيب الغامض .

لم تعد هناك معارضة عائلية، فـ «فريدريش براون»  صار عضواً في الحزب النازي، أما «مارجريت» الأخت الصغرى فأصبحت ضيفة شبه دائمة  في مقر معيشة شقيقتها، كما لم تعكر أنباء الحرب صفو زيارات «هتلر» للعُش المشمول بحيوية «إيفا» ومُأمن بانصرافها عن السياسية وما اعتبره البعض موافقة ضمنية على قرارات «هتلر» وسياساته، غير أن مقر الأسرة غير الرسمي ومصير الحبيبة السرية التى لم تحظى علاقتها بالعلانية على الاطلاق، بات مُهدداً مع مطلع عام 1945  ونهاية الحرب وتغير موازين القوة.

300×300

انتحار أخير

لم يهتم الثنائي بالقوات السوفيتيه المُتجهة بخطى ثابتة تجاه برلين، كما فقدت الطائرات الأمريكية المُحلثة فوق سماء برلين معناها، فخسرت ألمانيا الحرب في أبريل من عام 1945، وسقط الفوهرر أخيرا ليتجه في النهاية للاختباء في سراديب مُؤمنة وسرية أسفل مبنى مستشارية الرايخ  بالعاصمة برلين، إلا أن الرفيقة المُطيعة المُحبة قررت الانضمام لـ«هتلر» في أحلك أيام مشواره الذي أنهاه طواعية وبيديه بتجرع سانيد البوتاسيم  ثم رصاصة نافذة  في 30  أبريل من عام 1945 في قرار أخير انضمت إليه «إيفا» التي اختارت الموت إلى جانب «هتلر» كما اختارت سابقًا العيش إلى جواره، لتتجرع معه في ذات اليوم سانيد البوتاسيوم وتلفظ أنفاسها الأخيرة بحسب الروايات إلى جانبه، وعلى الأريكة ذاتها  داخل سرداب الفوهرر السري، في آخر محاولة انتحا، لكن هذه المرة لم يكن القرار نابع عن اندافع حبيبة مراهقة، بل زوجة ناضجة.

فقل ساعات من قرار الثنائي بالتخلص من حياتهم وفي يوم الـ29 من أبريل عام 1945  صُبغت علاقة «هتلر» و«إيفا» أخيرًا  بتوصيف نهائي مُقدس بالزواج، والذي تم بعد ما يقارب 16 عام من لقاء السياسي الشهير بالمراهقة العاملة بمتجر التصوير، زواج أنهى به «هتلر» سيرة السياسي الأعزب المعشوق، وأنهت به «إيفا» انتظار دام لسنوات، ووقعت أخيرًا على وثيقة الزواج «إيفا هتلر»، بعد أن كادت تنسى وتوقع «براون» ثم شطبت حرف الـB .

كاميرا منزلية

لم تضيع الساعات التى امضتها الشابة الألمانية في قصرها جنوبي فرنسا هباء، كما لم تثمر هواياتها المُتعددة عن متعة شخصية فقط، بل بخبرة اكتسبتها بالعمل مع «هاينريش هوفمان»، وكاميرا لتصوير الفيديو لتسجيل اللحظات السعيدة وثقت «إيفا براون» دون ان تدري أحد أكثر الجوانب خصوصية في شخصية الزعيم الألماني «هتلر» الغامضة.

اثناء تناوله الطعام، مطالعته للاوراق جلوسه في الاجتماعات لعبه مع الاطفال من أبناء الأصدقاء، وثقت «إيفا» كل شيىء كجزء من طقس عائلي إلى جانب لقطات لها أثناء اللهو مع الأصدقاء أو ممارسة الهوايات المُختلفة، دون أن تدري أن بعض من أوقات السعادة والاسترخاء التى حاولت الحفاظ عليها بسحر الكاميرا ستُحول بحلول السبعينيات من القرن العشرين حين اكتشفها صانع الأفلام الألماني Lutz Becker في قبو تابع لإدارة الأرشيف والوثائق الوطنية الأمريكية في ولاية ميريلاند عام 1972  بحسب جريدة «جارديان» البريطانية، إلى المُستند الوحيد الذي يوثق للحياة الخاصة والشخصية لـ«هتلر»  وزعماء ألمانيا النازية، فضلاً عن كونها دليل قاطع على ما حفلت بها حياة الألمانية الشابة التى ظلت مجهولة لسنوات من أسرار لم تُكشف بعد عن حياتها وعلاقتها بالفوهرر وعن ألمانيا النازية.

المصري اليوم