تحقيقات وتقارير

الوضع في الجنوب .. كشف الغطاء

أقام المركز السوداني للخدمات الصحفية تمريناً ديمقراطياً في شكل ندوة عن تحديات العمل السياسي بالجنوب ،لطرح وتبادل الآراء أمها جمع من القيادات الحزبية والصحفيين.
وشدد بروفيسور إبراهيم غندور القيادي بالمؤتمر الوطني على أن أكبر التحديات السياسية في جنوب البلاد هي الإستمرار في إتفاقية السلام الشامل وفيما قال إن بند قسمة الثروة والسلطة يسير بصورة طيبة أكد ان الإنتخابات القادمة والإستفتاء يمثلان قضايا وطنية مصيرية ومفصلية.
وأشار غندور الى جملة معوقات تحد من ممارسة النشاط السياسي في الجنوب أولها التفلتات الأمنية خاصة تلك التي يقوم بها أفراد من الجيش الشعبي وعلل الظاهرة لعقيدة الحركة التي قال إنها كانت تعمل إبّان مرحلة الحرب لتحقيق إنتصارات ولو على حساب البنى التحتية وقال إن الجيش الشعبي لم يخرج بعد من عباءة الحرب وتابع أن ظاهرة إضراب جيش عن العمل لأجل المرتبات تعد ظاهرة فريدة من نوعها وطالب غندور الجيش الشعبي بالتحول الى جيش قومي لحماية الأمن والمواطن في أنحاء السودان كافة.
وفي ثاني التحديات أشار غندور الى خطورة تولي الجيش الشعبي وإستخباراته مسئولية إدارة الأمن في المدن ولعب دور الشرطة ،ودعاه الى إنفاذ إتفاقية السلام الشامل بالتجمع في المناطق التي حددتها الإتفاقية.
وفي ثالث التحديات أكد غندور بأن الإنتشار الكبير للسلاح بالجنوب على خلفية خروجه من أتون حرب هي الأطول في القارة، وجيش الرب ، بالإضافة الى أن الإقليم يطل على دول غير مستقرة أمنياً يشكل مهددات خطيرة للأوضاع.
وفي رابع التحديات كشف غندور عن إحصائية قام بها توضح وجود (17) بؤرة نزاع قبلي لأجل الحصول على الثروات، والرعي، إضافة لإعتقادات قبلية خاطئة ومتجذرة كما يلعب التداخل القبلي مع دول الجوار، عود ثقاب إضافي لحرائق بالجنوب.
وفيما قال إن حكومة الجنوب تتحمل مسئولية كبيرة في الحفاظ على أمن الإقليم دعا لتضافر جهود الجميع لأجل حل تلك المعضلات واقترح تدخل الجيش القومي للإسهام في بسط الأمن على خلفية خبرته العملية الطويلة في حفظ الأمن بالجنوب الا أنه عاد وأبدى شكه في أن يلقى إقتراحه أذناً صاغية.
وأوضح غندور أن القوى السياسية تشكو من هيمنة الحركة الشعبية على مفاصل العمل السياسي في الجنوب وقال إن الحركة الشعبية مهيمنة على الجنوب وفقاً لإتفاقية السلام الشامل وشدد على أهمية خروج الحركة عن فكرة إمتلاكها السيطرة المطلقة ،والكف عن مضايقة الأحزاب وقال بعض دُورنا بالجنوب تم إغلاقها كما ان بعض اعضائنا يتعرضون لعمليات إعتقال وأضاف: على الحركة بسط الحريات في الجنوب بقدر مطالبتها بذلك شمالاً.
وفي خامس التحديات أشار غندور الى أن المواطن الجنوبي في إنتظار أن تنعكس نيفاشا إيجاباً على حياته عبر إحداث نقلة تنموية خاصة في ظل الأزمة المالية العالمية وإنخفاض أسعار البترول.
وفي ذات المنحى أوضح أتيم قرنق القيادي بالحركة الشعبية جملة معوقات تقف حائلاً أمام إستقرار الأوضاع الأمنية ووصف الصراعات القبلية بالظاهرة القديمة غير أن الجديد فيها -كما قال- ضعف الإدارة الأهلية، وإنتشار السلاح في أيدي المواطنين وتنامي ظاهرة العنف القبلي إبان فترة السلام.
وشدد قرنق على ان الجيش الشعبي من أكثر الجيوش إنضباطاً في المنطقة، عبر تمسكه بالقوانين والمعاهدات الدولية، والتحلي بالقيم وقال إن ا لجيش الشعبي عمل لمدة تزيد عن الـ (20) عاماً دون مرتبات.
وهاجم أتيم التقرير الذي أصدرته (هيومن رايتس ووتش) عن عدد القتلى بالجنوب وطالبها بتعضيده بإحصائية دقيقة بالأرقام والتواريخ.
ونفى قرنق أن تكون الحركة تعمل على تضييق دائرة الممارسة السياسية بالجنوب وتساءل: هاتوا لي إسم رئيس حزب أعتقل بالجنوب؟ ودعا الجميع للإحتكام الى القانون السوداني الذي يطبق على الجميع حكومة ومعارضة كما طالب الشريكين وبقية الأحزاب بالعمل على إزالة المرارات ونشر ثقافة السلام.
وشدد قرنق على أن بنود إتفاقية نيفاشا جعلت من الجيش الشعبي جيشاً قومياً وظيفته التصدي لأى عدوان خارجي تتعرض له البلاد وقال إن من شأن ذلك أن يدفعه لتطوير وتحديث قدراته.
كما ناشد قرنق الدولة بدعم الأحزاب خلال المرحلة المقبلة كون الحال المالية للأحزاب تؤثر بصورة مباشرة على الإنتخابات ،وأشار لتأكيدات بعض المراقبين فوز الوطني لإمتلاكه أجهزة الدولة.
وحث قرنق الجميع بأهمية نشر الوعي وثقافة السلام وعدم تسييس الجيوش وقال: قانون الجيش السوداني لو تنزل الى أرض الواقع فسيكون الأفضل.
وأوضح د. لام اكول رئيس الحركة الشعبية للتغيير الديمقراطي أن نيفاشا إتفاقية يقاس مدى نجاحها بما تحققه من إنجازات تنموية في الجنوب وقال إن جوهر الإتفاقية تقديم الخدمات والتنمية كما أشار لفشل الشريكين في تسويق الإتفاقية وشرحها للشعب السوداني وذهب أبعد من ذلك بقوله إن بعض المنفلتين داخل حزبي الشراكة يعملون جهاراً نهاراً على تقويض الإتفاقية.
وقال أكول بعد (4) سنوات من الإتفاقية لا يزال المواطن الجنوبي بإنتظار ثمارها وأستطرد ان الأوضاع بالجنوب تقف دليلاً على غياب التنمية بالرغم من أموال البترول الهائلة على حد تعبيره.
وقال أكول إن حرية العمل السياسي غير مكفولة بالجنوب وأضاف حال أرادت الحركة إثبات مصداقيتها في توفير مناخ الحريات فعليها السماح للجنة من الأحزاب السياسية بالتطواف في الجنوب.
في سياق متصل دعا أكول حكومة الجنوب لترشيد إنفاقها الحكومي وتطوير الضرائب غير البترولية للتصدى للآثار السالبة للأزمة الإقتصادية.
وأعتبر اكول أن علاقة الشريكين تعد من التحديات الكبرى التي تواجه الإتفاقية داعياً إياهم للإرتفاع بمستوى تعاونهما مع إيجاد آلية لإدارة الخلافات فيما بينهما وعلل ذلك بإرتباط الإتفاقية بالشريكين.
وشدد أكول على أهمية قيام الإنتخابات في موعدها بإعتبارها الوسيلة الوحيدة للتحول الديمقراطي والتبادل السلمي للسلطة.
وأشار فاروق جاتكوث القيادي بجبهة الإنقاذ الى أن الإنتخابات المقبلة ستواجه مشاكل كبيرة جداً لأسباب منها تعثر عودة النازحين، وإزالة الألغام، وعدم تحول الجيش الشعبي لجيش نظامي، إضافة للتعداد السكاني غير الموفق كما وصفه.
وأكد جاتكوث أن الوضع الأمني في الجنوب والسلاح المنتشر يجعل الحريات السياسية غير متاحة وقال لا بد من انتقالنا من ثقافة الحرب والعسكرة الى ثقافة السلام والمدنية.
كل تلكم الخلافات لم تمنع ضوءاً في آخر النفق من التسلل لنفوس الحاضرين بتأكيد الجميع انه وعبر الحوار يمكن تجاوز كل الخلافات ولا عودة مرة أخرى لمربع الحرب.
مقداد خالد :الراي العام