صفحة جديدة ؟
الذين يقولون إن الترابي قد جمع مجلس شورى الجبهة الاسلامية بعد استلام السلطة ووزع عليهم مصاحف وقال لهم إن الحركة قد حلت وإن الجهات الحاكمة بتكليف من الحركة هي التي سوف تدير البلاد والحركة مدمجة فيها ولا داعي لوجود جسم مواز آخر يقولون إن هذا كان بمثابة حل للحركة الإسلامية مخطئون ومع صحة الواقعة لأن الذي تم من تغيير كان بموجب آخر قرار اتخذه مجلس شورى الجبهة القومية الاسلامية والجبهة هي آخر اسم للحركة الاسلامية ذلك القرار الذي فوض بموجبه الأمين العام لاتخاذ كافة التدابير التي تقود للحكم وللحفاظ عليه فإذن الذي تم هو حل مجلس شورى الجبهة القومية الاسلامية ثم تغيير اسم الحركة من الجبهة القومية الاسلامية الى الإنقاذ وليس هذا هو أول او آخر تغيير يحدث لاسم الحركة الاسلامية في السودان فقد كانت من قبل حركة الاخوان المسلمين ثم اصبحت جبهة الميثاق الاسلامي في فترة اكتوبر ثم الاتجاه الاسلامي في الجامعات في فترة نميري. بعد الانقاذ اخذت اسم المؤتمر الوطني والمؤتمر الشعبي.
الترابي هو الذي ابتدع عدم رهن الحركة الاسلامية لاسم محدد ثابت على مر الدهور والعصور فالترابي يرى ان الاسم يجب ان يتغير على حسب مقتضيات المرحلة لأن لكل مرحلة اهدافها ووسائلها وهكذا ظلت الحركة الاسلامية في الانقاذ كنظام حكم وفي المؤتمر الوطني كحزب حاكم متمكن والمؤتمر الشعبي كحزب معارض وكان هدفها الأوحد في هذه الفترة هو الانفراد بالسلطة والمحافظة عليها وقد نجحت في تحقيق هذا الهدف بدليل أنها الحاكمة والمعارضة الآن، ولكن كان ذلك على حساب منجزات اخرى فلم تعد دعوة رسالية ولا مشروع حضاري ولا تقدم تنموي ولا حماية أخلاقية.
الآن تأكدت الحركة الاسلامية السودانية من حالة التكلس والتآكل التي اجتاحتها خليك من المعارضة المدنية والمعارضة المسلحة والضغوط الخارجية فالحركة نفسها اثناء تمسكها بالسلطة فقدت الكثير من مكونها وتماسكها العضوي فبعد الشعبي هناك ناس بناني وبلايل والالف اخ والسائحون وود ابراهيم وغازي صلاح الدين وقوش وهناك الكثير من الافراد الذين انسحبوا بهدوء واعتزلوا السياسة نهائيا فاصبحت بقية الحركة الاسلامية محشورة في طائرة السلطة المختطفة تلف بها الاجواء على غير هدى وحتى لا تهوي تلك الطائرة بما فيها ومن فيها كان لابد من عملية هبوط اضطراري.
التغيير الوزاري الاخير فتح الكوة لتغيير أكبر. فمن قبل كانت الانقاذ تقول بنهاية التاريخ في السودان وان دورة الحكم في السودان قد انتهت اليهم وبالتالي البره بره والجوه جوه ورفعت الاقلام وجفت الصحف ولكن وجود الترابي اليوم وعلي الحاج وعلي عثمان ونافع وغازي وهؤلاء هم الذين استلموا الحركة والحكم من مجلس الشورى الذي اخذ المصاحف ومضى وجودهم خارج السلطة طوعا كان ام اختيارا جعل للحركة رسما جديدا وربما هدفا جديدا وبالتالي تكتيكا جديدا وسوف تحتفظ باسم المؤتمر الوطني والشعبي للفترة القادمة ولكن الامر المؤكد ان سلوكا سياسيا جديدا اصبح مطلوبا منها من هذا الصباح طوعا او كرها سلبا كان ام إيجابا.
حاطب ليل- السوداني
[email] aalbony@yahoo.com[/email]