الطاهر ساتي

الوثبة و..(ثمنها )

[JUSTIFY]
الوثبة و..(ثمنها )

:: مناخ ما قبل الخطاب، لم يخدم محتوى الخطاب، بل طمس المحتوى وطغى عليه..وما كان على رئيس البرلمان السابق أحمد إبراهيم الطاهر – وآخرين – أن يعدوا الرأي العام بأن رئيس الجمهورية سوف يدخل إلى قاعة الصداقة حاملا ( عصى موسى)، و ليس ( خطاب سياسي)..( 24 عاماً من الإدارة)، ومع ذلك لم يتعلم رجال حول الرئيس كيفية إدارة البلد ولا حتى تقديم رئيس البلد – وخطاباته – إلى أهل البلد.. لم يتعلموا، بل – للأسف – سنوات التجارب لاتزال تجذبهم أكثر إلى عشق ( الإثارة) و ( الهتافية)، أي حالهم كما بعض الصحف الإجتماعية.. نعم، لم يكن موفقاً ولا منطقياً أن يمهد بعض ساسة الحزب الحاكم – ومنهم الرئيس السابق بالبرلمان- لخطاب الرئيس بمناخ (سنة أولى ثورة)، أي المناخ المشبع بعناصر (الإثارة و المباغتة و التشويق والمفاجأة)، وكأن المراد عرضه بقاعة الصداقة في تلك الليلة ( فيلم هندي)، وليس ( خطاب سياسي)..!!

:: ثم، اللغة التي كُتب بها الخطاب – ونسبتها مصادر الصحف إلى الدكتور سيد الخطيب، ولم ينفها الخطيب – أيضاً ظلمت أفكار الخطاب وما فيه من برامج سياسية، وطغت عليها وطمستها لحد خروج أفراد الشعب من منازلهم ليسألوا بعضهم بعضاً ( يعني نفهم شنو من الخطاب ده؟)، و هم الذين إستمعوا إليه بآذان صاغية..لم يفهموا أفكار وبرامج الخطاب ليس لعجز عقولهم عن الإستيعاب، بل لعجز سيد الخطيب – أو لعدم رغبته – في التعبير عن أفكار وبرامج الخطاب..أُرجح عدم الرغبة في التعبير المباشر، فالتعبير المباشر عن رؤية الحزب الحاكم – في المرحلة القادمة – لقضايا الوفاق الوطني والسلام والهوية والمواطنة قد يكون صادماً لصقور الحزب وبعض قواعده، والله أعلم..فالأمر محض تحليل، ولكن ليس بلغة الخطيب المسماة ب ( لغة مراوغة).. وبالمناسبة، نصوص نيفاشا – التي ساهم في صياغتها الخطيب – أيضا ( زي صحن الجلي)، بحيث النص لايستقر على معنى، وكذلك قابل للشد والجذب، ولهذا ليس في الأمر عجب أن يظل عقل الرأي العام حائراً أمام تفسير ( الخطاب) و (نيفاشا)..!!

:: والمهم، أي بعيداً عن مناخ ما قبل الخطاب ولغة الخطاب، هناك تغيير واضح في طرائق تفكير الحكومة وحزبها، ولكن من السابق لأوانه الحكم على مسار وأهداف هذا ( التغيير أوالتفكير الجديد).. وهذا ما عبر عنه الخطاب بمصطلح ( الوثبة)..نعم، ( هناك وثبة)، ولكن الحكم عليها إن كانت هي وثبة إلى (الأمام أم الوراء ؟)، سابق لأوانه..تواجد الدكتور حسن الترابي – بعد عقد ونصفه من المفاصلة – بقاعة الصداقة في تلك الليلة ( نقطة مهمة جداً)، فالترابي ليس من الذين يلبوا دعوات الحكومة وحزبها بمجرد ( كرت دعوة)..لقاءات الحزب الحاكم ببعض القوى السياسية – ومنها المؤتمر الشعبي – منذ بداية الأزمة الإقتصادية و إلى نهاية العام الفائت (لم تكن خافية)..وحوارات ونقاشات – وربما نتائج – هذه اللقاءات الكثيفة هي التي شكلت المناخ الملائم لتواجد الترابي بقاعة الصداقة..ثم التشكيلات الوزارية والتنظيمية التي أجرتها الحكومة وحزبها، وهي التشكيلات التي أبعدت أهم وأبرز عناصر صراع الشعبي والوطني، وهى أيضاً ذات العناصر الموصوفة بالصقور من قبل القوى المعارضة، سأهمت أيضاً في توفير (مناخ الحشد)..!!

:: على كل، خطاب الرئيس لم يضف أي شئ في (آمال الناس)، ولم يخاطب هذه الآمال ولم يعبر عنها بوضوح.. فالحوارات التي أجراها الحزب الحاكم مع قوى المعارضة هي التي توفر حاليا ( مناخ التفاؤل)..والكرة لاتزال بطرف (الحزب الحاكم)، أي ما بعد الخطاب هو (المهم جداً)..وتنزيل مطالب السلام والوفاق الوطني و الهوية و الحريات وغيرها – من محاور الخطاب – إلى أرض الواقع هو (مربط فرس الناس والبلد).. نعم، لكل محور من محاور الخطاب أثمان يجب أن يدفعها الحزب الحاكم ليصبح واقعاً في حياة الناس..لوتم دفع أثمان الوثبة بمنتهى الصدق والإرادة السياسية الشجاعة يصبح الأمر ( وثبة إلى الإمام ).. هذا أو لن تراوح كل تلك القضايا وغيرها مكانها، وكذلك لن يراوح حال الناس والبلد إلا ( وثبة إلى الوراء)..!!
[/JUSTIFY]

الطاهر ساتي
إليكم – صحيفة السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]