عبد الجليل سليمان

بصات النيل “في حد نازل”؟


[JUSTIFY]
بصات النيل “في حد نازل”؟

إذا ما مضى تنفيذه بذات الطريقة التي نُفِذّ بها مشروع بصات ولاية الخرطوم (الخضراء المكيفة) التي صارت الآن (مرقطة ساخنة)، فإن ما أطلقته حكومة الخرطوم أمس تحت عنوان إنفاذ مشاريع الحلول الآنية والاستراتيجية لتوفير وسائل النقل والمواصلات لن يكتب له النجاح وسيبوء بفشل ذريع مايتسبب في تكريس حالة الإحباط السائدة الآن.
لا شك أن الفكرة ـ فكرة استغلال النيلين في نقل الركاب والسلع بين مدن العاصمة الثلاث ـ فكرة جيده سبقنا إليها كثيرون ونجحوا فيها، ورغم أننا تأخرنا كثيراً في ذلك، لكن أن تأتي متأخراً خير من أن لا تأتي أبداً.
فالبداية المتوقعة بـ(15) بصاً نهرياً، تخصص لها (5) مراس، بداية جيدة، لا شك، لكنها ستهلك أموال الشعب الفقير المسكين إذا ما جاءت بذات مواصفات البصات الخضراء سيئة الذكر، لذلك ينبغي توخي الحذر والحيطة قبل استيراد بصات نهرية بمواصفات (ركشات)، لأن عقابيل ذلك ستكون وخيمة على الجميع، فإذا أصيب البص بعطب في عرض النهر أو انقلب بسبب خلل فني أو انخفاض في كفاءة (البحار) فإن ثمن ذلك سيكون مكلفاً. هذه ناحية، ومن أخرى فإنه يجب مراعاة العمر الافتراضي لهذا النوع من البصات حتى لا تتوقف بعد (تسعة أشهر وعشرة أيام) من ركوبها النهر، وتتحول عظامها إلى رميم.
بالطبع فإن النقل النهري وسيلة رائعة وممتعة للتنقل خاصة إذا كانت سريعة، فالموظف أو العامل الذي سيستخدمها من وإلى مكان عمله سيحظى بلا شك بروح معنوية عالية، فلا غبار ولا زحمة طريق، ولا كمساري مزعج، ولا تقاطعات وإشارات مرور ولا إيصالات ولا (شقلبان في حد نازل)، كلهم يصعدون من مرسى واحد وينزلون في مرسى واحد، إضافة إلى متعة السياحة اليومية في النيل العظيم والتي حرم منها الشعب السوداني العظيم زمنا طويلاً.
كل تلك ميزات تعطي للنقل النهري قيمة ومتعة إضافيتين، ما يشجع كثيرين ممن لا يسكنون في أحياء (جوار النهر) على استخدام تلك البصات من أجل السياحة النهرية.
لكن ليس عظمة وروعة المشروعات التطويرية في الخطط والبرامج فقط، بل في تنفيذها، وهذا ما يخيفنا في الواقع، إذ أن (تنفيذية) العاصمة عودتنا افتقارها للقدرة والكفاءة اللازمتين ما يجعل هكذا مشاريع تبدو عند تنفيذها مضرة (كوضع الندى في موضع السيف بالعلا) أو العكس.
[/JUSTIFY]

الحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي