“لُبانة” إسقاط النظام
المخاوف والمحاذير التي أبداها الترابي أمس من خطورة وصول الجبهة الثورية للحكم بوصفها الخيار الأسوأ في الساحة.. هذه الفكرة ظلت تمثل المحور الأساسي للكثير جداً من مقالاتنا المنشورة في هذه الزاوية، بل لا نزال نعتقد جازمين أن كل رهانات القوى السياسية المعارضة للتحالف مع الجبهة الثورية بأوهام تقوية الجبهة المعارضة ستتبدد في اللحظة التي تطأ فيها أقدام قيادات الجبهة الثورية أرض العاصمة.. لا اتفاق برلين ولا باريس ولا أديس ولا (هردبيس).. سيتذكره حملة البندقية.. كل هذه الأوراق والمواثيق ستمزقها الجبهة الثورية ساعة وصولها إلى السلطة.. ولن تعترف لكم بأي حق سياسي إن لم تأمر باعتقالكم واعتقال أقرب حلفائها الحاليين إليها من قيادات القوى السياسية الذين هم بنظرها وحسب أفكارها يمثلون جزءً مهماً من أزمة الدولة السودانية القديمة التي يسعون لإزالة كل آثارها ومحوها من الوجود بـ(استيكة) دامية تبدأ بالصادق والميرغني والترابي وبقية قيادات القوى السياسية التي تصنفها الجبهة الثورية بحسب معاييرها العنصرية بالقوى الشمالية التي أكلت خيرات البلد وهمشت الأطراف.. لا مكان لكم جميعاً بل لا أمان لأرواحكم وممتلكاتكم وحتى أعراضكم في دولة عرمان وعقار ومناوي والحلو..
سيخرج فاروق أبوعيسى من سجن الإنقاذ ليعود إلى سجون الجبهة الثورية صباح يومه التالي وسيجد أمامه الترابي والصادق المهدي وبقية القيادات المعارضة التي تظن الآن أن كيان الجبهة الثورية يمكن أن يقتسم معهم السلطة أو يسلمها للشعب السوداني أو يحكم السودان على أساس تلك اللافتات والشعارات التي يتغنى بها الآن.
مضغة أو (لبانة) إسقاط النظام أتمنى أن تخرجوها من أفواهكم لحظة واحدة وتضعوها تحت المجهر لتنظروا مكونات تلك المضغة حتى تدركوا الحقيقة الثابتة بأن المخرج الوحيد للأزمة السودانية يكون فقط بالحوار ولا شيء غير الحوار.. الحوار القائم أو النائم ليس هذا هو المهم، لكنه هو المنقذ الوحيد لهذا البلد من استنساخ سيناريوهات العراق وسوريا وليبيا واليمن..
كما أن نجاح مشروع إسقاط النظام له ظروفه وله شروطه غير المتوفرة الآن في حالة النظام الحاكم، بل على العكس تماماً فإن التقييم العام لنظام الإنقاذ الآن من حيث تماسكه الداخلي كسلطة حاكمة وكمرجعية تنظيمية لهذه السلطة تضعه في خانة الأنظمة المتماسكة في جسمها الداخلي خاصة بعد عودة التقارب بين الإسلاميين.. أما على المستوى الخارجي فأمور الإنقاذ صارت طيبة مع الجيران وماضية للتحسن والانفتاح أكثر مع العالم الخارجي..
نعم توجد أزمة سياسية، لكنها ليست أزمة ذات بعد جماهيري وشعبي.. أما الأزمة الأمنية فهي إن لم تجعل المواطن يساند النظام لمواجهتها، فإنها قطعاً لا تجعل مواطناً صالحاً وعاقلا ًيتعاطف مع التمرد ويفكر في انتظار (تاتشرات) الجبهة الثورية على أبواب الخرطوم مستقبلا ًلها بباقات الزهور وعلامات النصر..
شوكة كرامة:
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.