ماذا أنت فاعل يا وزير الخارجية؟

قرأت في صحيفة (الراكوبة ) الإلكترونية أمس قصة غريبة ومثيرة للغاية كتبها المهندس أسعد التاي.. يحكي عن واقعة ضرب وشتائم وتهديدات أخرى تعرض لها في القنصلية السودانية بمدينة جدة.
هذه الوقائع الخطيرة والمؤلمة.. سردها هو من جانب واحد ويغيب عنها – بالطبع- الوجه الآخر الذي قد يعرض صورة مختلفة.. ولكن ليس مهماً هنا الآن درجة صدقية الأحداث التي تعرض لها هذا الشاب السوداني الذي يعمل في المملكة العربية السعودية وذهب إلى القنصلية لاصدار جواز سفر جديد لابنته.. وتجديد جواز زوجته.. لكن المهم هو ماهو رد فعل وزارة الخارجية السودانية؟
هل تهزّ مثل هذه القصص أركان الوزارة فتبعث عاجلاً لقنصليتنا في جدة تطلب مزيداً من المعلومات.. قبل أن تفتح تحقيقاً رسمياً و تباشر المساءلة والمحاسبة أن اتضح صحة الوقائع.
مسلك ورد فعل وزارة خارجيتنا هو المحك.. فهناك عشرات السفارات والقنصليات السودانية في دول العالم.. وملايين السودانيين منتشرون في هذه الدول .. ويدفع الشعب السوداني من حر مال فقره المدقع تكاليف تسيير هذه السفارات والقنصليات وأجور العاملين وامتيازاتهم من أجل خدمة هذا الشعب المالك لهذا الوطن .. فإذا وُجدت شكوى واحدة مثل هذه، وفي أهم قنصلياتنا وفي أكثر الدول اكتظاظاً بالسودانيين المغتربين ..ولم تحرك وزارة الخارجية ساكناً واعتبرت الموضوع في حيز (الشخصي!) يهم هذا المواطن إن شاء حرك إجراءات عدلية أو اكتفى من الغنيمة بالاياب.. فهنا الطَّامة الكبرى.
يضربنا الأجانب في دول العالم أجمع ممكن.. فنحن ضيوف وقليلو الحيلة عند الشعوب التي تستضيفنا .. يضربوننا هنا أمام السفارات الأجنبية في الخرطوم.. ويصلبون شعبنا في طوابير طويلة في انتظار الحصول على فيزا أو غيرها لا مانع، فكل دولة حرة في سفاراتها واجراءاتها ولها أن تحدد الطريقة التي تختارها لمعاملتنا.. وعلى قدر كرامتنا عندهم نُكرم أو نُهان. لكن أن يُضرب السودانيون في قنصلية بلدهم! وبأيدي الدبلوماسيين الذين نصرف عليهم بالدولار !! هنا لابد من وقفة.. ليس مطلوباً العقاب في هذه المرحلة.. فقط الاهتمام والتحقيق والتحري عن الوقائع والتثبت منها حتى يعلم أي موظف عمومي أن شكوى المواطن – ولو جارت- تلقي الاهتمام حتى يثبت خطأ ما فيها من وقائع..
ويساعد وزارة الخارجية في التحري أن الشكوى محتشدة بالأسماء والصفات الوظيفية في القنصلية وبتفاصيل دقيقة تسرد وقائع محددة.. مما ييسر التحري واستجلاء القضية.
وإلى أن تفعل – أو لا تفعل- وزارة الخارجية ذلك ،فيجدر أن تصبح هذه القضية اختباراً حقيقياً لقيمة السوداني خارج وطنه.. خاصة وأن المغتربين يمثلون البقرة الحلوب التي تنتظرها وتتلقفها الجبايات..
يا سعادة وزير الخارجية.. اقرأ ما كتبه هذا المغترب.. وقل لنا ماذا أنت فاعل.. فأول مبادئ العدالة ينص على (العدالة لا تتحقق .. حتى تُرى وهي تتحقق)..

Exit mobile version