جعفر عباس

أريد الحصانة ومو لاقي «اسم»


يعتزم مجلس شؤون الأحزاب السياسية في السودان، تقديم مقترح بمنح جميع رؤساء الأحزاب السياسية حصانة كاملة، وبما أن هذا المجلس جسم حكومي، فالمرجح أنه لم يفكر في هذا المقترح إلا بإيعاز من جهة عليا، وبالتالي أيضا فمن البدهي أن أسعى لنيل الحصانة بالسعي أولا لتشكيل حزب، أكون رئيسه، وبعد تشكيل الحزب فلن يستطيع الجن الأزرق زحزحتي من رئاسته أو المطالبة بتداول الحصانة، فمن حسن حظي أن تقاليد العمل الحزبي في السودان، تقضي بأن يكون رئيس الحزب معصوما من الزحزحة.
وأؤكد مجددا أنني أريد تشكيل حزب ليس طمعا في السلطة، فلو حلف جميع رجال ونساء السودان الطلاق علي بأن أتولى مقاليد الحكم، فسيكون السودان الدولة الوحيدة في العالم التي معظم سكانها «عزاب سكند هاند»، فأنا طامع فقط في الحصانة، لأن المثل يقول: حصانتك حصانك، إن صنته صانك، وإن لم تصنه برضو صانك، فما أجمل أن يبرطع الإنسان على كيفه من دون خوف من اعتقال أو مساءلة، وتشكيل الحزب هو أسهل جزء في مشروعي هذا، وكلي ثقة بأنني أستطيع أن أضمن عضوية في حدود مائة ألف شخص بمجرد إشهار الحزب، فعضوية صفحاتي في فيسبوك أكبر من عضوية أعرق أحزابنا، ولنفترض أن ثلثهم سينفضون عني لأنهم مصحصحون ومكحلون بالشطة، ويريدون الحصانة لأنفسهم، فيبادرون بتشكيل حزب أو عدة أحزاب، ولكنني واثق من أن ثلثي تلك العضوية سيقف معي، ليس لأن برنامج حزبي يجنن ويهبل، ولكن من باب «ليس حبا في عليّ بل كرها لمعاوية»، ففي المناخ الشعبي الراهن فإن الجماهير تبحث عن «جن لا تعرفه»، بعد أن أدركوا أن الجن الذي يعرفونه هو الذي جننهم.
ولكن المشكلة يا جماعة من أين لي باسم للحزب؟ مؤتمر كذا؟ هذا اسم تم استهلاكه منذ الأربعينيات، فعندنا سبعة أحزاب تبدأ أسماؤها بـ «مؤتمر»! منبر كذا؟ تكاثرت المنابر ومعظمها تمت كلفتها على عجل! حركة كذا؟ ما يصير فعندنا نحو عشرين «حركة تحرير»، وبالتالي فاسم كهذا سيُرفض من قبل مجلس الأحزاب لأن به شبهة «انقلاب»، والخلاصة هي أن كل التسميات التي فيها الزبدة محتكرة: الديمقراطية والوحدوية والعدل والاشتراكية والوطنية والشعبية والشعوبية، ولكن النفس الأمارة بالسوء جعلتني أفكر في تأسيس حركة تحرير، واللي بدو يصير، يصر، ولكن «أحرر شنو»؟ وأنا قد عشت في قطر معظم سنوات عمري، ولكن لا بأس فهناك حي راق في الدوحة يحمل اسم السودان، وفكرت في تحريره، ولكن أحد أبناء الحي الأصليين وهو السيد علي السويدي المدير العام لمؤسسة عيد الخيرية في قطر والتي نفذت من مشاريع في السودان بملايين الدولارات خلال السنوات الأخيرة، قال لي: اختشي على دمك واحترم نفسك، فاحترمتها، وخاصة أنه عندما زجرني كان مدير الشؤون المالية والإدارية في جهة عملي (قناة الجزيرة)، وعرفت لاحقا أن اسم الحي مشتق من اسم عائلة «السويدي»، فاحترمت نفسي أكثر.
والشاهد يا جماعة هو أنني بحاجة إلى حصانة، ولا بد لي من حزب ملك حر، ولكن هناك شح في أسماء الأحزاب، فهاتوا اقتراحاتكم، وسيتولى صاحب الاسم الفائز منصب أمين عام الحزب، مع صلاحيات بلا حدود، بعد أن يتعهد بعدم التطاول على الذات الرئاسية، وعلى ضمانتي س «أعجبكم» بعد تمتعي بالحصانة، لأنني سأسوي البدع ولن أرحم حكومة أو معارضة، بدرجة أن الجماهير قد تطالبني بالتخلي عن الانتهازية وتحويل حزبي إلى حزب حقيقي تسعى إليه السلطة قبل أن يطلبها (كما قال أبوالعتاهية للخليفة المهدي – بتاع العباسيين مش بتاعنا: أتته الخلافة منقادة«إليه تجرر أذيالها» «فلم تك تصلح إلا له» ولم يك يصلح إلا لها).

jafabbas19@gmail.com