الطاهر ساتي

ريحتها طاااقة

:: كان لإعرابي بعيراً يسافر به كثيرا..وفي ذات سفر، وضع على ظهر البعير من المتاع ما لا طاقة لأربعة جمال لحملها، فأشفق القوم على حال البعير ونصحوه بأن يرحمه بتقليل وزن المتاع على ظهر البعير، فلم يجد إشفاقهم ونصيحتهم إستجابة..وسار به وهو يهتز من أثقال المتاع، ثم توقف في طرف القرية و أناح البعير وأضاف على أثقال المتاع (حزمة تبن)، فقصم ظهر البعير ومات.. وحزمة التبن تلك هي القشة التي قصمت ظهر البعير، كما يقول المثل..ولكن في حقيقة الأمر، أثقال المتاع هي التي ( كسرت الضهر)..!!

:: ولقد أحسنت وزارة الخارجية عملاً بتشكيل لجنة تقصي الحقائق في قضية المواطن السوداني المقيم بالسعودية (أسعد التاي).. فاللجنة التي غادرت إلى موقع الحدث – في ذات أسبوع الحدث – برئاسة السفير دفع الله الحاج علي وعضوية آخرين منهم اللواء أمن العبيد أحمد الأمين والدكتورة رحاب المبارك المستشار القانوني لوزارة الخارجية..وفد التحقيق والتحري رفيع المستوى،وهذا يوضح حجم إنفعال وزارة الخارجية بهذه القضية التي أثارت الرأي العام وأغضبت المغتربين..كما إنتقدنا تلكؤ السفارة هناك، نشكر الخارجية على إنفعالها السريع..!!

:: ولكن يبدو أن قضية التاي محض قشة فوق أثقال من الخطايا على ظهر (قنصلية جدة)، ويبقى الأمل في توسيع سلطات لجنة التحقيق بحيث لا تقف فقط في (محطة أسعد)، بل تتجاوزها وتحقق في قضايا أخرى مثارة حالياً في أوساط المغتربين، وكلها قضايا ذات صلة بالمال العام و الآداء العام..على سبيل المثال، كبدعة سيئة، إبتدعت قنصلية السودان بجدة بدعة تسليم المواطن السوداني للسلطات السعودية في عهد السفير خالد محمود الترس، وهذا هو القنصل العام والمسؤول عن المنطقة الغربية بالسعودية.. وبالمناسبة، سلطات القنصلية هناك يتقاسمها السفير خالد الترس ( المنطقة الغربية)، والسفير عبد الحافظ ( المنطقة الشرقية والوسط)، وذلك لإتساع مساحة المملكة ..!!

:: والمهم، في بدعة لم تبتدعها إلا بعثة دبلوماسية سودانية بالخارج، فالسادة بقنصلية جدة كادوا أن يسلموا المواطن أسعد التاي للسلطات السعودية لتفعل به ما تشاء ( سجناً وترحيلاً)، وقبل أسعد سلموا المواطن محمد آدم الضي لذات السلطات أثر سجال بمباني قنصلية جدة أيضاً..وهذا يعني أن قنصلية جدة كما سجون التعذيب والإذلال، فالداخل فيها ( خائف) والخارج منها (يائس)، وكل ذلك لقبح الإدارة العاجزة عن التنظيم والإجراء في زمان الحوسبة وإلكترونياتها..أين تذهب الجبايات التي يدفعها المغترب بغير علم أورنيك وزارة المالية؟، فالتكدس تحت مظلة مساحتها مائة متر مربع يعكس بأن الجبايات تذهب إلى ما لا ينفع المغتربين ولا يوفر لهم بعض أمكنة الراحة و ..(الإحترام)..!!

:: وبالمناسبة، هل الأموال التي يدفعها المغترب بالسعودية تتحصلها القنصلية بواسطة إيصال وزارة المالية؟.. الأموال التي تدفعها الجالية لدعم المجهود الحربي، والتي يدفعها المخالف لنظام الإقامة والمغادر إلى السودان، والتي يدفعها لصالح الجالية وغيرها .. يجب أن تخضع للمراجعة العامة، ليس تشكيكاً، ولكن لتطمئن قلوب المغتربين على أن هذه الأموال لا تضل طريقها عن أهدافها، وخاصة أن رائحة التجنيب هناك ( ريحتها طاااقة)..وليس هناك ما يمنع وزارة الخارجية بأن تقطع تذكرة سفر لمراجع عام ليلتحق بركب لجنة ( تقصي الحقائق)..فالغموض هناك لايكتنف مصير قضية أسعد التاي فقط ..!!