جمال علي حسن

نصيحة قوش.. وتلك المشاجرة


من الواضح جدا أن خطاب التحدي والعنف اللفظي والغلظة لم يعد مستساغاً عند أحد.. ولم تعد الجماهير تقبل سماعه وهذا مؤشر تعافٍ ووعي وملل من لغة العنف التي لم تجر إلينا إلا مزيداً من العنف والاحتراب.
ثم إن خطاب الغلظة والتحدي والشتم وقبل أن يكون غير مقبول للمواطن هو يزيد من تعقيدات الأمور في الساحة السياسية ويبرر الفجور والحدة التي يتبناها بدوره ذلك الطرف الآخر الخصم السياسي لهذا اللاعن.
يتدنى مستوى الساحة السياسية إلى الحضيض حين يفتقد خطابها قواعد اللياقة واللباقة.. ويتولد عند الأطراف المختلفة نوع من الكراهية التي تباعد بين خطى الوفاق والمصالحة السياسية في السودان.
الواضح جداً ومن خلال الكثير من التصريحات التي صدرت مؤخراً من بعض قيادات المؤتمر الوطني أنها متأثرة كثيراً بمحتوى المواقع الإسفيرية والمدونات الشاتمة واللاعنة والكم الهائل من التعليقات والرسائل التي يتم تداولها عبر وسائط الإعلام الإلكتروني ووسائل التواصل الاجتماعي والتي تحتاج في التعاطي معها درجة عالية من الوعي والتمحيص والصبر على ما تحمله من اتهامات وشتائم لا سقف أخلاقي لها ولا مسؤولية ولا خطوط حمراء فيها.
لا يجب أن التعامل بحساسية مع مثل هذا النوع من الإعلام الإسفيري الذي يتيح لأي شخص فرصة المشاركة في إنتاجه.
لا يجب أن تنعكس لغة الإعلام الاجتماعي على خطابات وتصريحات شخصيات سياسية يحاسبها الرأي العام على كل كلمة أو لفظ يصدر عنها بحسب توقعات الناس من هؤلاء وبحسب ما يستوجبه مقامهم ووضعهم ومسؤوليتهم من تقييد ملزم بقاموس مفردات محدد ومعانٍ محترمة.
حتى المعارضة نفسها يجب على قياداتها أن تتبرأ من شتائم وألفاظ يستخدمها قاموس الشارع الإسفيري للتعبير عن معارضته للنظام.. يجب أن يعلن قادة المعارضة تبروءهم من هذا المحتوى والمستوى البذيء.
الشعب السوداني يريد من يقنعه بخطابه المنطقي والهادئ والمحترم وهذه هي النصيحة الغالية التي قدمها صلاح قوش في خطابه أمس لإخوانه في المؤتمر الوطني بالكف عن الطعن واللعن والاتهامات للآخرين.
حزب المؤتمر الوطني ينادي بالحوار فلماذا لا يتم التحلي بلوازم هذا النداء من ضبط النفس في مواجهة مواقف متوقعة من المعارضة حين تعلن عن مقاطعة الانتخابات أو تعلن عن إطلاق الحملة رقم (مليون) لإسقاط النظام؟..
لماذا كل هذا الانفعال وأنتم بيدكم السلطة وتضمنون تطبيق القانون على من يتجاوز..؟ هل مثل تصريحات مصطفى عثمان (بكسر اليد التي تمتد للحزب) تعني أن مصطفى أو الحزب سيأخذ حقه بيده.. هل هي مشاجرة..؟
إن الرد بهذه اللغة يجعلها فعلاً مشاجرة لكن على مصطفى عثمان أن ينتبه إلى بند المشاجرة في القانون الجنائي وأن يطلع على الاجراءات المبدئية التي تتخذها الشرطة في التعامل مع المتشاجرين حسب القانون لأن أول إجراء تتخذه الشرطة هو القبض على المتشاجرين دون تمييز بين المبادر وصاحب ردة الفعل.. لكن لو تعرض شخص لإساءة ومضى في طريق القانون بتقديم عريضة في المحكمة فسيكون في هذه الحالة قد احترم القانون وبالتالي هو الشاكي والمعتدي يصبح هو المتهم.
لماذا لا يصبر هؤلاء على مسارات تطبيق القانون بلا لغط ولا لعن ولا تبادل شتائم؟
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.