مُش حقي؟
:: ومن الوقائع التي يمكن وصفها ب ( شر البلية)، جاء القدر قبل سنوات برجل طاعن في السن إلى مصحة للأمراض العقلية..وبعد أسابيع، تولى أمر رعايته وعنايته نزيل آخر بشكل وجد إشادة الجميع.. كان يطعمه ويسقيه وينظفه ويؤانسه طوال الساعات النهار وبعض ساعات الليل، وكأنه والده..ولكن ذات يوم، تفأجا الجميع بالعجوز مقتولا و النزيل الذي ظل يرعاه ويعتني به بجواره جالساً وكأن الأمر لايعنيه.. فسألوه : ( يازول عمك ده الكتلو منو؟)..فرد عليهم بمنتهى اللامبالاة : ( أنا الكتلتو)..سألوه بدهشة : (ليه؟)، فرد عليهم بذات اللامبالاة : ( مش حقي؟، أنا حر فيهو)..وهكذا عرف الجميع سر الرعاية التي كان يحظى بها النزيل من قبل رفيقه.. لم تكن دوافع الرعاية دوافعها إنسانية، بل كان الدافع إحساسه بأنه يمتلك (العجوز)، وله حق التصرف فيه، ولو بالقتل..!!
:: وهكذا تقريبا النهج القيادي بالأحزاب الطائفية، والإتحادي الديمقراطي نموذجاً..نعم، رب الأسرة – و سيد البيت – هو الذي يدير كل شؤون الحزب الطائفي بنهج (مش حقي ؟)..ولذلك، ضلت الغاية من هذه الإدارة الأسرية طريقها عن الأهداف الوطنية السامية إلى حيث الإحساس بأنهم يتملكون هذا الحزب ، ولهم حق التصرف فيه ولو أدى تصرفهم هذا إلى وأد (آمال القاعدة)..ولن تحدثهم – سادة الأسرة المالكة – أنفسهم بخطأ التصرف، ولن تحاسبهم جهة على وأد (آمال القاعدة).. علماً بأن الإحساس بإمتلاك الحزب لايتضخم في نفس رب الأسرة وسيد البيت إلا حين تغيب المراقبة والمحاسبة والمساءلة، وكذلك حين تتجمد الأفكار و(رؤى التغيير)..أي حين يظن – سي السيد – إنه خالد ومخلد في هذا المنصب القيادي مدى الحياة، وللأسف هذا هو إحساس ( القيادة الطائفية)..!!
:: وعليه، ليس أمام من فصلهم السيد محمد الحسن بن السيد محمد عثمان بن السيد الميرغني غير الإعتذار للسادة ( الجد والأب والإبن)، ثم تجديد البيعة على السمع والطاعة في (المنشط والمكره) و ( المشاركة و المعارضة)..هذا أوعليهم مغادرة الحزب بلا ضجيج.. وليس هناك آي حل آخر.. فالسيد الصغير لم يفعل – بالمشاركة في الإنتخابات و فصل الرافضين عن المشاركة – غير ما كان يفعله (السيد الكبير)، أي سار على نهج ( مُش حقي؟)، فلماذا الصخب والشكاوى و( النقة الكتيرة) .؟..نعم، ما الجديد في هذا النهج الخديوي بحيث يغضب بخاري الجعلي ويشتكي علي السيد ويتوسل علي نايل؟.. طوال تاريخ الحزب لم يكن أحدكم (صاحب قرار)، بل إرتضيتم لأنفسكم بأن تكونوا آخر من يعلم – بقرار السيد – ثم ينفذ، وها هو إبن السيد يسير بكم على نهج أبيه، فما الجديد في خط السير لنغضب معكم و..( نشتكي)..؟؟
:: المهم، لقد أحسن إبن السيد عملاً بالتخلص من بعض الجيل الذي أوصل الحزب إلى مرحلة ( دكان الميرغني)، ولا يمكن لأحد أن يمتطي ظهرك ما لم يكن منحنياً، وبالإنحناء أوصلوا حالهم وحال الحزب إلى ما هم – والحزب – عليه حالياً..ويبقى الأمل في شباب الحزب..فليعلم الشباب بأن الأحزاب الطائفية – كما المراكب – لايمكن إصلاحها إلا (من الداخل)..وإن كان شباب وطلاب الإتحادي ينشدون التغييرعلى مستوى الدولة، عليهم أن يعلموا ويتعلموا – من وحي هذه المجزرة – بأن التغيير لايتجزأ، أي فليبادروا بإصلاح حزبهم، وذلك برفض ما يحدث حالياً.. فالعاجز من يسير على خطى نهج ( مش حقي؟)..!!