هل تنجح بريطانيا في ذلك..؟؟

الحكومة البريطانية تنتفض هذه المرة بقوة للضغط على الحكومة السودانية بأمر مجلس العموم البريطاني الذي تتجاوز صلاحياته وقوته مجلس اللوردات والمتحكم في مسار الحكومة وقراراتها.. مجلس العموم طالب الحكومة البريطانية باستعادة الملف السوداني من ألمانيا والضغط على الحكومة السودانية للقبول بمقترح الوسيط الأفريقي (ثامبو امبيكي) الذي يقضي بتأجيل الانتخابات وتكوين حكومة انتقالية لمدة خمسة أعوام برئاسة البشير بعد الوصول إلى تسوية سياسية شاملة.. ويبدو أن بريطانيا عازمة على حسم هذا الأمر بدعم دولي لذلك تتجه لتصعيد الأمر لمنصة مجلس الأمن الدولي لمزيد من الضغط بصورة مؤسسية.!
هذه هي التحركات المنتظرة من المجتمع الدولي في ظل الفوضى العارمة التي تشهدها البلاد وفشلت معها جميع الجهود الداخلية لتسوية الأمر والوصول للتسوية السياسية التي تعيد الاستقرار للمنطقة.. وفي تقديرى أن مجلس العموم البريطاني إستطاع أن يقف موقفاً قوياً في التوقيت المناسب يمكن أن يحدث تحولاً كبيراً في المشهد السياسي السوداني في حال وجد تأييداً من الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن.. فحق النقض (الفيتو) تسبب في إجهاض الكثير من القرارات المهمة تجاه بعض الدول وبعض الرؤساء نسبة لتغليب هذه الدول لمصالحها السياسية على مصلحة القضايا المقدم حولها هذه القرارات لمجلس الأمن.. وكانت منظمة العفو الدولية طالبت هذه الدول بالتخلي عن استخدام حق النقض فيما يختص بالقرارات المقدمة لمجلس الأمن والخاصة بجرائم الإبادة الجماعية وانتهاك حقوق الإنسان ويبدو أن روسيا والصين اللتان تربطهما مصالح بالحكومة السودانية يمكنهما أن يكونا حجر عثرة في طريق القرارات التي يمكن أن تقدم من قبل بريطانيا تجاه الحكومة السودانية إذا لم يستطيعا تفهم الوضع في السودان ووصوله إلى مرحلة لن يفيد معها إجهاض القرارات لصالح استقرار البلاد داخل مجلس الأمن.. صحيح أن البلاد تحتاج بشدة إلى دعم المجتمع الدولي لعبور هذه المرحلة بسلام ويمكن تحقيق ذلك عبر الضغوط التي يمكن أن يمارسها مجلس الأمن بتفهم الدول دائمة العضوية.. ولكن في حال إفشال جهود بريطانيا عن طريق أي من هذه الدول باستخدام حق النقض سيحدث أيضاً التغيير من الداخل مع اختلاف الأسلوب والتوقيت.. سيدفع الشعب والبلاد ثمناً باهظاً لهذا التغيير الذي لا مفر منه وستتضرر مصالح هذه الدول أيضاً بصورة أو بأخرى.. قبل أن تتخذ بريطانيا هذا الموقف (الصارم) بزلت مجهودات ضخمة في محاولة منها إلى إيقاف الحروب وإحداث التحول الديمقراطي وتحقيق السلام الداخلي بعد قطيعة منذ مطلع الثمانينات وحتى مطلع التسعينات قبل أن تستأنف علاقاتها ونشاطها مرة أخرى بالبلاد لتعاود القطيعة مرة أخرى على إثر مواقف الحكومة المتقلبة لتستأنف علاقاتها مرة أخرى عقب انفصال الجنوب بنشاط مكثف في القضايا الإنسانية وتواجه مرة أخرى بمواقف الحكومة المتشددة تجاهها مع تراجع شديد للحكومة في الملف الإنساني وملف الحريات وتدهور الأوضاع في البلاد دون أمل في الإصلاح.. فهل تنجح بريطانيا في مساعيها لتغيير المشهد السياسي في البلاد واستقطاب الدول الأخرى التي تدعم قراراتها..؟؟

Exit mobile version