جمال علي حسن

حلم المعارضة في مهب العاصفة


المعارضة السودانية لم تتعود على التمييز بين مواقف الحكومة بمعايير موضوعية فهي حين تنتقد النظام تنتقده من أعلى رأسه إلى أخمص قدميه وهذا هو الخلل الكبير في منهج المعارضة السودانية خاصة في تعاملها مع مواقف السودان الخارجية ورهانها الكبير على عزلة السودان عن محيطه الإقليمي والدولي باعتباره أحد عوامل إضعاف الحكومة السودانية.
فحين كانت علاقات السودان مع بعض دول الجوار العربي تسودها حالة من الفتور والجفوة بسبب خياراته الخارجية كان موقف المعارضة يحاول اللعب على هذا الوتر بل اختارت الكثير من كوادر المعارضة مباشرة عملهم من القاهرة ودبي وبعض عواصم الخليج العربي، وقطع خطوط تواصلهم مع الطرف الآخر حتى ولو كانت لديهم علاقات خاصة وقديمة معه مثل علاقة الإمام الصادق المهدي مع إيران وعلاقات حركة حق اليسارية مع بعض الدول العربية، انقلب الصادق في الفترة الماضية على إيران مائة وثمانين درجة وصار يطلق تصريحات لتنبيه وتحريض دول الخليج على الحكومة في علاقاتها مع إيران، ولم يكن يتوقع أو يضع في حسبانه أن تفعلها الخرطوم وتعود للتحالف مع السعودية ودول الخليج العربي لتتبعثر أوراق الصادق المهدي في الهواء وتعصف بها عاصفة الحزم فلا يعرف هل المطلوب منه تأييد ودعم موقف السودان أم تأييد عاصفة الحزم دون الإشارة الى مشاركة السودان أم معارضة الخطوة والعودة لمن كانوا قد استقبلوه في طهران في أولى زياراته الخارجية بعد توليه منصب رئيس وزراء السودان وسمح بإنشاء المركز الثقافي الإيراني في الخرطوم عام 1988 والذي أغلقه البشير مؤخراً..
إن التطور الجديد في علاقة السودان مع المملكة العربية السعودية والإمارات ودول الخليج يزيد من تعقيد موقف المعارضة ويزيد من تعقيد وتصعيب مهمتها ومشروعها لإسقاط النظام.
فقد كان خطاب المعارضة يراهن على ثلاثة محاور الأول هو المحور الاقتصادي بالرهان على أن تتسبب الضغوط الاقتصادية في إحداث ثورة شعبية تنجح في إطاحة النظام أما الرهان الثاني والثالث فهما عزلة السودان الخارجية وتوسيع نطاق العمل المسلح.
الآن يستند السودان على حلفاء بإمكانهم التعاون مع الحكومة بفعالية لفك الضائقة الاقتصادية وبإمكانهم دعم الحكومة في حربها على التمرد وتلقائياً يزول وينتفي الرهان الأخير على عزلة السودان..
قوى المعارضة السودانية في موقف صعب حقيقة فقد كانت الخطوة الفورية التي اتخذتها الحكومة بالمشاركة في قوات عاصفة الحزم خطوة بالغة الذكاء وفائقة التأثير على أوضاع الحكومة الداخلية والخارجية وموقفها العام.
الخيار الوحيد أمام قوى المعارضة هو اغتنام أول فرصة متاحة وأول طاولة حوار لتحقيق إتفاق وتسوية سياسية شاملة.. وكذلك الجبهة الثورية والحركات المسلحة ليس أمامها الآن إلا وقف الحرب أو تقبل الهزيمة.
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.