انشقاقات سودانية أصيلة
(حزب الأمة القومي، حزب الأمة المتحد، حزب الأمة الفيدرالي، حزب الأمة جناح الإصلاح، حزب الأمة القيادة الجماعية، حزب الأمة التيار العام، وحزب الأمة جناح نداء السودان)، هذه هي أقسام حزب الأمة أحد أهم وأكبر وأعرق الأحزاب السودانيه، لكن ليس الأمة وحده، أُنظروا إلى صنوه الآخر (الاتحادي الديمقراطي) سترون العجب! أحسبوا معي وتأملوا (الاتحادي الأصل، الاتحادي المسجل جناح الدقير، جناح تيار الإصلاح، الاتحادي الموحد).
ثم تعالوا إلى تنظيم الإخوان المسلمين، جناحي الترابي وصادق عبد الله عبد الماجد (جبهة الميثاق والإخوان المسلمين)، ثم الجبهة الإسلامية القومية والإخوان، ثم المؤتمر الوطني والشعبي، ثم حزب التحرير والعدلة (بناني)، ثم (العدالة القومي – بناني)، ثم تشظى هذا، ثم الإصلاح الآن، ثم تشظى أيضاً. ولم يسلم الشيوعي، ولم تسلم الحركة الشعبية، ولم تسلم جبهة الشرق، ولم تسلم العدل والمساواة، ولم تسلم حركة تحرير السودان، ولم يسلم السودان كله.
وبناءً على ذلك، كان ينبغي أن يقدم لنا الأكاديميون والباحثون في العلوم السياسية وعلوم الاجتماع والثقافة دراسات معمقة حول حالات الانقسام والتشظي ورفض الآخر المختلف التي وسمت الحياة الاجتماعية والسياسية في السودان عبر تاريخه المديد، حتى يتسنى للأجيال القادمة استيعاب الحقائق والأسباب، كما هي دونما إنكار لها أو تعمية عنها.
بالمناسبة حتى شراكات البيزنس عندنا، ما إن يطل صبح اليوم التالي لانعقادها حتى تنفض وتتحول من شراكة تجارية ربحيِّة إلى حرب ضروس تراق على جوانبها الشتائم ثم تنتهي إلى الجرجرة إلى المحاكم، ودونكم في ذلك مثال واضح في شراكات الصحف وجل المؤسسات التجارية الكبيرة والصغيرة.
لا يستطيع جل السودانيين أن يعملوا ضمن مجموعات، أو أن يعقدوا شراكات بمنظور استراتيجي قائم على المصالح، حتى إذا ما انفضت يكون انفضاضها ناعماً وسلساً كونه ناتجاً عن مصلحة.
وفي هذا السياق، يُرجع بعض المجتهدين القلائل من الباحثين الأكاديميين هذا الأمر إلى أسباب متصلة بالبنية الثقافية التربوية للمجتمع السوداني، إلا أنه إلى الآن لم تُنجز دراسات (مكربة ونجيضة) في هذا الصدد، لكن غياب مثل هذه الدراسات لا يعفي من عدم إدارة حوار حولها.
على كلٍّ، فإن الناظر إلى أحوال الأحزاب المتشظية، لا يجد فرقاً كبيراً بين جزيئاتها، فهي لا تملك برامج ولا آيدولوجيا، ولا تملك كوادرها مؤهلات حقيقية تمكنها من عقد تحالفات واسعة مع آخرين مناظرين لها، وإنما تلعب المصالح الشخصية الضيقة الدور الأهم والأبرز في تلك الانشقاقات غير الضرورية. كما أن البنيات التنظيمية والفكرية للأحزاب السودانية كافة، بما فيها الحركات العنيفة لا تحتمل وجود تيارات متضادة في حزب واحد، ويعدون ذلك خروجاً وكفراً وإثماً، فيقمعونه قمعاً ربما يصل أحياناً إلى حد إفنائه.
الآن، قولوا لي، ما الفرق بين المؤتمريْن الوطني والشعبي والإصلاح الآن والإخوان المسلمين، وما الفرق بين الصادق ومبارك ومادبو ونهار ودقنة، وما الفرق بين موسى وآمنة، وبين أبو قردة وجبريل وخليل وبينه والسيسي (لاحقاً)، وهكذا قس ثم امضِ بالمقاربة إلى نهايتها القصوى، أراهن أنك لن ترى غير المصلحة الشخصية فقط.