الطاهر ساتي

إغترار ..!!


:: يوم أحد، إنتصر الجيش المسلم على جيش المشركين لحد التفكير في (جمع الغنائم)..ولكن الرماة فوق الجبل خالفوا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتركوا موقعهم ونزلوا إلى ميدان المعركة ل (جمع الغنائم)..فجمع الجيش المهزوم بعض أفراده، ثم إستدار من خلف الجبل، وباغت جنود الجيش المنتصر بالسيوف والرماح و النبال وهم (يجمعون الغنائم)، فتحول النصر إلى هزيمة ..وتفسير الفقهاء لهذه الهزيمة ( مخالفة أمر رسول الله)، أما تفسير العساكر ( مخالفة التعليمات)، وبينهما تفسير آخر يؤكد أن ما بين الإنتصار والهزيمة – في كل مناحي الحياة – شعرة مسماة ب (الإغترار )..وقديماً قالوا : الإغترار مصيدة الشيطان ..!!

:: والله أعلم، ولكن من واقع الحال ، ورغم أنهم لايشبهون أهل أحد ولا يتشبهون به، يبدو أن آفة الإغترار قد أصابت ساسة الحزب الحاكم منذ مشاركة السودان – سياسياً وعسكرياً- في تحالف عاصفة الحزم بالخليج .. وعلى سبيل المثال، نقرأ ما يلي بالنص : ( نرفض المشاركة في الملتقى التحضيري للحوار المقام بأديس أبابا في نهاية الشهر الجاري، ولن ننشغل باجتماعات هذا الملتقى التحضيري وغيره، و لن نذهب إلى أديس أو مكان آخر قبل الإنتهاء من الإنتخابات)، الدكتور مصطفى عثمان اسماعيل، رئيس القطاع السياسي بالحزب الحاكم.. هكذا موقف الحزب الحاكم من إحدى محطات الحوار والتفاوض، وهو موقف – للأسف – غير صائب ..!!

:: فالجهة المنظمة للملتقى( الألية الأفريقية)، وهي الألية المكلفة – من قبل الإتحاد الإفريقي وبمباركة الأمم المتحدة – بإدارة ملف الحوار والسلام..ومن يشكلون حضوراً بأديس في هذا الملتقى التحضيري – منذ السبت الفائت – هم ممثلي الجبهة الثورية بكل حركاتها المسلحة و حزب الأمة القومي..ومن أهداف هذا الملتقى التحضيري تقريب المواقف الخلافية بين الحكومة وقوى المعارضة الرافضة للحوار الوطني والسلام..وكل المناسبة بمثابة خطوة نحو الحوار المرتجى والسلام المنشود، فلماذا يرفضها الحزب الحاكم بتبرير غير منطقي، وهو المسمى – في تصريح اسماعيل – بالإنتخابات؟..لماذا الرفض ..؟؟

:: فالإنتخابات ليست بأولية لحد تقديمها على ( السلام)، فالشعب يفتقد السلام وليس نظام منتخب أو غير منتخب.. ثم الإنتخابات لا تعيق مسار ملتقيات النقاش والتفاوض، فالحكومة ليست شخصاً بحيث تكتفي طاقته بإنجاز مهمة وتصرف النظر عن إنجاز المهام الأخرى، وليس هناك ما يمنع الحكومة عن المضي في مسارين ( الملتقى والإنتخابات)..وإن كان الحزب الحاكم – كما قال مصطفى – يرى أن أطراف الملتقى قد تشترط على الحكومة إلغاء الإنتخابات، فالوفد الحكومي غير مقيد بقبول ورفض الشروط.. أي كان على الحكومة أن تشارك في هذا الملتقى التحضيري، وتستمع إلى كل محاور النقاش، ثم تقبل وترفض كما تشاء، أو كما تفعل وفودها في كل الجولات ..!!

:: المهم، هذه الإنتخابات الوارد ذكرها في تصريح مصطفى كمبرر لفرض المشاركة في الملتقى التحضيري (مجرد شماعة)، و كلمة مراوغة مراد بها ( اللف والدوران)..فالحكومة – منذ أسابيع – تبدو على ملامحها بعض مظاهر الإنتصار، فالسواد الأعظم من الشعب يناصرها في (عاصفة الحزم)، وعلاقتها بالدول العربية (سمن وعسل)، ولذلك تغتر و تتناسى أمر الحركات المسلحة و المعارضة الرافضة للحوار الوطني وتشغل ذاتها بجمع (غنائم عاصفة الحزم).. فمن يخبرها بأن الإغترار (مصيدة الشيطان)، و أن الإستدارة من خلف الجبال دائما ما تحول الغنائم إلى هزائم ..؟؟