حواة حاويات المخدرات
قضية حاويات المخدرات الخمس هل تذكرونها، هذه القضية الآن انتهت إلى لا شيء سوى إبادة وحرق كميات المخدرات المهولة التي تم ضبطها و(يا حمامة مع السلامة ظللت جوك الغمامة)، بعد صدور الحكم القضائي بتبرئة ساحة جميع من اتهمتهم الشرطة وقدمتهم للمحاكمة، ولسنا هنا لإدانة أبرياء أو للتعليق على أحكام القضاء، فالقاضي يحكم بناءً على ما يعرض أمامه من حيثيات ويقف عليه من إفادات، إن وجد فيها ما يدين أصدر حكم الإدانة وإن لم يجد لن يدين. وعلى كل حال هذه قضية أخرى ليست موضوعنا الآن، الموضوع الآن من هو هذا المجرم والجاني الذي جلب هذه البلاوي إلى البلاد، لا بد أن هناك مجرماً أو مجرمين وراء هذه الجريمة النكراء، فالمؤكد أنها لم تهبط من السماء أو أن أبالسة وشياطين من الجن هم من أتى بها، لا بد أن هناك بشراً غير أسوياء كانوا وراء هذا السوء الماحق، فمن هم شياطين الإنس هؤلاء طالما أن المحكمة برأت كل المتهمين من قبل الشرطة، هذا هو الموضوع الذي يبقي هذه القضية حية ومفتوحة وكأنها لم تنظر بعد..
من عجائب هذه القضية الخطيرة التي قال فيها صدقاً البروفسور حسن مكي، إنها من أخطر القضايا التي واجهت البلاد وأخطر من انفصال الجنوب، وأخطر من حروب السودان كلها، لأنها حرب على الداخل. ولم يستبعد أن تكون هدية مدسوسة من إسرائيل، من عجائب قضية بكل هذه الخطورة استهدفت شعباً بحاله وخصوصاً شبابه لتحيله إلى أمة من الحشاشين والمساطيل، يتم تجاهلها ونسيانها لمدة تقارب العام حتى نسيها الناس رغم الضجة والهزة التي أحدثتها في حينها، مع أن قضية بهذه الجسامة وحجم الدمار الذي كانت ستلحقه بالبلاد كانت كفيلة بأن توقف دولاب الدولة كله على رجل واحدة، وجزى الله البروفسور حسن مكي خيراً، إذ كان هو من أزال عنها ركام النسيان والتجاهل بعد طول نسيان، ليسمع الناس بعدها عن متهمين تم القبض عليهم وعن محكمة ستنعقد لهم، ثم أخيراً ينتهي الأمر إلى لا شيء (فص ملح وداب) أو فورة أندروس وخمدت، والسلام ختام، حيث لا يزال هؤلاء المجرمون العتاة قساة القلوب (مجهولين)، فرفعت الأقلام وجفت الصحف على الأقل في هذا الزمان، لأن قضية بهذا المستوى من البشاعة، لن تموت ولن تطوى صحائفها وستظل مفتوحة ولو إلى يوم الدين، الذي لن يفلت فيه مجرم، مهما كان حويطاً أو حصيناً أو محصناً ضد الكشف، فذلك يوم تبلى فيه السرائر وينكشف المستور…