بعد قول الرئيس (شن قول مدير الشرطة)
ظللت أتابع بإعجاب منذ مدة إصرار معاشيي الشرطة من الرتب الأخرى (رتبة المساعد فما دون) على نيل حقهم في استبدال المعاش الذي حرمتهم منه سلطة تقديرية لمدير عام الشرطة، وحقاً من قال حقي فقد غلب، وما ضاع حق وراءه مطالب، وسبحان الله، فبالأمس وبعد أن استمعت لنفر من هؤلاء المعاشيين عن حجم المعاناة التي يكابدونها بعد تقاعدهم واعتمادهم الكلي على المعاش، وفي الحقيقة لم أكن في حاجة لأي توضيح كلام إنشائي منهم على بؤس حالهم، فالمعاناة واضحة وبائنة على وجوههم المتعبة وأجسادهم الناحلة بياناً بالعمل، أقول سبحان الله، فبعد مغادرة هذا النفر المعاشي مكتبنا المتواضع، وعودتي لتصفح صحف الأمس، كان أول ما وقع عليه بصري في الغراء (آخر لحظة) مقولة سديدة من الرئيس في حق المعاشيين؛ أطلقها بين يدي لقائه بهم في إطار حملته الانتخابية، جاء فيها (عيب على الدولة إنو إنسان خدمها لغاية ما نزل المعاش وما عندو بيت يأويهو ويأوي أسرته، وعيب على الدولة انو إنسان أعطى ثمرة شبابه للبلد والبلد ما تقيف معاهو عشان تضمن ليهو العيش الكريم، والكلام دا ما بنقولو دعاية انتخابية وإنما هي مسؤولية أمام الله)، كان هذا ما قاله الرئيس في حق جموع المعاشيين، ولننظر ماذا قال مدير عام الشرطة في حق المئات من معاشييه الذين سلب حقهم في الاستبدال بسلطة تقديرية.
السيد مدير عام الشرطة وفي تصريحات صحفية منشورة، يقول تعليقاً على قضية هؤلاء المعاشيين (إن قانون معاشات ضباط وضباط الصف وجنود الشرطة لعام 1995م الفصلين الخامس والعاشر، نص على جواز استبدال جزء من معاش الضباط أو صف الضباط بحد أقصى لا يتجاوز الثلث، وهذه سلطة جوازية للمدير العام واستخدامها بصورة عامة لكل المتقاعدين من رجال الشرطة، هي التي سببت المشكلة التي استعصى حلها، الأمر الذي اضطرنا لطلب تدخل الرئيس، هذا فضلاً عن أنها كانت تحمل في طياتها جملة من المشكلات، أولها تساقط القوة، فقد لاحظنا أن رجال الشرطة يتقاعدون بمجرد إكمال السن المطلوبة للمعاش اختيارياً، لصرف هذه المستحقات والعودة مرة أخرى للخدمة في رتبة أقل، كما أن تأخر دفع المستحقات أفرز واقعاً سيئاً؛ يتعلق ببيع هذه المستحقات بمبلغ فوري زهيد، مما يمثل استغلالاً سيئاً للشرطي المتقاعد، ولهذا أصدرنا توجيهاً فورياً بإيقاف صرف استبدال المعاش لضمان استقرار القوة). الواضح من حديث المدير هذا أن الكلمة المفتاحية فيه هي (لضمان استقرار القوة)، وعليه ولضمان هذا الاستقرار اتخذ قراراً حجب الاستبدال الذي وقع على رؤوس هؤلاء المعاشيين، ولا أحد بالطبع ضد استقرار القوة، ولكن ألم يكن الأجدى والأجدر بالمدير أن يسعى لتحقيق مكاسب أخرى للشرطة تغري الأفراد وتضمن استقرار القوة، بدلاً من سلبها مكاسب مكتسبة ربما تنفر أكثر مما تجذب.