آه.. يا وطن.!
استطلاع أجرته صحيفتنا وسط أصحاب العمل في المنطقة الصناعية أمدرمان فيما يختص بقضية قطوعات الكهرباء المستمرة التي تتعرض لها المنطقة الصناعية منذ أكثر من شهر.. أكثر من ست ساعات انقطاع كامل للكهرباء تسبب في إيقاف نشاط المحلات والمصانع والشركات العاملة بتلك المنطقة.. شركة الكهرباء ترجع الأسباب لعطل فني.. وبعض أصحاب الأعمال هناك يتهمون أيادٍ خفية تقف خلف هذه البرمجة (الغريبة) وبعضهم فسر أن هذه الأيادي الخفية شركة تتاجر في المولدات الكهربائية (وبالتأكيد لديها صلة بمتنفذين) تحاول دفع أصحاب الأعمال لشراء هذه المولدات.. ما يعني أن الموضوع كله يتم لتسويق مولدات (بايرة).!
أياًَ كان السبب على الرغم من أن موضوع (بلطجة المتنفذين) أصبح يسيطر على المشهد العام.. فإن انقطاع الكهرباء عن منطقة حيوية ومهمة ومن أكثر المواقع تحريكاً للإنتاج في البلاد يعتبر أمراً خطيراً يستدعي تدخل الوالي بصورة عاجلة لرفع الضرر عن البلاد قبل العباد الذين يسترزقون من هذه الأعمال ويعتمدون عليها بشكل أساسي في تسيير أمورهم الحياتية.. ماذا تبقى للدولة غير هذه الأعمال الصغيرة في تحريك الإنتاج ودعم اقتصاد الدولة واستيعاب العاطلين عن العمل وبالتالي تقليص الجريمة وحماية المجتمع.. لقد أوقفت كل المشاريع الإنتاجية في الدولة لأسباب كلها تتعلق بالحكومة.. إما بسبب الضرائب والرسوم المتعددة.. وإما بسبب غياب الدعم الحكومي، وإما بسبب قطوعات الكهرباء أو عدم وجودها من الأصل وشح المواد البترولية وأخيراً مع التطور ظهور رجال الأعمال الجدد و(كنس) كل من يدير نشاطاً تجارياً مربحاً بآليات لا يملكها إلا المتنفذون.. فتوقفت الزراعة وأغلقت المصانع أبوابها وهدمت شركات كبرى كل ذنبها أنها تمسك بتجارة ناجحة يحق فقط (للأسياد) العمل بها وعلى عبيد الدولة التقهقر تحت (أسيادهم).. غابت أسماء معروفة من السوق لرجال أعمال (كبيرة وصغيرة) وحل محلهم رجال أعمال جدد وشركات حديثة برؤوس أموال يشيب لها شعر الرأس.. شركات (من يومها) تولد كبيرة كبر الموقع السيادى والسياسي.. وليتها تضيف للاقتصاد السوداني وتدار برؤية وطنية.. كم عدد الذين خطفت أعمالهم وصفقاتهم وبجانب ذلك نالوا (الصفعات). كم عدد الذين يخوضون الآن حرباً شرسة من رجال الأعمال محورها الدفاع عن محاولة (سطو) على هذه الأعمال من قبل متنفذين.. وكم الذين تم تهديدهم ومساومتهم (على عينك يا تاجر) بالخروج من السوق دون خدش قبل أن يصيبهم (الخدش).. وكم وكم من العجائب التي تحدث الآن في وطني و(بمجاهرة) بطغيان ودون خوف حتى من الله سبحانه وتعالى.!
كل هذا يحدث أمام نظر الجهاز التشريعي والرقابي والقوى السياسية و(بمباركتهم). وفي أحيان كثيرة (بمشاركتهم).. لهذه الأسباب البلاد الآن تلفظ أنفاسها الأخيرة.. ولهذه الأسباب فقد الشعب السوداني الأمل في الإصلاح.. البلاد تسير في طريق (الذهاب دون رجعة) والفساد أصبح سرطاناً سيطر على جسد الدولة في مراحله الأخيرة يصعب استئصاله.. والجميع يخوضون في نزيف الدولة بأقدامهم وتتصارع أياديهم من فوق لاقتلاع المصالح الخاصة. وآه يا وطن ضاعت معالمه ويا شعب فقد الطريق.